من اختيار الزوجة الى اختبار العذرية حلقات عن أحوال المرأة في العرقوب.. قديماً

الزواج والواقع الأجتماعي في العرقوب والجولان ووادي التيم لا يختلف في هذه المناطق عن بقية المجتمعات من مناطق الجنوب والبقاع، كما يرويها لنا كبار السن وتعززها الوقائع. هو أبوي الأنتماء يتبع خط الأب الذي يملك كلّ الحقوق، على بنيه من الزوجة إلى الأولاد الذكور والآناث. وهذا النظام الأبوي الموروث الذي يرتدي بعض من عادته ثوب العشائرية والقبائلية هو مقياس للرجولة.. حيث يُسقط سلطة المرأة. ويعطيها للأب الذي يحق له التحكم في كلّ الأمور. فهو الذي يختار لأولاده الزوجات كما أنه يختار الزوج لبناته دون اللجوء إلى الاستشارة. وهو الذي يحدد «المقدم» و”المؤخر” في المهور وإليه ترجع الكلمة الأولى والأخيرة كذلك له كلمة الفصل في الخلافات بين الزوجات والأبناء.

وهنا نتوقف عند حديث الشيخ حسين الأحمد الذي بلغ التسعين من العمر حيث يقول: كان الزواج بالنسبة للأناث يتم عن طريق المرأة. لكن كلّ شيء يتمّ بعلم الرجل ولا يحق للمرأة أن تتجاوز الواقع من العادات والتقاليد المتبعة. ويضيف الأحمد وفي حال كانت الأمور متباعدة بين العائلتين. ومتعبة لحركة الرجل كانت الزوجة هي التي تلعب دور المشجع وتقرب البنت من العائلة حتى يتسنى للأب أن يطلب يد البنت. ومن العادات يتوجب على المرأة أن تبتعد عن التشاجر وتتّسم بالأنوثة ولا تتبرج إلا لزوجها وتقوم بواجباتها الأسرية. ويصف الأحمد المرأة بأنها غابة من الشوك إن كانت لا تمتلك الكفاءات في تأسيس عائلة وتربية الأولاد ويمكن وصفها بالمرأة المقدامة حين تحسن ظروف زوجها.

دلالة العذرية

لم يكن دور المرأة محصوراً بمعرفة رأي البنت فقط، بل كانت تلعب دور الترغيب للبنت في الزواج لتأسيس عائلة.. والترغيب من خلال التواصل معها والحديث عن الأملاك وحياتهم وأنهم أكثر يسراً عن غيرهم وكل ذلك كان يتم بمعرفة الرجل. وقبل اجتماع الأبوين وطلب يد البنت، فالمرأة بموجب هذا التكليف تأخذ الوعد.

ودورها ينتهي بعد أخذ الموافقة، فيأتي دور الأب هو الذي يطلب يد الفتاة من أبيها وليس العريس، وهو الذي يقدم «الحلي» من الذهب والأرض والمواشي. وفي يوم ردة العروس ليلة «الدخلة» كان الأب هو الذي يقدم الذبائح والأكل والفرش الذي كان بمجمله من صوف الغنم، وغيره من حاجات المنزل. وكان يتم ذلك قبل الاحتفال بالعرس وقبل «الدخلة».

في ليلة العرس تجري عملية النقوط و«الشوبشه» والمبالغ الكبيرة من النقوط بمجملها من الأهل والأقارب وبقدر ما كانت العائلة مقدمة من التسليف تحصد. وبعدها يتم نقل الزوج لزوجته إلى منزل أبيه ودخول الزوج على زوجته. وكانت العادات وحتى لا يجعلوا هناك من شك عذريتها لعدم تقارب العائلتين من بعضهما تنتظر الأم حتى ساعة متأخرة من الليل وتأخذ الأدلة وإظهارها للنساء وهي عبارة عن منديل أبيض ملون بالدماء تعرضها والدة العروس على النساء منعاً للأقاويل. وكلّ ذلك يتم بمعرفة الرجال، فالخطيئة بالنسبة للفتيات عند فقدان العذرية كان شعارها عند الرجال حينذاك القتل، وكانت المرأة عاملاً مشجعاً ضد بنات جنسها بل فخورة بإبراز الرجل قوته وعنفوانه في هذا الارتكاب.

مشاركة المرأة

كانت مشاركة المرأة في الأعراس جزء من الثقافة العامة والعادات والتقاليد في العرقوب تشارك في الدبكة الى جانب الرجل و«تغني» كما الرجل وفي هذا المجال أيضاً وتبعاً للعادات كانت تشارك الرجل في معاملة الأرض. «الحفار» «التعشيب» الحصاد الدراسة ونقل الغلال عن البيادر ونقل الحطب بالإضافة إلى اهتمامها بالمنزل وتأمين حاجيات الزوج والأولاد.

ومن الموانع للمرأة والبنت وموانع الوسطاء أو حتى بين أبناء الجب الواحد كما يقال هم خارج نطاق النقاش. وقضية اختلاء المرأة أو البنت بالرجال من المحرّمات. فالمرأة محكومة من الأب وأولياء الأمر وعندما يكبر الأخ تصبح محكومة للأب والأخ وبعد زواجها تصبح محكومة إلى الزوج وبعد الأنجاب تصبح محكومة للأولاد.

ويقول الزميل الإعلامي إمام علي حمدان في حدوث الطلاق: لما كان تعايش الزوجان تحت سقف واحد واقعاً حياتياً لكنه في الكثير من الأحيان كان شديد القسوة تتقاطع فيه العادات المتخلّفة والموروثة المرافقة للعوز المادي مع استبداد الزوج فكانت نسبة الطلاق حينذاك تتجاوز 20% رغم قلة الجمع بين الزوجات إلا في ما ندر فكان محصوراً بين طبقة الرعاة.
فالمرأة في مرحلة الخمسينات من القرن الماضي كانت قليلة التبرج ولا تعرف البنطال ولا وجود لأدوات التجميل في خزانتها ويجب أن تتمتع بحيوية تثبت فيها قدرتها من خلال تعاملها مع محيطها والأرض. إضافة إلى دورها في الأنجاب والتربية. ويضيف حمدان: كل ذلك كان يمارس تحت عباءة الدين والمرأة المخالفة لتلك العادات لا تدخل الجنة.

ازواج الحاضر

(م.ن.) مثل الكثيرات من النساء المطلّقات رفضت ذكر اسمها، هي ضد البنود القانونية التي تعطي الرجل الحق بكل شيء… كانت مضطربة ومتألّمة في حديثها معنا وقد تحدثت إلينا بتأثّر وشفتاها ترتعش وهي تذكر أطفالها الاثنين اللذين لم يبلغا السابعة من العمر. وتضيف: القانون أعطى زوجي حق الرعاية وبسبب ظروفي الصعبة فقد مرت عدة أسابيع دون أن يحضرهم إليّ كي أراهم لانتقامه مني أكثر… إنه يريدني كالعجينة بين يديه. فقد مارست ذلك فترة.. إتقاء للشر وعندما رفضت ذلك أخذ ينسج من خياله الإشاعات عني وكان خلال الحوار بيننا يقول: ليس لك أي حق أنت في خدمتي رغم أني أسرت نفسي وسط جدران منزل والداي. تسأل: أين القانون؟ ألا يستحق بعمله الإجرامي هذا العقاب.. وكان يقهرني بممارسات جنسية شاذة. بعد كل هذه الممارسات حزمت أمري وطلبت الطلاق فالإنسان الذي لا يصلح تركه أصلح. لكني لا زلت تحت أثر المأساة لبعدي عن أولادي رغم أن المحكمة الشرعية وبالقانون أعطتني الحق برؤيتهم كل أسبوع، لكنه يمنعني من رؤيتهم وأنا لا أملك سوى الدعاء إلى الله أن يصيبه مكروه كلما تنشق الهواء.

السابق
جغرافية مرتبكة : منازل العربان وحدود بلاد بشارة
التالي
الرياض: دول الخليج تقرر سحب مراقبيها من بعثة الجامعة العربية إلى سوريا