مسؤول أميركي: نقف على الحياد من سوريا.. ولا مواجهة عسكرية مع طهران

لم يسبق ان شعر المسؤولون الاميركيون بارتياح اكبر لمسار الاحداث في مواجهتهم مع ايران في السنوات القليلة الاخيرة.
ويقول احد كبار المسؤولين في مجلس خاص ان «من يلوح بالخيار العسكري هو في الموقف الاضعف، كنا نحن من يهدد ايران عسكريا قبل سنوات، والآن انقلبت الصورة وصارت هي من يهددنا».
في الحديث العسكري، لا يبدو ان هناك اي خوف اميركي من القوة العسكرية الايرانية او اي قوة عسكرية اخرى في العالم. فالارقام تشير الى ان كل السفن الحربية الروسية، على سبيل المثال، لديها «قوة نارية تعادل القوة النارية للاسطول الاميركي السادس وحده، والمتمركز في حوض المتوسط». اما التهديد الايراني باغلاق مضيق هرمز، فـ «هو كلام اعلامي على طراز من يكبر الحجر لا يرميه»، اذ لا شك لدى المسؤولين الاميركيين انه في حال اندلاع مواجهة عسكرية مع ايران، يمكن للقوة الاميركية «انهاء» نظيرتها الايرانية عن بكرة ابيها، وفي ايام قليلة.

«لطالما كانت المواجهة سياسية»، يقول المسؤول الاميركي مخاطبا ضيوفه من الديبلوماسيين الاوروبيين، مضيفا: «لم تكن السياسة نقطة قوة لدى الحكومات السابقة فتقدمت علينا طهران، اما اليوم، فعدنا نحن اصحاب اليد الطولى في المواجهة مع الايرانيين».
الديبلوماسية تحتاج الى صبر واناة. يمرر المسؤول الاميركي تقرير حول الاقتصاد الايراني ومرفق بخبر صحافي عن منع الحكومة الايرانية عمليات الصيرفة خارج البنوك في محاولة للمحافظة على مخزون البلاد من العملات الاجنبية. «قلنا قبل عام ان العقوبات على ايران لديها انياب وستعض». الحاضرون، وبينهم صحافيون يبادرون الى القول انه في العام 2008، وقبل اشهر من نهاية ولاية الرئيس السابق جورج بوش، كانوا في قاعدة جزيرة غوام الجوية، ورأوا طياري قاذفات «بي 52» الاستراتيجية يعملون على تلميع الصواريخ وتجهيز طائراتهم لشن غارات على المواقع الايرانية. يعلق المسؤول: «صحيح، في ذلك الوقت، كنا على وشك توجيه ضربة، لكن اصرار الرئيس المنتخب (باراك اوباما) على عدم توريطه وفريقه في حرب جديدة، فرض على الادارة المنتهية ولايتها التريث».
منذ ذلك الحين، يقول المسؤول، تعمل واشنطن بدأب على بناء تحالف دولي يفرض عقوبات «ويجعل ثمن النووي مكلفا جدا على طهران». ويضيف المسؤول ان جزءا اساسيا خلف التغيير في السياسة الاميركية تجاه ايران، مع حلول العام 2009، يتعلق بشخصية الرئيس الجديد: «علينا الا ننسى ان الرئيس (اوباما) هو رجل قانون قبل كل شيء، وهو يخوض معركة كسب المحلفين، وهم في هذه الحالة الدول الفاعلة دوليا، في المواجهة مع الايرانيين».
ويقول المسؤول ان اوباما «يستغرب كيف كانت واشنطن تعتقد ان الحلول الوحيدة لديها في مواجهة ايران هي حلول عسكرية». ويضيف: «الرئيس يعتقد انه اذا لم يكن بمقدور صاحبة اكبر اقتصاد في العالم (اي الولايات المتحدة)، وصاحبة اكبر عدد حلفاء وعلاقات دولية، في ان تنجح في تعديل مسار الايرانيين النووي، فلا يمكن لأي أحد غيرنا أن ينجح في أي معركة ديبلوماسية من أي نوع كانت».

ثم يعدد المسؤول ما يعتبره «اشارات» على تراجع الايرانيين عن موقفهم المتصلب الرافض لتعليق التخصيب النووي. في الماضي، ويتابع: «كانت طهران ترفض أي حديث عما كانت تمسيه حقها في التخصيب، اليوم، تدعو مجموعة دول الخمس زائد واحد للدخول في نقاش حول هذا الموضوع، كما وعدت بفتح ابوابها امام المفتشين الدوليين».
طبعا يعتقد المسؤول الاميركي ان طهران تحاول «شراء الوقت»، لكن الولايات المتحدة في وضع مريح نسبيا، «اذ لم يعد بمقدور روسيا والصين القاء اللائمة علينا لتصعيد لهجتنا ضد الايرانيين… نحن اعلنّا امام الروس والصينيين والعالم اننا مستعدون لفتح حوار مباشر ومن دون شروط، وهم (الايرانيون) من رفض العرض وتمسّك بالكلام التصعيدي، ربما بسبب غرور ما او شيء من هذا القبيل».

يستنتج احد الديبلوماسيين الحاضرين ان «الهدوء في الخطاب الاميركي تجاه ايران مقصود»، ليجيب نظيره الاميركي: «طبعا مقصود، حتى اننا قلنا للاسرائيليين اذا كان لدينا عندكم اي حظوة، فنرجو منكم الا تقوموا بأي تصعيد عسكري او سياسي ضد ايران».
لماذا هذا الهدوء غير المعهود؟
يعتبر المسؤول الاميركي ان «اقصر الطرق امام الايرانيين للتوصل الى القنبلة (النووية) هو ذر الرماد في العيون وهذا لا يتم الا بالصراخ الخطابي». ويضيف: «عندما يسود الهدوء، لا يعد لديهم ما يختبئون خلفه».
وعن فرض المزيد من العقوبات، يعلق المسؤول بالقول: «نأمل ان يتوصل الاوروبيون الى النتيجة ذاتها فيفرضون عقوبات على نفط ايران في اجتماعهم يوم الاثنين المقبل».

وماذا ان قامت الصين بشراء العقود الاوروبية؟ يجيب المسؤول: «ايران تنتج ما يقارب مليوني برميل نفط يوميا وتصدر نصفها… مليون برميل لا تكفي الاستهلاك اليومي الصين، وعليها البحث عن بائعي نفط آخرين، وهؤلاء يزعجهم ان تقوم الصين بانقاذ ايران من العقوبات، لذا تبقي بكين عينها على موقف الدول الاخرى التي تزودها بالنفط، ولذا أيضاً، رأيناهم (الصينيين) يذهبون الى طهران ويطلبون النفط بأسعار مخفضة جدا، وهم يعرفون ان ايران لا يمكنها بيع نفطها بأسعار بخسة بسبب حاجتها الماسة للنقد الاجنبي».
لا يعتقد المسؤول الاميركي ان مواجهة عسكرية مع ايران ستنشب في المستقبل القريب، بل يعتقد ان ايران ستحاول خوض مواجهة بالواسطة ردا على نجاح المجتمع الدولي في «حشرها في الزاوية». يختم المسؤول: «انظروا الى عملاء الحرس الثوري يحاولون القيام بهجمات في جنوب شرق آسيا… قبل اشهر كانوا يهاجمون قواتنا في العراق، والآن حتى هذا الباب نجحنا في اغلاقه، وهناك ابواب كثيرة سنغلقها في المستقبل، ولن يبقى امام الايرانيين الا مواجهة شعبهم باقتصاد متهالك وخطاب بالٍ». 

السابق
دوريات اسرائيلية في العباسية والغجر منذ الصباح
التالي
ماذا يجري في تيار المستقبل؟