دخان الضياع

مفارقة عجيبة غريبة شهدها اللبنانيون الأسبوع الماضي تضاف الى ارقامهم القياسية لصحن الفول والتبولة واللحم بعجين.
كانت مناطق عدة تشهد قطع طرق واعتصامات ليلية احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي فيما كان آخرون يحتفلون بانضمام طائرة "ايرباص" الى اسطول شركة "الميدل ايست".
والكهرباء مرتبطة في اذهاننا بالاقامة فيما الطائرات مرتبطة بالسفر.

إذن اي مفارقة هذه تدفع بلبنانيين لطلب تأمين أبسط وسائل العيش في وطنهم، فيما غيرهم يحتفل بتوفير أبسط وسيلة للخروج من هذا الوطن!
في تصريحات لمسؤولين عن الإنارة جاء قولهم المشكور: ان الآتي أعظم، وقصدهم من وراء ذلك ان اللبنانيين سيتحسرون على ما هو قائم الآن من احوال الكهرباء إذ انهم لن يروها بعد الآن.
الا تستدعي مثل هذه التصريحات إحالة الى القضاء؟ او على الاقل الا يفترض ان يتحرك مجلس النواب لمحاسبة الحكومة او الوجوه "المنيرة" فيها؟

لن نتوقع شيئاً من هذا طالما الناس ساكتة إلا عن قطع طريق وحرق دواليب يخترق دخانها الكاوتشوكي صدورهم وصدور اطفالهم في انتظار نهار آخر "إذا طلع عليهم النهار".
ولأن كل شيء بات مطيّفاً وممذهباً ها نحن نتابع احتجاجات في مناطق مظلمة ولا نرى شبيهاً لها في مناطق مظلمة أخرى انما ينتمي سكانها الى "طائفة" كهربائية مختلفة.
وما هو الحل يا أخ العرب؟ الجواب بكل بساطة: لا حل يا أخ العرب. نحن سائرون الى ذلك الآتي الأعظم فالمؤمن "لا يؤخذ الى الجنة بالسلاسل" والكهرباء في ايامنا كالجنة الموعودة.. سنبكي كالنساء ملكاً ضائعاً.
  

السابق
اللواء: سليمان طالب أبادي بنقل رفض لبنان التدخّل بشؤونه إلى نجاد ويدعم موقف العريضي من مطار القليعات
التالي
السيناريو العراقي