السفير: أقلية إخوانية في الميدان … والجيش يعد بكشف حقائق ما قبل 25 يناير

جدد المصريون أمس روح ثورتهم، باعتبارها «ثورة مستمرة»، إذ جاءت الذكرى الأولى لانطلاق ثورة «25 يناير» بما يخالف توقعات جميع المراقبين، سواء في حجم المشاركة الشعبية، الذي تجاوز مليوني متظاهر، أو في ما يتعلق بمشاركة التيارات الإسلامية ومحاولة فرض سطوتها على ميادين التظاهر، وتأكيد المصريين خيارهم باستكمال الثورة حتى تحقيق أهدافها، وليس مجرّد الاحتفال بها كرنفالياً.
وبدأت فعاليات الذكرى الأولى لانطلاقة الثورة، منذ مساء أمس الأول، حيث استبق عشرات الآلاف خطة أعدتها جماعة «الإخوان المسلمين» للسيطرة على ميدان التحرير، قبل توافد المتظاهرين إليه.

وتحت أمطار الشتاء النادرة في القاهرة، نصب المتظاهرون، الذين توافدوا إلى الميدان بدعوة من القوى الشبابية الثورية، عشرات الخيام والمنصات، قبل وصول عدد من أعضاء «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، لتركيب منصة «الاحتفال بانتهاء الثورة وبدء الحياة النيابية»، وهو أمر أثار حفيظة العديد من المتظاهرين، الذين حاولوا تفكيك منصة «الإخوان»، لكنها سقطت قبل تدخل أي منهم.
وبدأ يوم أمس بتظاهرات حاشدة انطلقت في 19 محافظة مصرية، واتفقت جميعها على شعارات مثل «دي مش حفلة… هي ثورة»، و«يسقط حكم العسكر… مصر دولة مش معسكر». أما في القاهرة، فوصف كثيرون المشهد بأنه كان أكثر زخما من مشهد يوم جمعة الغضب في 28 كانون الثاني الماضي، حيث تجمع نحو مليوني متظاهر في ميدان التحرير، بعدما تحركوا في أكثر من 20 مسيرة خرجت من كل أنحاء العاصمة، مرتدين أقنعة لعدد من الشهداء بينهم خالد سعيد، مينا دانيال، والشيخ الأزهري عماد عفت.
وعند بداية دخول الثوار للميدان، كانت «الإخوان المسلمين» قد نشرت لجانا شعبية «لتفتيش المتظاهرين وتنظيم الهتافات»، إلا أن
المتظاهرين اعترضوا على محاولة الجماعة التحكم بالميدان، وفككوا تلك اللجان الشعبية، واستبدلوها بلجان أخرى، مرددين «مدنية مدنية… لا دينية ولا عسكرية»، الأمر الذي جعل مناصري «الأقلية الإخوانية» في الميدان، وبعدما سقطت منصتهم، يجوبون المنطقة مرددين هتافات ضد الرئيس السوري بشار الأسد.

وشارك أربعة مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى المرشح المنسحب محمد البرادعي في مسيرات تجديد مطالب الثورة. وخرج المرشحان المحتملان عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي في مسيرات قادتها القوى الاشتراكية وائتلافات الثورة من الجيزة وشبرا. كما شارك أيمن نور وعمرو موسى في مسيرات أخرى دعا إليها أنصارهما لتلتقي مع مسيرة أخرى قادها الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي.
وكان لافتاً أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون الدولة مؤقتا، قد بدا مهتما بمتابعة أوضاع التظاهرات، فيما كان رئيس مجلس الوزراء كمال الجنزوري يطلق العديد من التصريحات الصحافية البعيدة تماما عن ما يحدث في شوارع مصر.
وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا أكد فيه عدم نيته تغيير خطته لتسليم السلطة قبل شهر حزيران المقبل. وأشار المجلس في بيانه إلى أن «عاما كاملا مر على ثورة الشعب في 25 يناير، ولم يحن الوقت بعد لإعلان حقائق كثيرة لأشهر وأيام ما قبل الثورة حتى لا يقال إننا نتجمل، وعندما نتكلم ستظهر كثير من الحقائق التي تجعل هذا الشعب يزداد فخرا بأبنائه في القوات المسلحة».
وشدد المجلس العسكري، في بيانه، على أنه مصر على المضي قدماً في خطته المعلنة سابقا. وأضاف «اليوم وبعد مرور عام كامل يرفع قانون الطوارئ، وتم انتخاب برلمان الثورة، وقد تولى السلطة التشريعية، وغداً انتخابات الشورى والدستور ورئاسة الجمهورية، حتى نعود بإذن الله لوحداتنا يوم 30 يونيو».

ولقي بيان المجلس العسكري هتافات مضادة في ميدان التحرير وباقي المحافظات، خاصة أن المجلس «ما زال مصراً على استعمال اللهجة الفوقية في التحذير من المخططات والإشارة للأصابع الخفية التي لا تريد الخير للبلد، وهو ما أصبحنا لا نتلقاه بأي جدية»، كما قال أحد المتظاهرين.
إلا أن بيان المجلس العسكري لم يثر سخرية كتلك التي نالت تصريحات رئيس الوزراء كمال الجنزوري، الذي قال العديد من المتظاهرين إنه لم يستمع إلى الأخبار يوم أمس، ولم يعلم شيئا عن التظاهرات الحاشدة التي اجتاحت شوارع مصر. وقال الجنزوري «إن الوقفة السلمية لمصر المتحدة كانت مثار إعجاب العالم أجمع ونموذجا يحتذي به الكافة… إنه شعب الحضارة الذي حافظ على أعراضه ومقدساته وتقاليده رغم ثورته، ومما لا شك فيه أننا جميعا نحرص على تجسيد إرادة شعب مصر العظيم في تحقيق حرية لا تنتقص».

وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس كانت أعداد المتظاهرين لا تزال في تزايد داخل ميدان التحرير، حتى امتلاء كل الشوارع المحيطة به، فيما توجه الآلاف منهم في تظاهرة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في ماسبيرو.
وأعلنت حركة 6 إبريل الاعتصام المفتوح في ميدان التحرير وأمام المنطقة الشمالية العسكرية في الإسكندرية، فيما أعلن عدد من الحركات الأخرى بينها «الاشتراكيون الثوريون» و«اتحاد شباب الثورة»، أنها ما زالت تدرس أمر الاعتصام مع باقي القوى، بانتظار اتخاذ موقف سياسي موحد، وإن كانت قوى عديدة قد أعربت عن رغبتها في الاعتصام حتى تنفيذ المطلب الوحيد، تسليم السلطة للمدنيين فورا.  

السابق
مصدر مستقبلي
التالي
النهار: ميقاتي في ضيافة المصارف: دعم متبادل لمواجهة الاستحقاقات