موسكو تؤيّد تنحّي الأسد

دخلت الأزمة السوريّة منعطفاً أساسياً في مسارها بعد مبادرة الجامعة العربية لاستنساخ النموذج اليمني حلاً لها، نظراً للتحوّلات التي خلطت الأوراق والتي ستغيّر المشهد في المرحلة المقبلة.

أولاً: إنّ النظام السوري الذي كان يعتمد على الفيتو الروسي في مجلس الأمن للمضي في "الحلّ الأمني"، سيفقد دعم موسكو تدريجاً لأنها تؤيّد المقترحات العربية في اعتماد النموذج اليمني الذي من شأنه أن يمنع التدخل العسكري الخارجي في سوريا من جهة، ويحول دون انجرارها الى حرب أهلية طويلة ومدمّرة من جهة ثانية، وبالتالي تكون روسيا دخلت شريكاً أساسياً مع الولايات المتحدة الأميركية في حلّ الأزمة السوريّة وضمنت مصالحها الاستراتيجية والحيوية في منطقة الشرق الأوسط.

ولن تستطيع موسكو التمسّك بحق النقض دفاعاً عن النظام السوري بعد اليوم بعدما تبنّت الدول العربية، بموافقة أميركية، النصائح الروسية سواء في إرسال بعثة المراقبين أو في طرح النموذج اليمني واستبعاد الصيغة الليبية كحلّ للاضطرابات والاحتجاجات المتواصلة في سوريا منذ أكثر من عشرة أشهر.وبذلك تكون موسكو سحبت الغطاء عن الرئيس الأسد وانضمّت الى المطالبين بتنحّيه مع توفير الضمانات لحمايته وحصانته ليكون جزءاً من الحلّ بدل أن يكون ضحيته.

ثانياً: إزاء هذا الواقع، سيجد النظام السوري نفسه مضّطرا الى الهروب الى الأمام وتكثيف عملياته الأمنية في محاولة للسيطرة الميدانية سريعاً، لأنّ عامل الوقت الذي كان في مصلحته في المرحلة السابقة سيلعب ضدّه في المرحلة المقبلة.

وفي المقابل ستزداد حركات الاحتجاج السلمية وضربات "الجيش الحرّ" المسلّحة، خاصة بعد الدعم المعنوي الكبير الذي تلقاه معارضو النظام من خلال طلب الجامعة العربية تخلّي الرئيس الأسد عن صلاحياته وتفويضها لنائب الرئيس كاملة في إطار "خطة انتقال سلمي للسلطة".

ثالثاً: سيتمّ تشديد الخناق على النظام السوري ومحاصرته وإضعافه بكل الوسائل المتاحة، من زيادة العقوبات المؤلمة اقتصادياً الى تعزيز العمل المخابراتي العربي والغربي الذي سمّي بالحرب السرّية، وتطوير عمليات الاغتيال والتخريب، الى تكثيف الضغوط الدبلوماسية والإعلامية، ورفع مستوى الدعم المالي واللوجستي وحتى السلاح للمعارضة.

رابعاً: على رغم كلّ النفي لتدخل خارجي محتمل، فإنّ التقارير السرّية تؤكد أنّ خططاً أوّلية أعدّت لهذا الاحتمال، لكن توقيتها لم يحدّد بعد، على أساس أنّ هناك سلسلة من الخيارات والخطوات التي يمكن أن تحقق الهدف الاستراتيجي في تغيير النظام السوري دون اللجوء الى شنّ حرب عسكرية مباشرة. وإذا فشلت كلّ المحاولات، عندئذٍ نرى مقاتلات "الـ اف 16" الأميركية و"تورنيدو" البريطانية وGR45 الموجودة في قبرص وعدد من دول البحر الأبيض المتوسط تحلّق في الأجواء السورية والجوار فيما تقترب الأساطيل الأميركية والفرنسية من الساحل السوري أكثر فأكثر.

إن خطورة المبادرة العربية الأخيرة تتمثل في أنها أكملت دائرة الطوق حول النظام السوري، وسحبت منه الغطاء الروسي، ومهّدت الطريق نحو التدويل والتدخل لحلّ وفق نموذج جديد بعد النموذجين الليبي واليمني، اسمه النموذج السوري.  

السابق
ام خالد وكثيرات مثلها.. وجدن اولادهن ضباطاً في جيش العدو الإسرائيلي !!
التالي
اعتقال ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي سرق الاف الوثائق العسكرية