بكل ألم..إنها الحرب الأهلية!

بعد عشرة أشهر من حمامات الدم، وبعد فشل الحل الأمني وانهيار مهمة المراقبين العرب، وبعد رفض النظام السوري المبادرة العربية لإيجاد حل للازمة على الطريقة اليمنية، وبعد ذهاب الجامعة إلى مجلس الأمن للمصادقة على هذه المبادرة، وبعد الإعلان تكراراً أن الأطلسي لا يخطط للتدخل في سوريا كما حصل في ليبيا، بعد كل هذا المسار المأسوي يمكن القول بألم : إنها الحرب الأهلية .
قيل الكثير عن مقدماتها لكن ها هي رياحها تعصف الآن من زوايا كثيرة . يكفي مثلاً أن يقرأ المرء تصريحات وليد المعلم أمس، لكي يستفظع ما قد يحصل في الأيام المقبلة، فهو يقول: "إن الحل الأمني مطلب جماهيري للشعب السوري … إنهم يريدون الخلاص . ومن واجب الحكومة السورية الإسراع في حسم الأمور صوناً للأمن والاستقرار في البلاد "!

ولكن إذا كان الحل الأمني لم ينجح في عشرة أشهر على رغم كل ما تطلّبه من عمليات عسكرية واقتحامات مدرعة وعلى رغم سقوط هذا العدد الهائل من الضحايا، فهل من الممكن أن ينجح الآن بعد الانشقاقات العسكرية وسقوط عامل الخوف عند المعارضين واتساع الكراهية والرغبة في الثأر عند الكثيرين، وهل الحديث عن مسار إصلاحي سياسي واقتصادي يمكن أن يوقف دوامة العنف والقتل التي تعلك سوريا ؟!
يقول المعلم ليذهب العرب إلى نيويورك أو القمر بمعنى السخرية منهم ومن مجلس الأمن، وها هم في نيويورك حيث بدأت تطل لهجة روسية جديدة، صحيح انها ترفض التدخل الخارجي، لكنها تكشف صراحة عن وجود مخاوف روسية عميقة من انزلاق سوريا إلى الحرب الأهلية. فقد أعلن ميخائيل مارغيلوف مستشار الرئيس الروسي :" إن الوضع السوري وصل إلى طريق مسدود، وان القيادة السورية لا تزال تأمل بأن تنجح في إنهاء الأمر مع المعارضة، لكن قياساً بما يتردد عن التفكك في صفوف الجيش السوري، فان هذا يمكن أن يؤدي فقط الى حرب أهلية واسعة النطاق " .

وإذا كانت دمشق تقفل الأبواب في وجه الحلول الغربية والعربية وتعلن أن الحل الأمني هو المطلب الجماهيري الذي ربما يجب ان يسبق الإصلاحات، وانها تعتمد على روسيا للوقوف في وجه أي تدخل دولي، فما معنى الحديث الآن عن " حل سوري ينبع من مصالح الشعب ويقوم على برنامج للإصلاح الشامل " ؟!
لم يذهب العرب الى القمر بل وصلوا إلى مجلس الأمن، والتدويل الذي كان عالقاً أصلاً عند الفيتو والشروط الروسية والصينية ستدخل عليه بقوة الآن رياح المبادرة العربية التي تريد للدم الهادر في سوريا ان يكون مسؤولية دولية !  

السابق
نداءات جنبلاط لدروز سوريا خارج السياق
التالي
الانباء: أمين البعث فايز شكر لجنبلاط: سد بوزك وشد السحّاب وما تتفلسف!