سفير يستدعي الدولة !!

من المعلوم والسائد في الأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية أن السفارات المنتشرة في كل دولة من دول العالم تقوم بمهامٍ دبلوماسية الهدف من وجودها تمثيل دولها وحكوماتها وذلك تبعاً لإتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية -1961- التي أصبحت منذ ابرامها الدستور المعتمد من قبل كافة دول العالم الموقعة عليها وقواعدها واجبة التطبيق.

وإحدى أهم المهام المنوطة بالسفارات هي ما يقوم به سفير كل دولة من نشاط دبلوماسي ناقلاً ما يكلف به من ملفات تخص دولته بأمانةٍ إلى الدولة التي يُنتدب إليها بالإضافة إلى تبلغ المواقف الصادرة عن الدولة التي يُنتدَب إليها إلى حكومته، وكل هذا بهدف التنسيق بين الدول التي ترتبط ببعضها بعلاقات دبلوماسية من المفترض أن تكون ودية وتتوخى احترام قوانين وسيادة الدول لبعضها البعض في إطار اتفاقية فيينا المنوه عنها أعلاه وشرعة الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية المرعية الإجراء .
ويحدث أحياناً بعض الأزمات التي تطرأ بين دولتين حيث يتم استدعاء السفير من قبل الحكومة ممثلة إما بوزير خارجيتها أو أحد كبار الموظفين لديها لإبلاغ السفير الموقف من الأزمة أو الحادث الذي يمكن أن يؤثر سلباً على علاقة البلدين لا سيما ما يتعلق بمصالح مواطني هذه الدولة أو أمنهم .
 ويُعتبر استدعاء السفير إلى وزارة الخارجية حسب الأعراف السائدة دولياً موقفاً بحد ذاته بغض النظر عن مضمون الرسالة المبلغة إليه لنقلها إلى حكومته .
انتظرنا عقوداً موعد التبادل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا وقد حصل ذلك بعدما تمنعت سوريا منذ الاستقلال عن تنفيذ هذا الإجراء لاعتبارات أفصحت عنها في أكثر من مناسبة مفادها أن لبنان الوطن هو كيان مصطنع بفعل الاستعمار .
ولم تتوقف يوماً عن محاولة ضمه سالكةً في سبيل ذلك كل دروب الشر والفتنة وتحريض اللبنانيين بعضهم على بعض والمساهمة الدائمة في اختلال التوازن الطائفي والمذهبي .
ولم يكن اعتراف النظام السوري بلبنان الوطن إلا شكلياً وذلك بغية فك عزلةٍ عربية ودولية فرضت على هذه الدولة بغية ردعها عن التلاعب بمصير دول وشعوب هذه المنطقة المضطربة .
واقول ان الاعتراف شكلي لأن النظام السوري استمر متدخلاً في شؤون لبنان الداخلية ضارباً عرض الحائط كل القوانين والأعراف السائدة دولياً .

وأكثر من ذلك أطل علينا السفير السوري منذ أيام معدودة من على منبر وزارة الخارجية اللبنانية مدلياً بتصريح يعبر فيه عن استياء النظام السوري من تقاعس الدولة اللبنانية عن القيام بواجب ضبط الحدود، متحدثاً عن مسؤولية لبنان حيال كل ما يجري على الحدود اللبنانية السورية التي رفض النظام السوري لغاية هذا التاريخ ترسيمها، ولم يتوقف يوماً عن عبورها تاركاً وراءه الكثير من المواطنين اللبنانيين ضحايا على شاكلة ما جرى مؤخراً من إطلاق النار على ثلاثة صيادين لبنانيين أمام ساحل لبنان الشمالي ما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة آخر وأسر ثالث وسحبهم إلى الأراضي السورية ومن ثم تأنيب الدولة اللبنانية على لسان السفير السوري هكذا بكل وقاحة مستعملاً المكان الذي كان يفترض ان يحمّله رسالة احتجاج شديدة اللهجة ومطالبته بالتعويض بعد التوضيح والإعتذار .
مع سوريا النظام الأمور دائماً معكوسة ولكن ما بالك يا معالي وزير خارجية لبنان تستقبله ( أي السفير السوري) وربما تعتذر منه بعد أن قتل نظامه مواطنيك واعتلى منبرك ليكابر عوض أن يعتذر ويعتدي بدل أن أن ينكفئ ويَستدعي بدل أن يُستدعى .
لا والله لم يكن ليجرؤ لا هو ولا غيره من الدول لو لم يلقَ ترحاباً من قبل بعض أهلنا في هذا الوطن على حساب الكرامة الوطنية . 

السابق
الطقس غائم مع أمطار متفرقة وثلوج على المرتفعات
التالي
دو ميستورا: قلقون حيال الأقليات في لبنان