روسيا تُراقب وتلوّح بطرح مشروعها الازرق للتصويت

هل بدأت معركة الحسم السورية؟ سؤال بدأت الإجابة عليه تلوح في أفق المعالجات التي تتبعها الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية والعسكرية بعدما شكل خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الأخير غطاء سياسياً لها، إذ أعلن الانتقال من رد الفعل من خلال الدفاع عن النفس الذي تخوضه قوات حفظ النظام الى مرحلة الفعل بعدما تمادت الجماعات المسلحة في التطاول على الناس وأمنهم.
وتقول مصادر سياسية عربية إن رد الفعل السوري على مقررات أو توصيات اللجنة الوزارية العربية التي صدرت نهاية الاسبوع الماضي لن يكون سهلا، ذلك أن ما أعقب خطاب الرئيس السوري من اتجاه لحسم الأمور كان واضحاً كما ظهر ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية وليد المعلم الذي أكد بدوره على الخيار الأمني في رده على أسئلة الصحافيين، وفي ذلك إشارة الى أنه سيتم التعامل مع الجماعات المسلحة بأسلوب مغاير لذلك الذي اتبع منذ اندلاع الأحداث في آذار العام الماضي.
تضيف المصادر، أن الحكومة السورية والأجهزة الرسمية أعطت الفرصة كاملة أمام رعاة تلك الجماعات ليعودوا عن دعمهم لها، كما أن الحكومة استطاعت أن تثبت للعالم أجمع لجوء ما يسمّى المعارضة الى استخدام السلاح وكشفته أمام الرأي العام الدولي بعد أن ادعى أن تلك المعارضة سلمية.  ورجحت المصادر، أن يكون الاتجاه للحسم في سورية يستند الى دعم دولي توفره روسيا في مواقفها كما في نصائحها التي توجهها الى الحكومة السورية بعدما ثبت بالدليل أن المعارضة لا تنفك تلجأ الى السلاح، عدا عما توافر من معلومات عن اتفاق سري قطري ـ سعودي لتمويل المعارضة السورية ومدها بالسلاح ليس فقط عن طريق تجارة السلاح الدولية إنما ايضا من خلال فتح مخازنها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة واعتماد الطرق نفسها التي اعتمدت في تسليح المعارضة الليبية وإدخال السلاح عبر الحدود لا سيما من تركيا ولبنان، إلا أن الخيار الثاني لم ينضج بعد بسبب القبضة الحديدية للجيش اللبناني على الحدود الشمالية ناهيك عن القرار السياسي اللبناني "المحرج" بعض الشيء والذي جرى التعبير عنه بما عرف بسياسة "النأي" بالنفس عن الأزمات المطروحة لا سيما الملف السوري، في حين أن الجماعات اللبنانية المؤيدة للمعارضة السورية وجماعاتها المسلحة لم تستطع تهيئة المسرح كما تشتهي لمد حلفائها في سورية بما يحتاجون إليه رغم الدعم الذي توافر لهم من الدول الراعية للتخريب في سورية.
وتلفت المصادر الى أن البيان الذي صدر عن "المجلس الوطني السوري" ووجه الى الحلفاء في لبنان والرد عليه من قبل قوى "14 آذار" وتشكيلاتها يثبتان أن سياسة "النأي" المعتمدة من قبل بعض اللبنانيين إنما تفسح في المجال أمام هؤلاء لرعاية التخريب في سورية، وهذا ما سيكلف لبنان غالياً في ما لو استمر.
وفي السياق السوري ايضا، تقول المعلومات الواردة من العاصمة السورية إن الأجهزة الأمنية السورية بدأت الحسم في مناطق ريف دمشق في الغوطة التي جرت السيطرة عليها بالكامل حيث القي القبض على عناصر مسلحة كانت تحاول إقامة حواجز والتعدي على الممتلكات الخاصة والعامة، إضافة الى تطويق كل الإشكالات في حرستا ودوما. في حين أكدت المعلومات أن منطقة الزبداني لم يحصل فيها أي إشكال مذ عززت القوى الأمنية السورية من وجودها فيها.

روسيا ومعركة النظام العالمي الجديد
توازياً، تواصل روسيا التأكيد على مواقفها ودعمها الدولي لسورية وخصوصاً رفضها المطلق لاتخاذ أي قرار في مجلس الأمن الدولي ضد سورية وكذلك رفضها لأي عقوبات قد تفرض عليها.
ووفق مصادر سياسية متابعة للموقف الروسي يمكن اعتبار ان المعركة الدائرة الآن هي ليست فقط على مستوى سورية فحسب، وانما على مستوى تشكّل النظام العالمي الجديد، ومن هنا فانها غير مستعدة ـ روسيا ـ لاي مغامرة بخسارة مع سورية.
وتؤكد المصادر ان روسيا سترفض طرح اي مشروع على التصويت يتعلق بالوضع السوري قبل مشروعها المقدم منذ ما يقارب الشهرين، وهو مكتوب بالحبر الأزرق، ما يعني وفق بروتوكول مجلس الأمن امكانية طرحه للتصويت في أي لحظة.
وتشير المعلومات، في هذا الاطار ايضا، الى محاولات تجري بين قطر والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة لاستبعاد سفر رئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد الدابي الى نيويورك خشية الاستماع الى مداخلته التي باتت معروفة المضامين.
مشروع غير مقبول
وفي هذا السياق، جددت روسيا أمس رفضها لمشروع القرار الغربي ـ العربي المقدم الى مجلس الأمن حول سورية معتبرة انه "غير مقبول".
وأعلنت أنها "ستعطل أي قرار دولي يصدر عن المجلس يدعو الرئيس السوري بشار الأسد الى التنحي".
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ان موسكو "لن تدعم اي مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يدعو الرئيس السوري بشار الأسد الى التنحي".
وقال: "القرارات حول التسوية السياسية في سورية يجب ان تقر، من دون اي شرط مسبق. ولا يمكننا ان ندعم اي قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو الى رحيل الأسد".
وأشار الى أن مشروع القرار الروسي المطروح في مجلس الأمن يركز، خلافا للمشروع الغربي، على ضرورة بدء العملية السياسية بين الحكومة والمعارضة في سورية، ويتضمن الدعوات الى أن توقف كل الأطراف العنف ونحن مستعدون أيضا لإدخال الاضافات المناسبة الى نصنا شريطة أن تتجاوب هذه الاضافات مع مهمة تفعيل العملية السياسية والتي سيعرب فيها عن الدعم لنشاط مراقبي بعثة جامعة الدول العربية لاحقا.
وأوضح ان مشروع القرار المقدم الى مجلس الأمن جرى إعداده من قبل الفرنسيين في البداية، ولكنهم عمدوا الى تقديمه الى بلدان عربية وبصورة خاصة الى المغرب التي ستطرح هذا المشروع في المجلس وترد الاشارة في مشروع القرار الى خطة المجلس الوزاري العربي حول سورية.

ملفات واتصالات
على الصعيد المحلي بقيت المواقف على حالها من التشنج، كما الملفات المفتوحة معلقة بانتظار نجاح الاتصالات الرامية إلى التهدئة لمقاربة الأمور بروح من الحكمة والهدوء.
ويشكل الاجتماع المرتقب لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل مادة اختبار لما سيكون عليه الوضع السياسي في المرحلة المقبلة، ولا سيما أن موضوع الكهرباء بلغ حد التوتر العالي بين الأفرقاء على مختلف مستوياتهم، إضافةً إلى مادة المازوت التي تنذر باشتعال نار سياسية قوية في ضوء وضع ديوان المحاسبة اليد على فضيحة تهريب وبيع هذه المادة في السوق السوداء عشية رفع الدعم عنها.
دفعة دبلوماسية
ورغم هذه الأجواء الساخنة داخل البيت الحكومي، فإن مداولات ومشاورات جرت وتجري من أجل تجاوز حالة المراوحة القائمة في شأن التعيينات، خصوصاً بعد الرسائل التي وجهها الرئيس بري أخيراً في هذا الصدد، وإعرابه عن استيائه من استمرار هذا الوضع.
وعلمت «البناء» في هذا الصدد أن بحثاً جرى في الساعات الماضية، يفترض أن يستكمل في اليومين المقبلين على أمل تحرير دفعة من التعيينات، ويرجح أن تكون على الصعيد الدبلوماسي.
مع الإشارة إلى أن اجواء الحذر بقيت قائمة، بسبب ارتفاع وتيرة الانتقادات الموجهة أمس من الرابية إلى قصر بعبدا.
الموازنة
وسيضاف إلى هذه الملفات الساخنة، ملف الموازنة في ضوء ما سيقدمه رئيس الحكومة ووزير المالية من رؤية جديدة لمقاربتها من قبل الوزراء.
وفي هذا الإطار، شكك مصدر وزاري في أن يصار إلى إقرار الموازنة في وقت قريب كونها تحوي نتوءات وثغرات لا يمكن تجاوزها، وأن هذا الأمر ربما يتطلب صولات وجولات في النقاش، لأنه لا يمكن المرور على بعض جوانب هذه الموازنة مرور الكرام.
عون يحمل على رموز الفساد
ولفتت أمس في هذا المجال مواقف للعماد ميشال عون في اجتماع استثنائي لكوادر التيار الوطني الحر، حَمَلَ فيها بشدة على رموز الفساد في العهود السابقة، وما أورثوه من مشاكل كبيرة نعاني منها حتى الآن.
ودعا التيار إلى التعبئة والنزول إلى الشارع. وأكد عون أن المعايير الأخلاقية غير متوفرة في الحكم، والمعايير القانونية غير محترمة، معتبراً أن الزبائنية زادت طالما «أنهم في شركة مساهمة وزاد الفساد وربحت الشركة ولكن «افتقر» المواطنون».
واتهم عون «كل النظام القائم بالتواطؤ» ضد التيار الوطني الحر، وقال: «يستهدفوننا لأننا كشفناهم، وهذا الترهيب لا يخيفنا، فنحن نتهم الكل ومن يرد اتهامنا فليبيّن القرائن. نحن معنا كل المستندات التي نعرف بموجبها أنهم «حراميي».
وقال عون: «إن الأمر المالي يهمنّا قبل التعيينات، وإذا كنا مصرّين على التعيين في مجلس القضاء الأعلى، فذلك من أجل محاكمة هؤلاء». وتابع: «يريدون أشخاصاً غير مكترثين لكي يكملوا عملهم في الخفاء لأن الوقاحة وصلت إلى حد أن البريء متهم والمدان بريء»، مشيراً إلى «أنه يجب على هؤلاء أن يعلموا أن المتهمين يجب أن يحاكموا، ولا ثقة لنا بالقضاء، والقيمون عليه يتركونه يتدحرج».  

السابق
نيزك “هائم” بالفضاء يقترب من الاصطدام بالأرض
التالي
إدارة الكارثة … أم كارثة الإدارة؟