مواطنو إسرائيل.. يتذمرون

للأصوليين يوجد الآن تهديد جديد. اذا لم تتوقفوا، انتم العلمانيين، عن الحديث، الكتابة والتظاهر ضدنا، فاننا سنكف عن الاختلاط بمجتمعكم، سنوقف عملية الخروج إلى العمل، التعليم في الجامعات، وبالطبع التجنيد الطوعي للجيش الإسرائيلي. الترجمة: سنعود إلى الغيتوات التي عشنا فيها حتى الآن، سنواصل كوننا عبئا اقتصاديا على رقابكم وسنواصل القول ان كل شبابنا يختارون طريقة «توراتهم إيمانهم» بدلا من طريقة التجنيد الإلزامي المتبعة في دولتكم.

إذ يوجد قانون خاص يسمح لنا بان نقرر إذا كان يروق لنا التجند للجيش أم لا. «قانون طال» يسمى هذا الشيء غير الدستوري الذي يسمح لمئات ألاف الأصوليين في عمر التجند التملص من الخدمة العسكرية. وحتى كلمة التملص ليست صحيحة هنا. الاختيار. ببساطة الاختيار. للتملص يوجد تداعي فكري لشيء غير مقبول. عندما يؤدي الآخرون واجبهم، فان مثل هذه المجموعة أو تلك لا تؤديه. ليس هذا هو الوضع في الحالة الراهنة. المجموعة الشاذة، المختلفة، غير المقبولة، هي بالذات القليلة التي تختار الخدمة في الجيش، بين سنتين وثلاث سنوات. وللتسهيل على الأصوليين الاختيار منحوهم شرعية تامة برعاية قانون سنته كنيست إسرائيل، وبموجبه هم غير ملزمين بإعطاء أي شيء مقابل تلقي ذات الحقوق بالضبط التي يستحقها من يعطي ثلاث سنوات من حياته للجيش، بل وأحيانا يدفع لقاء ذلك ثمنا بحياته. هذا بسيط جدا ولهذا فهو يصرخ إلى السماء. مثير جدا لدرجة أنه ليس واضحا كيف حصل ان حتى الان لم تمتلئ الشوارع والميادين بمئات آلاف المتظاهرين الذين يعلنون بشكل لا لبس فيه بانهم لم يعودوا مستعدين لذلك. كيف يوافق مواطنو إسرائيل الذين يؤدون واجبهم على أن يقبلوا بورقة التين الهزيلة التي تلقى إليهم، وكأنه توجد موجة هائلة وكبيرة من الأصوليين الذين يختارون التجند. بشروطهم بالطبع. لا توجد مثل هذه الموجة، يقول اولئك الذين يعرفون الأرقام. لا يزال يدور الحديث عن أرقام صغيرة حتى هامشية. معظم الأصوليين يفضلون مواصلة حياتهم كالمعتاد وعدم قطعها بالامر المثير للأعصاب هذا الذي يسمى خدمة عسكرية. والان، يريد بنيامين نتنياهو أن يمدد بخمس سنوات أخرى (إضافة إلى العشر سنوات التي كان القانون ساري المفعول فيها) لهذا القانون المجنون الذي لا ريب انه لو كان لإسرائيل دستور، لما كان صمد حتى ولا لخمس ساعات، ومرة اخرى، كل شيء كي يتمكن من الاحتفاظ بمنصبه. فلا يوجد أي سبب ظاهر للعيان لمواصلة هذه الفضيحة، باستثناء الرعب الكبير من الأحزاب الأصولية ومن الحاخامين الذين يقودوها.

رئيس الوزراء، الوزراء والنواب يتملكهم الخوف الشديد في كل مرة يعالجون فيها الظلم المتعلق بالتفضيل للأصوليين. وهم يلقون بكل الصندوق، وحتى لا يتجادلون والمهم الا يغضبوا مجلس الحكماء هذا أو ذاك. وماذا عن وزير الدفاع ايهود باراك؟ ظاهرا يبدو انه الرجل الخير في هذه القصة. فهو يطلب تمديد القانون بسنة فقط. لماذا؟ ماذا سيحصل في سنة، باستثناء انه بعدها ستأتي سنة أخرى، وسنة أخرى، وسنصل إلى الخمسة المقررة في القانون، ومرة أخرى سيمدد.
كيف يمكن للوزير المسؤول عن الجيش الإسرائيلي أن ينظر إلى عيون جنوده ويقول لهم انه هو الذي يسمح لعشرات الاف الأشخاص في عمرهم، بصحة جيدة ويحصلون من الدولة بالضبط ما يحصلون عليه، ولا يؤدون واجب كل مواطن ليس اصوليا؟ واضح تماما أن الحديث والكتابة عن الموضوع هما مجرد ذر للكلام في الريح. فالقانون سيمدد بخمس سنوات لان هذا جيد سياسيا لنتنياهو؛ وقليلا أيضا لايهود باراك، الذي يبني الان ولايته الثالثة كوزير للدفاع.
وماذا عن مواطني إسرائيل؟ سيواصلون القعود بهدوء، يتذمرون قليلا، يتحدثون في كل أنواع المناسبات الاحتفالية عن الحاجة إلى «وحدة الشعب» على ان تكون هذه الوحدة تستند مائة في المائة إلى التنازل للأصوليين. في يوم الانتخابات سيواصلون التصويت بجموعهم لنتنياهو، وبعد يوم من انتخابه سيواصلون التذمر بان هكذا لا يمكن الاستمرار، ولماذا لا يتجند الأصوليون مثلهم.  

السابق
ليفني هي الخاسرة الكبرى
التالي
أهذا مجتمع مساواة؟