الجنرال..

لكثيرين في هذه الأيام الجليلة أن يُمعنوا في اكتشاف مآثر إضافية عند النائب ميشال عون، تُضاف إلى تلك التي شعّت ونوّرت على مدى السنوات الماضية وخصوصاً بعد عودته من منفاه إلى بيروت في 7 أيار 2005!
ولكثيرين أن يتوقفوا مليّاً، أمام خصال سياسية توجيهية وتربوية كانت حكراً عليه، ثم تمدّدت إلى قياديي الصف الأوّل في تياره.. ولكثيرين من مشعوذي اللغة وأساطين الهذيان "الفكري" أن يتغنُّوا بتلك الخِصال أو أن يعيدوا اكتشاف وعيهم المفقود، من خلاله دون سواه. ولكثيرين أن يقولوا أي شيء لتبرير عدميتهم التي لا تُجادَل من خلال الإشادة بذلك النهج الإصلاحي الاستثنائي غير المسبوق الذي يتولى ريادته وقيادته.. ولكثيرين أن يقولوا فيه، في ليل، غير ما يقولونه في نهار. وأن يقولوا فيه في السرّ غير ما يقولونه في العلن. وأن يلعنوا الساعة السمّاعة التي وضعتهم في صف واحد معه، ثمّ يوزّعون ويسرّبون بلاغات تنفي أي انفكاك في براغي تلك الماكينة التحالفية.

.. ولكثيرين بعد ذلك، أن يأخذوا بنظرية العابر والمقيم، وضرّتها الخاصة بالغاية التي تبرّر الوسيلة، من أجل إجهاض أي سؤال اعتراضي أو افتراضي عن الحلف القائم وغرائبه وعجائبه وأسبابه! ولكثيرين أن يأخذوا بأيدي اللبنانيين ليدلّوهم إلى المعنى الأخير لـ"السياسة" بحسب التعريف المعتمد في الجمهورية اللبنانية، حيث انها عند البعض "كيد معطوف على أهواء وغايات شخصية" من أوّلها إلى آخرها.
ولكثيرين أن يأخذوا وقتهم في تفسير سرّ اللعنة التي تضرب بلدنا منذ سنوات وسنوات، وسرّ الذنوب التي اقترفها كي يستحق هذا النوع من العقاب المتمادي. وسرّ الضيم الذي لا ينتهي ولا أحد يلقى له شفاءً ودواءً. وسر الحضور الغامض، الكثيف والمموّه في الحياة اللبنانية لتلك الطقوس العائدة للهنود الحمر ولمَنْ سبقهم على طريق الإبادة والإندثار، في شأن إشعال النيران والرقص حولها، ثم مواجهة البندقية بالقوس والنشّاب، والمدفعية بالرمح والزلاغيط!

ولكثيرين أن يفعلوا ما يشاؤون، لكنني شخصياً لن أتوقف إلاّ عند جملة واحدة قالها بالأمس حضرة الجنرال وبانتفاخه المعهود: "نحن لا نقف أمام أي حاجز، ولا نستسلم، ولا نهرب".
على ما أعرف أنا، ويعرف نحو خمسة ملايين لبناني في الوطن والمهجر، وأضعاف مضاعفة من الناطقين بالعربي الفصيح، ومن العاملين والعارفين بلبنان واللبنانيين من موسكو إلى واشنطن، ومن جنوب افريقيا إلى مربط الخيل في باريس، ومن ألاسكا الكبرى إلى ضفاف بحيرة ليمان في جنيف… ما أعرفه ويعرفه كل هؤلاء، هو أنّ الجنرال المقاوِم "توقّف" عند الهجوم السوري عليه في 13 تشرين الشهير، ثم "استسلم" لمقتضياته وتبعاته، ثم "هرب" (حرفياً) في ملاّلة من القصر الجمهوري، و"ترك" خلفه مَنْ ترك!
القصة ممجوجة، لكن التكرار مُفيد للصحّة، ولضمان حق الذاكرة في التدريب كي لا تذبل.. ثم ّبعد ذلك لأخذ كل ما سبق ووضعه قبالة عينيّ الجنرال عون، علّهما تخجلان قليلاً! وشكراً.
  

السابق
الشرق: الكهرباء غابت تكرارا عن جلسة مجلس الوزراء وميقاتي: يمكن ان يكون اختلاف وليس خلافا
التالي
الانباء: نشر أول صورة للحريري في المستشفى الأميركي بباريس