الجمهورية: 3 ملفات من العيار الثقيل تعيد الحماوة الى الساحتين السياسية والأمنية

عشية سفر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس وزراء قطر حمد بن جاسم الى نيويورك، وفي ظل ترقب ما ستؤول إليه مشاورات مجلس الأمن حيال الموضوع السوري، خصوصا بعدما وضعت موسكو فيتو مسبقا بإعلانها أنها ستمنع صدور قرار دولي يدعو الاسد للتنحي، وبالتالي إلى حين أن تنجلي صورة هذا الوضع، برزت لبنانيا ثلاثة ملفات من العيار الثقيل ستعيد الحماوة إلى المشهد السياسي المحلي على رغم التطورات السورية، وهذه الملفات تتصل بطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من المدعي العام للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي دانيال بلمار إرجاء القرارات الظنية المرتقبة، ودخول سوريا و»حزب الله» على خط التعيينات للضغط باتجاه إعطاء عون ما ينشده، وارتدادات الأزمة السورية باستعداد الحزب الى مواكبة «الحسم السوري»، بالتضييق على حركتي «فتح» و»حماس.

الملف الأول

علمنا أن رئيس الحكومة طلب من المدعي العام للمحكمة الدولية في اجتماعه الأخير معه، إرجاء القرارات الظنية المرتقبة، قائلا: سمعت أن هناك قراراً ظنياً في قضية تفجير الوزير الياس المر وقراراً آخر في محاولة اغتيال النائب مروان حماده سيصدران قريباً، أتمنى إذا كان ممكناً تأجيلهما حتى أحاول تمرير بروتوكول المحكمة.

فأجابه بلمار: لا استطيع تسييس التحقيق أو ربطه في أي موضوع آخر. عندما يكون بين يدّي قرار ظني ومتهمون، أصدِرُه. لهذا السبب اعتذر عن عدم تلبية طلبك.

أنا مضطر لإرسال القرارات الى القاضي فرانسين الذي له الحق في إعلان ما يشاء منها ساعة يريد. أمّا أنا فلا أستطيع تأخير أي قرار لحظة.

الملف الثاني

تم الاتفاق بين القيادة السورية و"حزب الله" على الإسراع في بت ملف التعيينات بحيث يعطى العماد ميشال عون ما ينشده والرئيس ميقاتي ما يتطلع اليه، على اعتبار "ان هذه التعيينات ليست أهم من استمرار الحكومة الراهنة، ولا بد من التضحية لمنع سقوطها، إذ أن ميقاتي متمسك بمواقفه فيما عون غير قادر على الاستمرار من دون تلبية أي مطلب له".

وتردد ان نقاشاَ أفضى الى موافقة "حزب الله" على إسناد منصب رئيس جهاز أمن المطار لضابط قريب من عون، "على ان يتم استرجاع هذا المنصب للطائفة الشيعية بعد تغيّر المرحلة".

وقال مرجع أمني لـ"الجمهورية": ان هذا المنصب حسّاس، وعيون المجتمع الدولي مسلطة عليه بعد القرار 1701، كونه يشكل جزءاً لا يتجزأ من أمن الحدود والمطارات، وبالتالي ان أي تسييس لهذا المنصب يضرّ لبنان في مجلس الأمن والمجتمع الدولي.

أضاف: يرأس جهاز أمن المطار بالوكالة الآن العميد جان طالوزيان وهو يؤدي مهامه على أكمل وجه، ولا وجود لأيّ جدل حوله لا في الداخل ولا الخارج، فلماذا اللعب بهذا الموضوع؟

الملف الثالث

كشفت المعلومات أن القيادة السورية قررت محاولة الحسم أمنياً وعسكرياً في المدن السورية التي تشهد اضطرابات واحتجاجات، خلال عشرة أيام، تحت عنوان: "اما الربح أو الخسارة ، كي لا نخسر شيئاً فشيئاً في حرب استنزاف".

وتضيف المعلومات ان القيادة السورية إذا لم تستطع الحسم، فستبدأ تحضيراً واسعاً لخلق منطقة آمنة وحصينة عسكرياً ومالياً في منطقة اللاذقية – طرطوس وضواحيها تحسبنا للأسوأـ إذا ما تمددت الانشقاقات في الجيش السوري على نطاق واسع لدى استخدامه في عمليات الحسم المرتقبة.

وبالتزامن، يستعد "حزب الله" الى مواكبة "الحسم السوري"، بالتضييق على حركتي "فتح" و"حماس" وحصر نشاطهما في إطار المخيمات الفلسطينية باعتبار انها تشكل حالة سنّية متعاطفة مع الربيع العربي، ما يمكن ان يؤدي الى مشاكل بين الحزب والمخيمات.

وتتخوف المراجع الأمنية "ان تمتد المشاكل الى الشمال بين منطقة باب التبانة وجبل محسن، إذا ما احتدمت الأمور بين الحزب والمخيمات وأخذت منحى مذهبياً تحت عناوين "أصوليات ومتشددين وإرهاب"، فيما الهدف الحقيقي هو مواكبة الحسم السوري بحسم الوضع السنّي في لبنان".



تظاهرات طرابلس

من جهة ثانية، خرجت تظاهرة تضامن مع "الثورة السورية " امس من أمام مسجد حمزة في منطقة القبة بعد أداء الصلاة، وحمل المتظاهرون علما ضخما للاستقلال السوري ورفعوا صورا للضحايا والقتلى، مع ترداد شعارات الدعم "لانتفاضة الشعب السوري"، وأحرق المتظاهرون أعلام كل من روسيا والصين و"حزب الله" .

وشهدت طرابلس تظاهرة أخرى دعما للشعب السوري بدعوة من "حزب التحريرـ ولاية لبنان" .

استهداف شخصية أمنية

وبرزت الى العلن معلومات عصر أمس عن اكتشاف خطة لاستهداف شخصية أمنية لبنانية في منطقة الأشرفية، ما أدّى الى اتخاذ تدابير تمّ تعميمها على الأجهزة كافة.

وفي أعقاب انتشار هذه المعلومات وتعميمها على كبار المسؤولين من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللذين تلقيا تقارير مفصلة، كانت المراجع الأمنية تواكب المعلومات وتدقّق في مضمونها. وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"الجمهورية"" تلقينا معلومات عن مخطط محدد باحتمال حصول اعتداء يستهدف قيادات أمنية، ولذلك اتخذنا سلسلة تدابير احتياطية مشددة لتطويق أي احتمال يمكن أن يقع.

ورفض شربل التوغل في التفاصيل لافتا الى أن الأمور هي قيد المتابعة.

تزامناً، اكد مرجع امني رفيع لـ"الجمهورية": انّ المعلومات وردت من مصادر عليمة وذات صدقية عالية لا يرقى إليها الشك في الكثير من الأحيان.

ولفت المرجع الى أن المستهدف واحد من إثنين: إما المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي أو رئيس شعبة المعلومات العقيد وسام الحسن، لكن المرجّح أن المستهدف بالدرجة الأولى كان الحسن. ورفض المرجع الحديث عن اكتشاف أي عبوة أو سيارة مفخخة، قائلاً :إن ما يخضع للتدقيق من معلومات لم يتحدث عن " السلاح المستخدم" في مثل هذه العملية.

مشروع قرار جديد

وفي نيويورك، قدّم الأوروبّيون ودول عربية أمس إلى مجلس الأمن مشروع قرار جديداً في شأن سوريا يستند إلى خطة التسوية التي أعدّتها الجامعة العربية وتطلب خصوصاً تنحّي الرئيس بشّار الأسد. وأعلن السفير الفرنسيّ جيرار أرو «أنّنا قدّمنا إلى مجلس الأمن نصّاً يستند إلى مطالب جامعة الدول العربيّة»، مضيفاً: «انتظرنا فترة طويلة جدّاً (…) الخطّة العربيّة هي السبيل الوحيد أمامنا لتجنّب الأسوأ». وفي ما يؤشّر إلى تطوّر في الموقف الروسيّ، أعلن سفير روسيا أن مسودة القرار حول سوريا غير مقبولة، لكنّ روسيا مستعدّة لإجراء نقاش في شأنها.

ومن المرتقب أن يعقد مجلس الأمن جلسة علَنيّة بعد ظهر الثلثاء المقبل يحضرها الأمين العام للجامعة العربية ورئيس وزراء قطر.

جلسة صاخبة الثلثاء

الى ذلك، توقعت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" ان تكون جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الثلثاء المقبل في قصر بعبدا صاخبة، حيث سيقدم وزير الطاقة جبران باسيل تقريرين، الأول يتعلق بالكهرباء والثاني بفضيحة المازوت ، علما ان الملفين يرتكزان على قواعد سياسية أكثر منها تقنية . وقالت ان المسؤولية الكبرى في قضية المازوت تقع على وزير الطاقة اولاً على رغم تحذيره وعلى مسمع جميع الوزراء ان دعم المازوت قبل صدور قانون إزالة الـ "TVA" عنه سيؤدي الى ما أدى اليه، لكن لا يمكن إسقاط المسؤولية عنه كوزير.

والمسؤولية الثانية تقع على وزير الاقتصاد نقولا نحاس الذي لم يتحرّك كما يجب بحجّة ان ليس لديه "ستاف" كافي .

قصف عوني

وكان عون أطلق امس سهامه في كل الاتجاهات، ولم يوفر في "قصفه الكلامي" لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا النائب وليد جنبلاط من دون ان يسميهم، وهاجم "الحريرية السياسية" والشهداء الأحياء" واتهم النظام القائم بالتواطؤ ضد الإصلاح، قائلا: "جميعهم حراميي". ودعا كوادر "التيار الوطني الحر" الى التعبئة والجهوزيّة للتظاهر "لإنهاء عهد الشركة المساهمة حتى نظهر لها أنّ عقدها انتهى ولن ننتهي وإياهم إلاّ بالقضاء".

وتابع: سارق يتهمك بالسرقة فهل نسميهم اللصوص الأحياء كالشهداء الأحياء، أضاف: "يهمنا الملف المالي قبل التعيينات ولكننا مصرون على تكملة مجلس القضاء الأعلى لمحاكمة هؤلاء الذين يريدون أناسا "ليطنّشوا" ولمنع المحاكمة.

وسأل:" لماذا يؤدي رئيس الجمهورية القسم إذا لا يرغب بحماية الدستور؟ سائلا هل نحن في دولة ام عصابة ، وقال:" أريد من ميقاتي وبري جوابا منهما ولن اطلب من الثالث جوابا، في إشارة الى سليمان، لعلمي أنني لن احصل عليه. سائلا بأي صفة يمكن لرئيس لجنة (في إشارة الى النائب محمد قباني) أن يوقف مشاريع حيوية او قوانين لوزارة؟ هما اذا راضيان بهذا التعطيل.(راجع ص 8).

ترددات مواقف عون

وفي الوقت الذي حرص قصر بعبدا على عدم الرد مشدداً على "أن رئيس الجمهورية لم ولن يدخل في أي جدل من هذا النوع فهو يعمل من ضمن المؤسسات الدستورية وما يمليه عليه الواجب"، قال قريبون من سليمان لـ "الجمهورية" ان "عون يريدنا ان نصدق أن المؤامرة الكونية مستمرة عليه وعلى صهره". أضافوا: عملنا وعمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ما أمكن لإرضاء عون ولتقريب وجهات النظر في الكثير من القضايا لكن كل هذا العمل والجهد ذهب هباء… وها هو الجنرال يهاجم ويصول ويجول أمام مناصريه ووزرائه ونوابه، يستحضر الروايات والشائعات التي تجاوزتها التحقيقات والمعلومات الموثقة ولا يريد أن يناقشه أحد ويتصرف كأن له جمهوريته الخاصة بعيدا عن الجمهورية التي يعيش فيها.

وقال هؤلاء : سنبقى صامتين في هذه الفترة ولكن إلى حين، ولما تأتي ساعة الحديث ستكشف حقائق كثيرة ومخيفة لا يمكن ان تجعله مستمرا في حملة التضليل.

وأسف هؤلاء لأن عون لم يسمع حتى اليوم ممن نصحوه بتغيير أسلوب التعاطي مع الحلفاء وحلفاء الحلفاء والمسؤولين وتغيير منطق المؤامرة. وقالوا:"يتحدث عن التزامه بالدستور وما تقول به القوانين ولا يقبل بالقوانين المعمول بها ولا يقدم البديل سوى بنظريات بالية.

بدوره،استغرب مصدر قضائي ما ورد على لسان عون وتشكيكه بالقضاء اللبناني "وقد نسي ان القضاء في عهدة وزير يلتقي وإياه يوميا وهو عضو في تكتل الإصلاح والتغيير".

وقال المصدر لـ " الجمهورية" ان المطلوب توضيحات من وزير العدل شكيب قرطباوي الذي يعرفه قصر العدل نقيبا للمحامين قبل ان يكون وزيرا مؤتمنا على السلطة القضائية. لكن المصدر استدرك بالقول: إن في صمت الوزير قرطباوي كلاماً مدويا، وقد يكون في فيه ماء كثير .

14 آذار

من جهته، رفض مصدر في قوى 14 آذار التعليق على مضمون كلام عون، "لأنه لا يخرج عن سياق الافتراءات والأضاليل التي يكررها باستمرار، وبالتالي لم يقل جديدا على هذا المستوى، إنما مجرد كلام ممجوج لا يستند إلى أي وقائع وإثباتات"، وقال لـ"الجمهورية": " لكن ما يجدر التوقف عنده، ، هو حالة التوتر التي بدت ظاهرة على عون بشكل استثنائي والعائدة إلى الأسباب الآتية:

أولا ـ وصول مشروعه السياسي إلى أفق مسدود، الأمر الذي دفعه إلى إعادة إعطاء الأولوية للتوتير الداخلي بغية تحوير أنظار كادراته وأنصاره عن الخيارات الفاشلة التي انتهجها.

ثانيا ـ انسداد مشروعه السلطوي لجهة عدم قدرته على ترجمة وعوده لقواعده بتوظيفات وخدمات.

ثالثاـ فشل تجربته الحكومية التي روج لها طويلا على قاعدة أن خروج 14 آذار من السلطة يفتح الباب أمام الإصلاح والتغيير.

رابعاـ شعوره بأنه بات محاصرا داخل الحكومة من خلال التحالف الرباعي الذي يضم الرؤساء الثلاثة زائد النائب وليد جنبلاط.

وقال المصدر: لكل هذه الأسباب وغيرها يرفع عون صوته من أجل إسماع سوريا و"حزب الله" سخطه وغضبه في محاولة لجرهم إلى إنقاذه بالتدخل لدى مكونات الحكومة وإلا "أعذر من أنذر"، بمعنى أنه يهددهما بترك الحكومة وفك تحالفه معهما، هذا التحالف الذي بات برأي أنصاره على حساب التيار وشعبيته. 

السابق
إطلاق مشروع بحرنا في صور
التالي
هل عاد شبح الإغتيالات: ريفي والحسن في مرمى الإستهداف