النهار: دمشق ترى الحل الأمني مطلباً جماهيرياً ومشروع أوروبي – عربي أمام مجلس الأمن

تسير الأزمة السورية بخطى متسارعة نحو التدويل، إذ اكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم رفض بلاده مبادرة جامعة الدول العربية التي تدعو الرئيس بشار الاسد الى تفويض صلاحياته الى نائبه الاول وتأليف حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات حرة ونزيهة، وقال ان دمشق لن توافق على هذه المبادرة حتى لو ذهبوا بها الى الامم المتحدة "او الى القمر". واعتبر ان الحل الامني بات "مطلباً جماهيرياً". واذا كانت دمشق اقفلت الباب امام المبادرة العربية، فإنها تركت نافذة للتعامل مع جامعة الدول العربية من طريق الموافقة على طلب الجامعة تمديد عمل بعثة المراقبين العرب شهراً آخر.
ودخل الرفض السوري للمبادرة العربية في سباق مع خطوات التدويل، إذ اعلنت دول مجلس التعاون الخليجي سحب مراقبيها من سوريا انسجاماً مع الموقف السعودي في هذا المجال. وطلب رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي موعداً مع الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون بعدما وجها اليه رسالة مشتركة ضمنّاها عناصر المبادرة العربية.
وفي نيويورك، تلاقت الجهود العربية وجهود اوروبية من اجل عقد جلسة لمجلس الامن للتصويت على مشروع قرار اوروبي – عربي يتبنى المبادرة العربية ويفرض عقوبات على سوريا. لكن مثل هذه الخطوة تبقى رهن موقف موسكو التي كررت موقفها القائل بضرورة حلّ الأزمة السورية من دون أي تدخل خارجي.
 
وصرح المعلم في مؤتمر صحافي: "لا حلول عربية بعد الآن في سوريا … لا نريد الحلول العربية، قلناها منذ يومين عندما رفضنا المبادرة وعندما قرر مجلس الوزراء (العرب) التوجه الى مجلس الامن… قطعا الحل في سوريا، ليس هو الحل الذي صدر بقرار الجامعة ورفضناه رفضاً قاطعاً".
وأضاف: "استبدلوا مناقشة تقرير المراقبين بتقديم تقرير سياسي ينتهك السيادة السورية ويعرفون اننا لن نقبل به… قلنا ربما يخجلون من انفسهم ويتعاملون بموضوعية مع هذا التقرير، لكن ما توقعناه حدث، التفوا على هذا التقرير رغم انه البند الوحيد على جدول اعمال مجلس الجامعة وقدموا مشروع قرار سياسي يعرفون سلفا اننا لن نقبل به لأنه قرار فاضح في المساس بسيادة سوريا وتدخل سافر في شؤونها الداخلية".
وفي إشارة إلى امكان أن تطلب الجامعة العربية من مجلس الامن تأييد خطتها، قال: "أعتقد أن هذه المرحلة الجديدة من مراحل ما خططوه ضد سوريا هي استدعاء للتدويل". لكنه رأى: "أن تدويل العقوبات الاقتصادية على سوريا أمر من الصعب أن يمر في مجلس الأمن وفق معطيات لدينا".
ولفت الى إن سوريا تفرق بين خطة الجامعة الجديدة التي اعلنت الاحد وعمل بعثة المراقبين التابعة لها في سوريا. وشدد على "أنه من واجب الحكومة السورية أن تتخذ ما تراه مناسبا لمعالجة مسألة هؤلاء المسلحين الذين يعيثون فساداً في بعض المناطق… والحكومة السورية ستتعامل بحزم مع المجموعات الإرهابية المسلحة". ولاحظ أن "الحل الأمني فرضته الضرورة… واليوم أصبحت هذه الضرورة واضحة وبات مطلبا جماهيريا لكنه ليس الحل الوحيد".
وذكَر بأن روسيا لن تقبل بأي تدخل أجنبي في سوريا. واعلن إن سوريا ستجري استفتاء على دستور جديد قريبا ضمن اصلاحات تعهدها الأسد، مشيراً الى ان "الدستور الجديد خلال أسبوع أو أكثر قليلا سيتم عرضه على الاستفتاء الشعبي".
وسئل عن انضمام دول مجلس التعاون الخليجي الى السعودية في قرارها سحب مراقبيها من بعثة الجامعة في سوريا، فأجاب: "اذا كانوا يخشون رؤية حقيقة ما يجري على الارض في سوريا فهذا شأنهم ولن يغير شيئا… قلت ان تقرير بعثة المراقبين الذي قرأناه يوم الجمعة واصبح وثيقة رسمية لدينا لن يعجب بعض العرب ممن ارتبط بمخطط ولذلك هم لا يريدون من الفريق الدابي (رئيس فريق المراقبين العرب) ان يكون ضميره حياً وصاحياً ان يكون شخصاً مهنياً لا يباع ولا يشترى، لذلك ان ذهبوا الى نيويورك او الى القمر طالما نحن لا ندفع بطاقات سفرهم فهذا شأنهم".

ولاحقاً، اعلنت دمشق موافقتها على تمديد مهمة بعثة المراقبين العرب شهراً.
وكان مساعد الامين العام للجامعة احمد بن حلي، أفاد أن بعثة المراقبين انتهت مهمتها رسميا في 19 كانون الثاني الجاري وتم التمديد لها باتفاق "شفهي حتى 24" من الشهر نفسه. واكد ان الجامعة "قادرة على تعويض نقص المراقبين في الوقت الحاضر من الدول العربية"، موضحا أن عدد مراقبي دول الخليج في البعثة 55 مراقباً.
وفي وقت سابق، أصدر مجلس التعاون الخليجي بيانا جاء فيه ان دوله "قررت التجاوب مع قرار المملكة العربية السعودية بسحب مراقبيها من بعثة الجامعة العربية الى سوريا".

وفي ظل الرفض السوري للمبادرة العربية، وجه العربي والشيخ حمد بن جاسم رسالة مشتركة الى بان كي – مون تتضمن تفاصيل خطة الجامعة وتطلب الرسالة عقد اجتماع مشترك بينهم في مقر الأمم المتحدة لاطلاع مجلس الأمن على التطورات والحصول على دعم المجلس لهذه الخطة.
وعقد ممثلو المجموعة العربية في نيويورك اجتماعاً غير رسمي في وقت متقدم الاثنين مع عدد من الممثلين الدائمين للدول الأعضاء في مجلس الأمن لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا.
وقال السفير السعودي لدى بريطانيا الامير محمد بن نواف ان السعودية سحبت مراقبيها لأنها لم تر أي استجابة من الحكومة السورية، لكن معالجة الازمة عملية مستمرة ومن ثم الذهاب الى مجلس الامن لحشد الدعم للمبادرة. وأمل ألا يتصاعد الامر الى تدخل عسكري حرصاً على استقرار المنطقة. كما أمل ان يلتزم النظام السوري المبادرة العربية التي قال انها مخرج منطقي وحل سلمي للازمة وانتقال سلمي للسلطة، معبراً عن اعتقاده انها الامل الوحيد للحكومة السورية.
وفي واشنطن، صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند انها تحترم قرار مجلس التعاون بسحب مراقبيه من سوريا، مشيرة الى ان ذلك يترك "ثغرة كبيرة في العملية" لأن دول الخليج هي التي كانت تتحمل الجزء الاكبر من تمويل المحكمة.

وقال ديبلوماسيون في نيويورك، ان الاوروبيين يريدون التصويت في مجلس الامن الاثنين او الثلثاء على مشروع قرار جديد أعد على اساس مبادرة الجامعة العربية لحل النزاع السوري.
ويدعو مشروع القرار الذي اعدته بريطانيا وفرنسا والمانيا مع دول عربية الى الاقتداء بالجامعة العربية من خلال فرض عقوبات على النظام السوري.
وخلال مناقشة في مجلس الامن عن الشرق الاوسط، نددت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بامداد النظام السوري باسلحة روسية.

بيد ان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قال إن بلاده لا تخالف أي التزامات دولية ببيعها سوريا أسلحة، مشيراً إلى عدم وجود حظر دولي على القيام بذلك. وقال إن بلاده تعارض فرض عقوبات أحادية الجانب على سوريا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن بيان صادر عن بوغدانوف عقب لقائه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان في موسكو، إنه أكد "ثبات المواقف الروسية حيال ضرورة حلّ الأزمة السورية بطرق سياسية وديبلوماسية عبر حوار وطني شامل، من دون أي تدخل خارجي، مع إحترام سيادة سوريا". وأضاف أن الطرفين بحثا أيضاً في الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معربين عن أملهما في أن "يتم تطبيع الوضع في المنطقة في أسرع وقت ممكن في سياق طموحات الشعوب العربية إلى حياة أفضل وضمان حقوقها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية".
الى ذلك، إلتقى بوغدانوف النائب الأول لوزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو، وأكّد له دعم موسكو لجهود الجامعة العربية الرامية إلى حل الأزمة السورية الداخلية، مشيداً بقرار الجامعة تمديد تفويض بعثة مراقبيها في سوريا.

في بغداد، نفى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مقابلة مع قناة "العربية" الفضائية السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها، تقديم بلاده أي دعم مالي لنظام الأسد، مؤكدا في الوقت عينه أن لدى بغداد اتصالات مع المعارضة السورية سواء في الخارج او الداخل. وقال إن العراق لم يقدم إلى سوريا دولاراً واحداً، متسائلاً أين هي القدرات المالية العراقية لكي تساعد النظام السوري؟
  

السابق
الموازنة الى النصف
التالي
الاخبار: الكهرباء على طاولة مجلس الوزراء اليوم