أهذا مجتمع مساواة؟

«أنا لا أبيع الأثيوبيين، حينما يسكن بقربك أثيوبي سترى أي رائحة وتفهم ما قلت. إنهم ناس لصوص لا يفعلون سوى الضرر. ويمكنهم ان ينصبوا هنا خيمة وسط الحي وان يبدأوا الطبخ وذبح أبقار هنا وفعل ما يفعلون في اثيوبيا».
اخترت ان ابدأ كلامي بمقتبسات قالها فريق من سكان حي بار يهودا في كريات ملاخي وان أكتب لهم ردا على ذلك: لم أسرق قط، ولم أذبح بقرة قط ولم أطبخ في وسط الحي، ولم أنحط قط إلى ثقافة سيئة وأنا على ثقة أيضا ان رائحتي غير نتنة، بالعكس ان رائحتي حسنة جدا.

إسمي امير غتهون وأنا حاصل على اللقب الأول في إدارة الأعمال مع اختصاص بتدقيق الحسابات من معهد أونو. هاجرت إلى إسرائيل في 1984 ومنذ تلك اللحظة مررت بمسار حياة يشبه مسار كل مولود أصلي في هذه الدولة من روضة الأطفال حتى الدراسة الأكاديمية، وبخدمة عسكرية تامة محاربا وقائدا في لواء غولاني، ورحلة إلى الخارج بعد التسريح من الجيش واختصاص في واحد من أربعة مكاتب تدقيق الحسابات الكبرى في البلاد. وأنا اليوم أعمل مدقق حسابات في شركة حكومية، في فريق مسؤول عن التقرير المالي الموحد لدولة إسرائيل.

جاء يهود اثيوبيا إلى البلاد بعد آلاف السنين التي حافظوا فيها بحرص على يهوديتهم وبعد ان ضحوا كثيرا لتحقيق الحلم والهجرة إلى البلاد. ان كل هجرة في تاريخ دولة إسرائيل جربت صعاب الاستيعاب التي تميزها لكنها اندمجت في نهاية الأمر اندماجا كاملا. في مقابلة هذا، ما يزال المهاجرون من اثيوبيا الذين بدأوا يصلون إلى إسرائيل قبل نحو من ثلاثين سنة، في بدء مسار الاستيعاب وذاك لأن الجمهور الإسرائيلي لم يقرر بعد قبولهم جزءا لا ينفصل عن المجتمع الإسرائيلي. ونحن نلقى أكثر من مرة مظاهر عنصرية وفصل سواء في رياض الأطفال أو في المدارس التي 90 في المائة من الطلاب فيها من أبناء الطائفة، وكذلك الاكاديميون ذوو المقدرة الذين لا يجدون عملا يناسب قدراتهم وأمثلة كثيرة أخرى.

ان حالات العنصرية والتمييز تعالج اليوم في العالم بيد من حديد بسن القوانين وبالإعلام. وأدركت الدول الغربية انه لا مكان في القرن الواحد والعشرين للعنصرية والتمييز والآراء السابقة، ودليل ذلك رئيس اسود لأكبر قوة في العالم. بفضل تشريع متقدم وقبول الآخر يمكن ان نجد اليوم في دول العالم الغربي مهاجرين أثيوبيين كثيرين في مناصب رئيسة في الجامعات والإدارة وقطاع الأعمال والثقافة، يسهمون إسهاما جوهريا في المحيط الذي يعيشون فيه.

يؤسفني أن الأمور تسير سيرا معاكسا في دولة إسرائيل في القرن الواحد والعشرين. فالتشريع الموجود في هذا الشأن ضئيل جدا بل انه لا يُطبق، ولا يكاد الإعلام في هذا الشأن يكون موجودا، وفوق ذلك لا يوجد مشاركة من الجمهور في القضاء على الظاهرة. أهذا هو تحقق الحلم المرجو الذي بذل آلاف من أبناء الطائفة مهجاتهم من اجله في الطريق إلى إسرائيل؟ هل توجه دولة إسرائيل كتوجه الولايات المتحدة في الستينيات أو جنوب أفريقيا تحت نظام التمييز العنصري؟ أهذا هو مجتمع المساواة والتنور الذي تفخر إسرائيل به؟ ألم يحن الوقت بعد ثلاثين سنة لتصحح حكومة إسرائيل والمُشرعون ومن أوكل إليهم تطبيق القانون الاعوجاج الذي نشأ؟.
هذا هو وقت ان نصرخ: يكفي! ان الطائفة الإثيوبية هي جزء لا ينفصل عن الشعب اليهودي وعن المجتمع الإسرائيلي ونحن هنا لنبقى.  

السابق
مواطنو إسرائيل.. يتذمرون
التالي
بوتيننا وبوتينهم