البناء: تمديد مهمة المراقبين شهرا وإجماع على إنجاح الحلّ العربي

وافق وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاستثنائي أمس على التمديد لمهمة بعثة المراقبين في سورية لمدة شهر إضافية، مع "زيادة عددهم وتوفير الدعم لهم". وهذا القرار يقطع الطريق على محاولات بعض دول الخليج خاصة قطر ومعها ما يسمى "المجلس الوطني في سورية، لرفع الوضع هناك إلى مجلس الأمن، علماً أن الموقف الروسي والصيني رفض بشكل واضح أخيراً إصدار أي قرار عن مجلس الأمن ضد سورية.
وبالتزامن مع قرار التمديد للمراقبين، اتخذت الحكومة السورية المزيد من الخطوات والإجراءات الإيجابية التي من شأنها إراحة الأجواء الداخلية من جهة، واستكمال الخطوات الإصلاحية من جهة أخرى، فأفرجت أمس عن عدد من الموقوفين الذين ألقي القبض عليهم خلال الأحداث الأخيرة، ما يرفع العدد إلى 5255 شخصاً، في وقت أفيد نقلاً عن أحد أعضاء لجنة الدستور الجديد أن اللجنة ستنتهي من إعداد هذا الدستور خلال أيام، موضحاً أنه "تم إلغاء المادة الثامنة منه".
تقرير البعثة
ولوحظ أن تقرير بعثة المراقبين كشف عن حقائق كثيرة حول ما تقوم به المجموعات المسلحة، حيث أكد أنها استخدمت القنابل الحرارية والقذائف المضادة ضد القوات الحكومية والمواطنين وعدد من المنشآت الخدماتية والاقتصادية، وان هناك مسلحين يستهدفون المواطنين وقوى الأمن. ولفت التقرير أيضاً إلى أن بعض وسائل الإعلام شوهت الحقيقة في سورية وإن فبركاتها أدت إلى زيادة الاحتقان. وأشار إلى أن هناك أكثر من 36 وسيلة إعلامية تعمل من دون أن تسمح لها السلطات بذلك. كما أشار التقرير إلى سحب المظاهر المسلحة من الشوارع وإن السلطات تسمح للمراقبين بالتجول من دون أية قيود.
كذلك أوصت البعثة في تقريرها "التعجيل بالعملية السياسية وانطلاق الحوار الوطني بالتوازي مع مهمة البعثة بما يحول دون إطالة أمد بقائها". كما لاحظت أن المواطنين لديهم اقتناع بضرورة حل الأزمة بصورة سلمية". وكذلك أكدت البعثة في تقريرها "أن جزءاً من المعارضة لجأ إلى السلاح".
اجتماع وزراء الخارجية
وكانت اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع السوري اجتمعت صباح أمس في القاهرة ورفعت توصية إلى اجتماع مجلس وزراء الخارجية بتمديد عمل المراقبين.
وبعد الظهر عاد وزراء الخارجية العرب واجتمعوا في القاهرة أيضاً وبحثوا في توصيات اللجنة الوزارية بناء على تقرير رئيس فريق المراقبين الفريق أول محمد أحمد الدابي وانتهى الاجتماع بإقرار التمديد لمدة شهر واحد، وإن كانت "قناة الجزيرة" ـ حسب معلوماتها ـ تحدثت عن حصول خلافات بين وزراء الخارجية العرب حول التمديد للمراقبين.
وأشارت قناة الجزيرة إلى أنه تم إرجاء اجتماع وزراء الخارجية لمدة ساعتين بعد "بروز خلافات بين بعض الوزراء حول تمديد عمل هؤلاء المراقبين".
وكان بضع عشرات من أنصار ما تسمى "المعارضة السورية" حاولوا التأثير في اجتماع القاهرة من خلال تجمعهم أمام مقر الجامعة العربية وحملهم لافتات غير لائقة تعبر عن "حقد ما يسمى المجلس الوطني" تجاه الحكومة السورية.
العربي: لا إحالة إلى مجلس الأمن
وكان العربي أوضح في حديث له أمس أنه "لا يوجد أي اتجاه لإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن". ونفى عرض تقرير بعثة المراقبين على أي أطراف دولية، مشدداً على أن "هذه التقارير تخص الجامعة العربية ودولها وأنه لا مجال لإحاطة أية أطراف خارجية سواء كانت دولاً أم منظمات بها".
السعودية تلحق بقطر
وفي خطوة غير مبررة ويبدو أنها تتلاقى مع المسعى الأميركي ـ الغربي لإفشال مهمة المراقبين، أعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن "بلاده قررت سحب مراقبيها من سورية".
وعلم في هذا الإطار، أن الوزير السعودي حاول تبرير خطوته بحجة "عدم تطبيق سورية للاتفاق"، بينما لم يقرأ كما يبدو تقرير بعثة المراقبين العرب الذي تحدث بشكل لافت عن الممارسات الإرهابية للمجموعات المسلحة.
وقالت أوساط عليمة إن السعودية بهذا الموقف للوزير الفيصل كشفت عن وجهها الحقيقي الذي يستهدف سورية والنظام السوري بشكل مباشر، وقالت إن سحب المراقبين هو جزء من رغبة السعوديين في الأساس، خلال الاجتماع، بغية عدم التمديد لهم، وتحويل المبادرة إلى شكل آخر وبالتحديد إلى مجلس الأمن.
الفيصل وغليون؟
ولوحظ أيضاً أن خطوة الوزير الفيصل جاءت بعد ساعات من اللقاء المعلن الأول الذي جمعه أمس في القاهرة مع ما يسمى "رئيس المجلس الوطني في سورية" المدعو برهان غليون بعد أن كان الأخير اجتمع أيضاً مع العربي.
ومساء أمس أعلن المدعو غليون رفضه لتمديد مهمة المراقبين داعياً إلى ما زعمه "رفع الوضع في سورية إلى مجلس الأمن".
وزيرا خارجية مصر وأميركا
والشأن السوري كان أمس أيضاً مدار بحث بين وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وأوضح بيان للخارجية الأميركية أن "كلينتون وعمرو قارنا المواقف بشأن سورية قبيل انطلاق اجتماعات جامعة الدول العربية".
إجماع عربي على إنجاح مهمة المراقبين
وكان محمد كامل عمرو أكد في حديث له أمس أن الجهود العربية لم تفشل بعد بحل الأزمة السورية، مؤكداً "رفضه لأي تدخلات أجنبية بما تنضوي عليه من تعقيدات والمزيد من إلحاق الضرر بالشعب السوري". ورفض المقولات حول أن "إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن ستحقق حلاً جذرياً لها".
بدوره، أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن "فرص التسوية السياسية للأزمة السورية لم تنته بعد"، رافضاً اعتبار أن مهمة المراقبين العرب "قد آلت إلى الفشل" وداعياً إلى "ضرورة استمرارها ومواصلة جهود الجامعة".
كذلك أكد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي ثقة بلاده بقدرة الجامعة العربية على التوصل إلى حل للأزمة السورية في نهاية المطاف، معتبراً أنه "لا يمكن أن نأمن شرور التدخل الأجنبي وما ينضوي عليه من مخاطر ضخمة".
من جهته، أكد وزير الخارجية السوداني علي كارتي أن "بلاده ما زالت تتمسك بالأمل لإيجاد مخرج رغم تعقيدات الأوضاع في سورية"، معتبراً أن "الحل العربي يمثل الفرصة الوحيدة".
والتركي يدعم الجامعة
وفي هذا السياق، كان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أكد أن "بلاده ستدعم أي قرار يصدر عن اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة"، لكنه رأى أنه إذا "كانت المبادرات الإقليمية غير قادرة على تحقيق النتائج… تصبح القضية بحاجة للاهتمام الدولي واهتمام الأمم المتحدة".  الانتهاء من إعداد الدستور خلال أيام
وفي الإطار الإصلاحي، ناقشت اللجنة الوطنية المكلفة إعداد مشروع دستور للجمهورية السورية خلال اجتماعها أمس برئاسة مظهر العنبري مواد مشروع الدستور بعد أن انتهت لجنة مصغرة منبثقة عنها من صوغ مسودته بشكل كامل.
وأوضح أحد أعضاء اللجنة، في حديث إلى وكالة الأنباء الألمانية، أن "أكثر من مئة مادة قد جرى تعديلها في الدستور الجديد الذي تنتهي منه اللجنة خلال الأيام القليلة المقبلة، وتستعد الى تسليمه للرئيس السوري بشار الأسد".
وأشار إلى أنه "من بين المواد التي جرى تعديلها صلاحيات المحكمة الدستورية، وعدد من القوانين الحقوقية التي تخص المواطنين، فضلاً عن تحديد ولاية الرئيس السوري بسبع سنوات لدورتين".
ولفت إلى أن "المادة الثامنة من الدستور التي تخول "حزب البعث" احتكار السلطة وإدارة المجتمع قد عولجت بشكل جذري، أي تمت إزالتها".
وأكد أنه "سيجري تسليم الدستور خلال الأيام المقبلة للرئيس السوري لعرضه على الاستفتاء العام، حيث من المرجح أن يتم نشره واطلاع الشعب السوري عليه خلال الأيام المقبلة".
5255 شخصاً أخلي سبيلهم
إلى ذلك، اتخذت السلطات السورية المزيد من الخطوات الإيجابية، فأفرجت أمس عن أعداد جديدة من الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة. وذكرت "سانا" أن عدد الموقوفين المخلى سبيلهم بموجب مرسوم العفو العام الذي أصدره الرئيس بشار الأسد عن الجرائم المرتكبة على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها سورية بلغ 5255 شخصاً حتى تاريخه.
إرهاب المجموعات المسلحة
أما في الشأن الأمني، فقد واصلت المجموعات الإرهابية المسلحة الاعتداء على المواطنين والقوى الأمنية، وزعمت "قناة الجزيرة" في هذا السياق نقلاً عمن وصفتهم بـ"المنشقين أنهم سيطروا على كل مناطق دوما في ريف دمشق بعد قتال عنيف".
لكن حقيقة الأمر تفيد أن العصابات المسلحة دخلت إلى بعض مناطق دوما وعمدت إلى التخريب والاعتداء والتنكيل بالمواطنين، ما اضطر القوى الأمنية إلى التدخل بسرعة وإنهاء هذه الأعمال الإرهابية وأعادت الأمور إلى طبيعتها.
كذلك استهدفت العصابات المسلحة حافلة ركاب مدنية في حمص ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً وإصابة تسعة آخرين.
كما عمدت في ريف دمشق إلى إطلاق النار على سيارة العميد الركن المجاز حسن عبدالله الإبراهيم من إدارة الحرب الإلكترونية ما أدى إلى استشهاده والملازم أول المهندس يامن خضور وإصابة ثلاثة آخرين.
كما استشهد عدد من الاشخاص وجرح آخرون في الاعتداءات في حمص ودرعا وحماه.
وفي الرقة، ضبطت الجهات المختصة أمس شاحنتين الأولى في منطقة معدان عتيق والثانية في منطقة الرصاصة في البادية وبداخلهما بنادق آلية وقواذف وحشوات دافعة ومخازن طلقات كانت جميعها في مخابئ سرية وذلك عندما كانت الشاحنتان تتجهان إلى بادية حماه.
إلى ذلك، زعمت قناة "العربية" نقلاً عما وصفتها بـ"الهيئة العامة للثورة السورية أن 13 شخصاً قتلوا أمس".
جلستان اليوم وغداً للموازنة
أما على الصعيد الداخلي، فمن المتوقع أن تكثف الحكومة اجتماعاتها اعتباراً من هذا الأسبوع لاستكمال معالجة الاستحقاقات الداهمة بدءاً من إنجاز مشروع الموازنة للعام الحالي وصولاً إلى ملف أزمة الكهرباء الذي بات يهدد بمزيد من الاحتقان الشعبي في معظم المناطق اللبنانية، نظراً للتقنين القاسي الذي تعتمده مؤسسة كهرباء لبنان وسط تراكم الثلوج وتدني درجات الحرارة.
وسيبحث مجلس الوزراء في جلستين استثنائيتين اليوم وغداً في مشروع الموازنة. وقالت مصادر وزارية انه إذا كانت أجواء المناقشات إيجابية فمن المرجح عقد جلستين كل أسبوع ليصار إلى الانتهاء من الموازنة في منتصف شهر شباط المقبل.
بحث أزمة الكهرباء في جلسة الأربعاء
كما سيعقد مجلس الوزراء جلسة عادية يوم الأربعاء المقبل وسيكون الملف الأبرز على جدول الأعمال موضوع الكهرباء سواء ما يتعلق باستكمال مد خطوط التوتر في المنصورية وبصاليم، أم لجهة الاستماع إلى ما أعدته اللجنة الوزارية المعنية بإعداد دفتر الشروط لاستئجار بواخر لسد النقص في التغذية إلى حين إنشاء معامل جديدة وإعادة تحديث المعامل القائمة والتي تمتد لأربع سنوات.
وأوضحت مصادر وزارية أن مجلس الوزراء سيتخذ قراراً نهائياً حول مد خطوط التوتر في المنصورية وبصاليم، فإما أن تنتهي المشكلة وتمد هذه الخطوط، وإما يصار إلى شراء العقارات التي يتخوف أصحابها من تعرضهم للمخاطر نتيجة مد خطوط التوتر.
تصحيح الأجور
أما على صعيد موضوع تصحيح الأجور فقد علمت "البناء" أن وزير العمل شربل نحاس كان حازماً مع من راجعه حول مرسوم بدل النقل، بأنه لن يقدم على أي خطوة تخالف القانون وأنه بالتالي لن يوقّع على المرسوم الحالي.
وكشفت مصادر وزارية لـ"البناء" أن من بين المخارج المطروحة أن يعدّ وزير العمل مشروع قانون حول بدل النقل والمنح المدرسية يرفعه إلى مجلس الوزراء الذي يحيله بدوره إلى مجلس النواب لإقراره وذلك بأن يجيز البرلمان للحكومة تحديد بدل النقل، وبذلك يصبح هذا الموضوع قانونياً مئة في المئة.
واستبعدت هذه المصادر أن يكون لخطوة نحاس بإحجامه عن توقيع المرسوم أي تأثيرات على مناخ مجلس الوزراء، وإن ما قيل عن استقالة أو إقالة لا يعدو كونه من باب الاجتهاد.  

السابق
اللواء: حادث العريضة يتفاعل … ودعوات نيابية لقطع العلاقات مع إيران ومخاوف من هزّ الحكومة بالكهرباء قبل زيارة باريس!
التالي
الدستور السوري الجديد: حدد ولايتين للرئيس كل منهما 7 سنوات وألغى المادة الثامنة