الشعب السوري وحيداً ما العمل؟

"ما نقاط التوافق والخلاف الأساسية بين هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي وبين المجلس الوطني السوري? وهل هناك إمكانية العمل المشترك معاً? وكيف تقيمون اداء المعارضة عموماً؟
نحن اتفقنا على نقطة إسقاط النظام القائم بكل مرتكزاته ورموزه لصالح إقامة نظام ديمقراطي تعددي برلماني تداولي, وكذلك كثير من النقاط الأخرى, أما نقاط الخلاف فتمركزت حول التدخل الخارجي العسكري, والموقف من الجيش الحر, ومدى تمثيل اللجنة التي ستنبثق من المؤتمر السوري العام, فالمجلس الوطني وافق في الوثيقة التي تم توقيعها على رفض التدخل الخارجي, ولكن لم يكن مقتنعاً بذلك, وكذلك الموقف من الجيش الحر, وعندما تراجع لم يذكر نقاط محددة, بل ذكروا أن الوثيقة تتعارض مع البيان الختامي لمؤتمر تونس ومع المبادئ الأساسية التي توافق عليها المجلس, ولهذا لا يمكننا الجزم حول النقاط التي يرفضها المجلس".

هذا سؤال طرحته جريدة "روناهي" الكردية على رئيس حزب "بي دي" الكردي وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي بزعامة عبدالله اوجلان, وتمت المقابلة بعد عودة السيد مسلم من القاهرة, بعد غياب شهر عن سورية, وهو يؤكد أن هيئة التنسيق كانت وراء بقاء الحل عربيا, من خلال رفض التدويل, ويؤكد أيضا أن هذه الهيئة ترفض تسليح الجيش السوري الحر ودعمه, والحفاظ على سلمية الثورة ونقائها كما يقول في تلك المقابلة, ثم يؤكد أن المجلس الوطني السوري هو مصالح, بينما هيئة التنسيق مبادئ! أتمنى ان أكون لخصت هذه المقابلة المطولة بأمانة.

إن "بي دي" هو الحزب الوحيد في هيئة التنسيق من له شعبية في الوسط الكردي السوري, بعكس بقية تيارات واحزاب الهيئة, فهي تستفيد فقط من حالة وجود ما تسميه كتلة صامتة, وهي تدرك ان معظم الشعب السوري مع الثورة, ويريد الخلاص من هذا النظام, لهذا من الضروري اعطاء لمحة سريعة عن الوضع الذي سمح للسيد صالح مسلم وغيره من رموز هيئة التنسيق بحرية الحركة, من وإلى سورية.
– توقف أي نشاط لحزب العمال الكردستاني ضد إيران عبر ما كان يسمى حزب "الحياة", والذي كان يخوض معركة مسلحة ضد القوات الإيرانية في كردستان إيران…وعودة الحرية له في سورية!
– ترافق ذلك مع نشاط ل¯"بي دي" وقياداته في سورية, وانضم هذا الحزب إلى كتلة المعارضة التي هي ضد التدخل الخارجي, وضد تقديم أي دعم عسكري للثورة السورية, ومع رفع الغطاء السياسي عن الجيش السوري الحر, الذي انشقت عناصره عن النظام لحماية المدنيين ورفض اطلاق النار عليهم, وهذا موقف هيئة التنسيق عموما, كقيادات وتصريحات.

إذا وافقت مع السيد صالح مسلم على ان "الهيئة" هي وراء المبادرة العربية وارسال المراقبين العرب! من أجل رفض التدويل, لماذا لم تكمل "الهيئة" معروفها طالما لها حرية الحركة في سورية وخارجها, وتنزل للشارع, وترافق المراقبين العرب إلى السجون والمعتقلات, وإلى المدن المنكوبة وشوارعها, وتقول لهم حقيقة ما يجري من قتل واعتقالات تقوم بها أجهزة السلطة? مع ذلك طالما أنهم يريدونها ثورة سلمية نقية, كما يقول السيد صالح مسلم, لماذا لاتخرج جماهيره في عفرين وأحياء حلب للتظاهر? هذه الجماهير التي تحتضن ال¯"بي دي" لم تخرج في أي تظاهرة مشاركة للثورة أو غير مشاركة ضد هذا النظام…لماذا؟ فكيف يمكن أن نقتنع أن السيد مسلم وحزبه مع الثورة السلمية? ولماذا يسمح له النظام بالدخول والخروج من سورية؟ الجميع يعرف في "هيئة التنسيق" احزابا ورموزا مستقلة, ان السبب الوحيد لحرية حركتهم وتنقلاتهم, هو رفضهم تدويل القضية ودعم الجيش السوري الحر, ليعطوني سببا آخر لذلك?
لماذا الشعب السوري وحيدا? مع شكرنا وتقديرنا لمواقف بعض الدول العربية وإعلامها, والتي لايزال موقفها غير مرجح في قضية دعم الشعب السوري داخل أروقة الجامعة, لدينا أمانة عامة للجامعة العربية تتحرك كموظفين من جهة, وامينها العام صهر الشراكة المالية مع رامي مخلوف, الذي شكل وجوده كرمز للنهب والفساد أحد اهم أسباب إفقار الشعب السوري وقيام ثورته, فلا يجد نبيل العربي أية مصلحة في تحكيم ضميره المهني, لأن الأخلاقي لا نعرفه! لهذا حاول منذ البداية, ومن يعود لتصريحاته منذ بداية الثورة, أخذ جانب النظام ضد الثورة, وهذه لم تعد تحتاج لتحليل لأنها وقائع.

ثمة خط آخر يرفض تدويل القضية السورية هو الخط الذي يرى أن الدول الكبرى غير جاهزة ولا تريد التدخل, لهذا يرفض هذا الخط السياسي في التقكير, المطالبة بتدويل القضية, ويعتبر كل من ينادي بتدويل القضية من طلاب السلطة, بينما من يقف ضد تدويل القضية هم من طلاب المبادئ! مع ان المتابع جيدا لهذا الأمر يرى أن من هم ضد التدخل هم بغالبيتهم طلاب حوار مع نظام الأسد وبقائه في السلطة! وهذه هي المبادئ التي يمكن أن نرى نتيجتها على الارض.
إن المطالبة بتدويل القضية السورية بحد ذاتها تشكل القضية الأهم التي تشغل بال آل الأسد, خوفهم من أن تتحول هذه المطالبة إلى حقيقة! ولا شيء آخر يخيفهم لا حديث عن ثورة سلمية, ولا حديث عن مراقبين عرب ولا خطابات هيئة التنسيق, وبعض رموز المجلس الوطني..لماذا تخاف السلطة التدويل؟

أما وإن هذه الدول جاهزة للتدخل أو غير جاهزة, فهذا أمر آخر لايناقش في السياق نفسه مطلقا,وهذا جوهر خلافي, وآخرون من المجلس مع الدكتور برهان غليون من يؤيده في ذلك.
"هيئة التنسيق" ورموزها يقولون دائما إن التدخل غير وارد و"الفيتو" الروسي مستمر, لماذا إذا اصرارهم على المجلس الوطني أن يرفض التدويل ويرفض التدخل, طالما هم واثقون من حلفائهم الدوليين, لماذا يخافون من مطلب الشعب بالحماية الدولية بكل الوسائل؟
المجلس لم يطالبهم مثلا بالاجابة عن أسئلة: لماذا هم يدخلون ويخرجون من سورية بلا قيد أو شرط? ولماذا تحتضنهم قنوات "العالم" و"المنار" و"روسيا اليوم"؟ رغم ان قنوات "الجزيرة" وال¯"بي بي سي" و"العربية" أيضا تتيح لهم المجال؟ ولماذا أجهزة النظام وحلفائه تعتبرهم معارضة وطنية? لم نطالبهم بالاجابة عن هذه الأسئلة.

الشعب السوري وحيدا في ثورته التي لن تتراجع مهما فعلت أجهزة النظام ومهما زايدت عليه جماعة لا للتدخل الخارجي ولا للعنف, هم يعرفون أن حوران لم يكن يوجد فيها من طالب بتدخل دولي, ولا من طالب بحمل السلاح ولا يوجد فيها طائفية حتى اليوم…لماذا, ولاتزال مدننا السورية تنتفض والثورة تتوسع وتتجذر عميقا في البلاد؟
تدويل القضية السورية وطرح هذا المطلب بقوة يعني ببساطة بالنسبة إلى العالم أن الشعب السوري جزء من هذا العالم..وهذه قضية سيكون لها تبعات إيجابية على الثورة, حتى لو لم تكن الدول جاهزة لتلبية هذا الطلب, لكنه عندما يسجل رسميا من قبل المعارضة السورية في دواوين الدول ومؤسسات الامم المتحدة, ستنتقل الثورة السورية إلى مرحلة من الدعم أفضل مما هي عليه الآن, مثال بسيط على ذلك, المالكي وطالباني جاءا إلى موقعهما بفضل التدخل الأميركي وتحرير العراق من صدام حسين, ولانهما الآن يقفان مع النظام باتا يطالبان ويعملان من اجل رفض التدخل وتدويل القضية, لماذا العراق يقف في الجامعة العربية ضد التدويل إذا"؟
الشباب عموما لا يقدمون أي سيناريو بديل باستمرار الثورة وحقن الدماء, لكنهم ضد التدخل الخارجي, وضد العنف وضد الطائفية…وكما يقول المثل الشعبي"مقسوم لا تاكل وصحيح لا تقسم وكل لتشبع".لكن الشعب السوري مستمر وعلينا دعم استمرار ثورته بجميع السبل المتاحة. 

السابق
الراي: تسوية الأجور في لبنان أمْلتها حسابات عون الشعبية وضرورات بقاء الحكومة
التالي
إنسحاب البرادعي