السفير: تحرّك عربي في نيويورك يلتمس مساندة حول سوريا وموسكو منفتحة ومتمسّكة بمشروعها في مجلس الأمن

تتجه الأوضاع إلى مواجهة في مجلس الأمن الدولي حول الأزمة السورية الأسبوع المقبل بين موسكو من جهة، ودول عربية تدعمها واشنطن وأوروبا، من جهة ثانية، مع تمسك كل طرف بمشروع القرار الذي سيقدمه إلى مجلس الأمن الذي سيستمع الثلاثاء إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الحكومة وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني اللذين سيطلبان دعم المجلس لتدويل الملف السوري.
وقال العربي، في القاهرة أمس، انه سيتوجه «إلى نيويورك السبت هو ورئيس وزراء قطر وذلك للاجتماع مع مجلس الأمن الدولي الاثنين وإبلاغه بقرار مجلس وزراء الخارجية العرب بشأن سوريا وطلب مصادقته عليه».
وقال مندوب جنوب أفريقيا باسو سانغ، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لهذا الشهر، إن العربي وحمد سيجتمعان مع مجلس الأمن ظهر الثلاثاء المقبل.
وكان وزراء الخارجية العرب دعوا الأحد الماضي الحكومة السورية والمعارضة إلى «بدء حوار سياسي جاد في اجل لا يتجاوز أسبوعين» من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين، وطالبوا الرئيس السوري بشار الأسد بتفويض صلاحيات كاملة لنائبه للتعاون مع هذه الحكومة. وقرروا إبلاغ مجلس الأمن بمبادرتهم الجديدة ومطالبته بـ«دعمها». وأعلنت الحكومة السورية رفضها هذه المبادرة.
وكان دبلوماسيون في نيويورك قالوا إن الأوروبيين ودولا عربية يريدون التصويت في مجلس الأمن مطلع الأسبوع المقبل على مشروع قرار جديد أعدته دول أوروبية وعربية على أساس خطة الجامعة العربية حول الأزمة السورية. ويمكن أن يؤدي طلب فرض عقوبات إلى تعطيل مشروع القرار من قبل روسيا. واستخدمت موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) في تشرين الأول الماضي لإسقاط مشروع قرار غربي ضد سوريا.
وأعرب العربي، في بيان، «عن قلقه لاستمرار العنف والاقتتال في سوريا، الذي أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا الأبرياء». وطالب «بالوقف الفوري لكافة أعمال العنف والتزام الحكومة السورية بالامتناع عن أي تصعيد أمني أو عسكري ضد المواطنين العزل».
وأكد العربي «ثقته الكاملة بعمل بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا وبرئيسها الفريق أول محمد أحمد الدابي»، مشيدا «بشجاعة المراقبين الذين يؤدون عملهم بمهنية وجدية في ظروف بالغة الصعوبة». وكان المراقبون استأنفوا العمل أمس للمرة الأولى منذ أسبوع، وذلك بعد موافقة دمشق على التمديد شهرا لعمل البعثة.
روسيا
وطرحت موسكو مشروع قرارها في كانون الأول، لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إنه لا يمكنهم قبول النص الروسي الذي يلقي باللوم على الحكومة والمعارضة في العنف. ووزعت روسيا نسخة جديدة في وقت سابق هذا الشهر لكنها كانت عبارة عن مزيج من النصوص المقترحة المتنافسة قال دبلوماسيون غربيون إنها جعلت من غير الواضح ما إذا كانت موسكو ستؤيد لغة أكثر تشددا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف «نحن على علم بأن الفرنسيين اعدوا في نيويورك مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن القضية السورية. ولا تزال لدينا خطوط حمراء، لا نستطيع تجاوزها خلال مناقشة أي مشروع قرار بصدد سوريا. وهي تتمثل في رفض الصيغ التي تتعلق بفرض عقوبات، وكذلك دعوة البلدان إلى تطبيق قيود انفرادية ضد هذا البلد». وأضاف «إننا لا نستطيع علاوة على ذلك، تأييد مقترح أو مشروع قرار يتضمن على أساس رجعي، عقوبات فرضت ضد سوريا بشكل انفرادي ومن دون التشاور معنا ومع أعضاء مجلس الأمن الدولي الآخرين».
وتابع «إننا على العموم مستعدون للتشاور مع شركائنا بشأن مجمل جوانب الوضع السوري، لكن نود التأكيد انه يوجد على طاولة مجلس الأمن مشروع روسي، لم نعلق العمل فيه». وأوضح «نحن نصر على أن يدون في القرار البند المهم حول عدم التدخل عسكريا في الشأن السوري، وندعو على العموم إلى أن يساعد اللاعبون الخارجيون على التسوية السياسية السلمية للوضع في سوريا».  وقال غاتيلوف إن «الجانب الروسي منفتح على كافة المقترحات البناءة، التي تصب في مجرى وقف كافة أعمال العنف، ويرى أنه يجب أن يستهدف أي رد فعل من جانب مجلس الأمن الدولي، إلزام الجميع بالمساعدة على بدء حوار شامل بين كافة القوى السورية».
وأضاف انه «في ما يخص المقترحات الفرنسية، توجد فيها نقاط ايجابية. وهي بالتحديد، تأييد مواصلة مراقبي الجامعة العربية مهمتهم، ودعوة كافة الأطراف إلى وقف العنف، والبدء بحوار وطني شامل، وكذلك دعوة الدول الأخرى إلى العمل مع المعارضة، من اجل إقناعها ببدء عملية المصالحة. وإننا على استعداد لمواصلة المشاورات وبلورة موقف مشترك، ونعول على أن يراعي شركاؤنا مواقفنا، وبوسعنا بجهودنا المشتركة، إعداد مشروع يكون أساسا عمليا حقا للسير على طريق التسوية السياسية في سوريا».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش «قدمت روسيا مسودتها الخاصة ووضعتها آخذة في الاعتبار تعديلات اقترحها زملاؤنا الغربيون. ما زالت على طاولة المفاوضات. المشاورات حول المسودة مستمرة ونأمل أن يتواصل هذا العمل». وأضاف «ليست لدي معلومات محددة عن أن المسودة الغربية ستقدم خلال الأيام المقبلة. سنرى. وبالنسبة للوقت الراهن، فإن لروسيا مسودتها وستروج لها بشكل نشط في إطار مجلس الأمن».
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث في اتصال هاتفي مع العربي أمس الأول «نتائج قرارات مجلس وزراء الجامعة بشأن نتائج الشهر الأول لعمل بعثة مراقبي الجامعة في سوريا».
وأضاف البيان «أكد العربي أن الجامعة تشاطر روسيا وجهة نظرها حول ضرورة التسوية السلمية في سوريا على أساس إنهاء كافة أشكال العنف، والإسراع في بدء الحوار بين الأطراف السورية، وعدم جواز التدخل العسكري الخارجي».
وأعرب لافروف «عن تأييده مواصلة الجامعة العربية جهودها الرامية إلى إيجاد سبل وقف المواجهة في سوريا»، مشددا على «أهمية قرار تمديد فترة عمل المراقبين العرب، الذين يؤدون دورا مهما في المساعدة على نشر الاستقرار في سوريا». وأضاف «ينبغي أن تنفذ، بأسرع وقت ممكن، مهمة إطلاق الحوار الشامل بين السلطات السورية والمعارضة حول كافة قضايا جدول العمل الوطني، وإجراء إصلاحات سياسية عميقة، وتطور البلد ديموقراطيا وسلميا».
وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان مايكل بوزنر، في القاهرة، «نحن نهتم كثيرا بالانتباه الذي لقيته المشكلة السورية من الجامعة العربية في الأسابيع الأخيرة ونقدر للجامعة ذلك». وأضاف «نرغب في العمل معهم، وهناك بالتأكيد آمال وتوقعات بأنه يمكننا الذهاب إلى مجلس الأمن قريبا لبحث القضية».
وأعلن بوزنر إن مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان زار موسكو قبل أيام لبحث الخطوات التالية المحتملة بشأن سوريا. وأضاف «من الواضح أن لهم وجهة نظر مختلفة. آمل بشدة في ضوء المأساة في سوريا أن يجتمع المجتمع الدولي لاتخاذ الخطوات التالية التي تسمح بالعودة إلى وضع سلمي، ويجب على الأسد أن يرحل كما قلنا أكثر من مرة».
خطف زوار إيرانيين
ونقلت وكالة «ارنا» الإيرانية عن السفير الإيراني لدى سوريا محمد رضا رؤوف شيباني قوله، خلال لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إن «محاور السياسة الخارجية لإيران تجاه تطورات سوريا هي عدم التدخل الأجنبي واحترام السيادة السورية والحوار الشامل». ورحب «بالمبادرة التي أطلقها الأسد لانجاز الإصلاحات».
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست انه «تم خطف 11 زائرا إيرانيا كانوا في طريقهم إلى دمشق برا لزيارة العتبات المقدسة»، داعيا السلطات السورية إلى استخدام كل إمكانياتها للإفراج عنهم بسرعة.
وكان مدير مكتب منظمة الحج والزيارة الإيرانية في سوريا مسعود إخوان أوضح أن «هؤلاء الزوار كانوا في طريقهم برا من حلب إلى دمشق حيث اختطفوا من قبل مسلحين مجهولين». وكان مسلحون خطفوا في كانون الأول الماضي 8 أشخاص، بينهم 5 تقنيين إيرانيين يعملون في محطة كهربائية سورية في حمص.
ميدانياً
استأنف المراقبون العرب العمل أمس بعد تعليق عملهم الجمعة الماضي. وقال مراقب جزائري من الفريق، قبيل عدولهم عن زيارة عربين، إنه قلق لأن بعض جماعات المعارضة كانت قد ذكرت أنها لن تتعاون مع البعثة. وأضاف لوكالة «رويترز»، «لا نعلم ماذا ينتظرنا». وقال مراقب آخر إنه يشعر بالحيرة بشأن الهدف من مد المهمة أربعة أسابيع أخرى. وأضاف «كتب التقرير واتخذت (الجامعة العربية) قرارات. شهر آخر لنفعل ماذا؟ لا ندري».
وقال ضابط سوري، في حرستا قرب العاصمة، لـ«رويترز» ان الاشتباكات جارية في دوما. وتقوم قوات الأمن بتفتيش المنازل بحثا عن أسلحة وأشخاص مشتبه فيهم. وعرض على الصحافيين قنابل محلية الصنع بين أسلحة تم ضبطها.
ونفى محافظ ريف دمشق حسين مخلوف، في اتصال مع «السفير» أن تكون السلطات السورية أجرت أي «مفاوضات» مع مسلحين في مناطق ريف دمشق، بهدف وقف إطلاق النار، أو ترتيب وضع يشبه الوضع الذي تعيشه بلدة الزبداني، وذلك بعد وساطة قام بها وجهاء المنطقة بين الجيش ومجموعات مسلحة تنتشر في البلدة.
وقال مخلوف ان السلطة لا تفاوض الخارجين عن القانون، مشيرا إلى أن ما جرى «هو أن أمهات كثير من المطلوبين بأعمال شغب أو حيازة سلاح يراجعننا بشكل مستمر، طالبات التسامح مع أولادهن والعفو عنهم إن عادوا إلى رشدهم». وأضاف «ان الدولة باعتبارها الأب الأكبر تتعاون حين يجري هذا فتقوم بتسهيل عودة الناس بشرط تسليم السلاح». وقال ان هذا الأمر «جرى اليوم على سبيل المثال، وتحدثنا إلى الجهات المختصة كي تتعامل معه»، واصفا طلبات بعض الأمهات «بطلبات استرحام».
ودافع مخلوف عن الحملة الأمنية التي تجري في بعض مناطق ريف دمشق، موضحا أن «المناطق التي تعاني من وجود المسلحين وسيطرتهم تطلب منا التدخل»، معتبرا أن غالبية الناس «لا تستطيع ممارسة نشاطها اليومي بسبب اعتداءات المسلحين التي تجري في تلك المناطق». وبين مخلوف أن بعثة المراقبين زارت اليوم مناطق في ريف دمشق بينها عربين، واطلعت على الأسلحة التي تمت مصادرتها وبينها أسلحة إسرائيلية «واضحة عليها الكتابات العبرية».
وأعلن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، لوكالة «فرانس برس»، «مقتل 34 شخصا». وقال إن «قوات الأمن والجيش شنت هجوما عنيفا على حي كرم الزيتون في حمص مستخدمة قذائف الهاون ما تسبب بسقوط 26 قتيلا بينهم تسعة أطفال وعشرات الجرحى». واضاف ان « 4 قتلى سقطوا في مدينة حماه، وواحدا في تفتناز في ادلب، وفتى في نوى، ومدنيَّين في ريف دمشق».
وتابع «قُتل 7 جنود منشقين عن الجيش في عدة مناطق ومدن خلال اشتباكات مع الجيش النظامي. كما قتل 8 عسكريين من الجيش النظامي، بينهم عقيد قتل في حمص، و4 جنود في درعا، في اشتباكات مع جنود منشقين».
وتجمع مئات الآلاف من السوريين في دمشق ومدن سورية عدة للتعبير عن تأييدهم الرئيس السوري بشار الاسد وعن رفضهم التدخل الخارجي بشؤونهم الداخلية.
وتوافد عشرات الآلاف الى ساحة السبع بحرات وسط دمشق حاملين الاعلام السورية وصورا للاسد للتعبير عن تمسكهم بالسيادة الوطنية ورفضهم اي تدخل خارجي. وعلت اصوات المكبرات التي تبث الاغاني الوطنية ومقاطع من الخطب التي القاها الرئيس السوري بالاضافة الى الشعارات المؤيدة له «لن يهزم شعب ابدا قائده المفدى بشار» و«كلنا بشار كلنا ثوار»، وتمجد دور سوريا القومي المقاوم. وهتف المجتمعون «الخيانة عربية من الجامعة العربية». ونقل التلفزيون السوري مسيرات اخرى جرت في الحسكة، التي يشكل الاكراد غالبية سكانها، وحلب ودير الزور واللاذقية وطرطوس.  

السابق
الانباء: عقارات كويتية وإماراتية كادت أن تفجر جلسة الحكومة اللبنانية
التالي
النهار: الجيش يواجه ضواحي دمشق بالحسم الأمني موسكـو ترسـم خطوطاً حمراً لمجلس الأمن