لماذا ليس الجزائر؟

برعاية التاريخ، هاكم اقتراح للبحث لدى رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو عن الزعامة، الاحتلال، التدهور والقرارات الصعبة.
على مدى 130 سنة تقريبا، سيطرة فرنسا في الجزائر. من 1830 حتى 1962 مليون فرنسي عاشوا في الجزائر، 9 مليون جزائري. نصف مليون جندي وشرطي فرنسي رابطوا في الجزائر، نسبة جندي واحد لكل فرنسيين. في 1954 على خلفية المطالب المتصاعدة بتقرير المصير، اندلعت الثورة الكبرى ضد فرنسا، في اليوم الذي سمي منذئذ بـ «يوم كل الشهداء الاحمر». رئيس حكومة فرنسا، كير مندسفرانس اعلن: «المقاطعات الجزائرية هي جزء من الجمهورية… وهي ستبقى هكذا». وتمتع السكان الفرنسيون بلوبي يميني محافظ قوي وعنيف في البرلمان في باريس – الجمعية الوطنية. في 1958 شكل المواليد المحليين العرب أقل من 8 في المئة من عموم الاصوات في الجمعية.
الجيش الفرنسي بنى «حاجز الموت»، سياج كهربائي بتوتر عالٍ، محوط بالالغام، بطول 320كم. كما سمح بتعذيب المعتقلين الذين القي القبض عليهم. جان بول سارتر وسيمون ديبفوار، فرانسواز سجان، كلود فيزاك لينسمان، سيرج رجياني – كانوا بين اولئك الذين وقفوا علنا ضد القمع والاحتلال، بل ان بعضهم دعا الى رفض الخدمة بين الجنود الفرنسيين.

اولئك الذين توجهوا عام 1958 الى شارل ديغول مناشدين أن يأتي لقيادة فرنسا لم يتصوروا بأن الجنرال الكايزماتي لفرنسا الحرة سيتجه الى الاتجاه المعاكس. في استفتاء شعبي اجري في ايلول 1958 أيد نحو 80 في المائة من المصوتين موقفه، ممن لم يعترفوا بحق الجزائر في تقرير المصير. بعد ثلاثة ايام من صعوده الى الحكم وصل ديغول الى الجزائر وقال هناك للجماهير: «فهمتكم وأنا أعرف ماذا تريدون عمله». الجمهورية الخامسة التي وقف على رأسها، والتي حلت محل سابقتها المتهالكة، بدأت بمفاوضات مع منظمة الثوار الجزائريين «FLN».

في البداية حاولوا طرح «سلام الشجعان»، الاندماج والمساواة في الحقوق. الجزائريون طالبوا بالاستقلال الكامل، ليس أقل. «أخرجني من الجزائر»، قال ديغول للمفاوض عنه جوكس. ضباط فرنسيون كبار انضموا الى التنظيم السري الفرنسي «OAS» والذي جمع كل معارضي الاخلاء والسلام: محاولات اغتيال لديغول، تخريب، اضرابات، قتل جنود وشرطة فرنسيين، اعدام عملاء، تظاهرات وبالطبع قتل جماعي للمحليين. باريس نفسها أغمضت عينيها عن عمليات «شارة الثمن» المستقلة للسكان الفرنسيين في الجزائر.
ووصلت الثورة ضد ديغول الى ذروتها في 1961، في ذروة محادثات السلام في أفيان. وفي نهاية الانقلاب نحي من الجيش 220 ضابطا، 114 قدموا الى المحكمة العسكرية، وحلت ثلاث كتائب شاركت في الانتفاضة. نحو 1.000 ضابط آخر استقالوا احتجاجا. «مكانتنا الوطنية واعتبارنا الدولي يوجدان في الحضيض الذي لم نشهد له مثيل»، صرح ديغول. وبالفعل قررت الجمعية العمومية في الامم المتحدة بأغلبية ساحقة من الاصوات الى جانب استقلال الجزائر. كل الاطراف تصلبوا في مواقفهم وأخذ العنف بالتصاعد.

في ذات السنة، 1961، صوتت أغلبية حاسمة من الجمهور في فرنسا باستفتاء شعبي في صالح الانفصال عن الجزائر. بعد سنة من ذلك اخلي الفرنسيون من أرض الجزائر. مع انسحاب الجيش الفرنسي فر أيضا معظم المستوطنين الفرنسيين عائدين الى بلادهم. الكثير من الجزائريين المحليين، عشرات الالاف، ممن اشتبه بهم كعملاء، ذبحهم أبناء شعبهم بعد وقف النار.

فرنسا لم تكن على الاطلاق جاهزة لاستيعاب طوفان من مئات الاف المهاجرين واللاجئين وتوقعت عشر العدد الذي وصل اليها. آثار الارتجال المتسرع على استيعاب اللاجئين كانت شديدة للغاية. على خلفية حرب الجزائر سقط تسعة رؤساء وزراء في فرنسا منهم ثلاثة تولوا رئاسة الوزراء بين يوم واحد واسبوعين. فرنسا كانت قريبة من الحرب الاهلية.
مع كل الاختلاف، عندنا أيضا، يجب أن نأخذ مصيرنا بأيدينا، فننطوي في حدود آمنة ومعترف بها ونخلق واقعا من دولتين لشعبين. كي تكون الدولة يهودية وديمقراطية على مدى أجيال، نحن ملزمون بان نتخذ اليوم قرارات – قبل أن يفوت الاوان.  

السابق
من يقول طردنا؟
التالي
عن ايران وإساءة المعلومات