الراي: حكومة لبنان تحاول إنقاذ ماء وجهها اجتماعياً … قبل عاصفة التجديد للمحكمة الدولية

لليوم الرابع على التوالي بقيت كارثة انهيار مبنى قديم في منطقة الاشرفية تظلّل الوضع الداخلي في لبنان في ظل ما أثارته هذه المأساة التي أسفرت عن مقتل 27 لبنانياً واجنبياً من مضاعفات خصوصاً لجهة القصور الهائل الذي يعاني منه لبنان في مجالات مواجهة الكوارث او تراكُم المخالفات وانعدام تطبيق القوانين المتصلة بالسلامة العامة.
ووسط الذعر الذي أشاعته فاجعة فسوح، وفيما ودّعت الاشرفية امس، ابناءها الذين قضوا في انهيار المبنى وسط اقفال المحال التجارية (ثلاث ساعات) بناء على دعوة من نواب المنطقة، بدت الحكومة متعثرة ومربكة الى اقصى الحدود، في ظل حملات سياسية وشعبية تعبّر عن نقمة متصاعدة ازاء التراجع المستمر والخطير في مجال الخدمات.
ولفتت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ «الراي» الى ان هذه النقمة شكلت عاملاً محركاً قوياً لدفع الحكومة نحو محاولة «تبييض صفحتها» باللجوء الى حسم ملف اجتماعي آخر هو ملف زيادة الاجور. ذلك ان المصادر اوضحت ان النقمة بلغت حداً واسعاً، لتزامُن حصول الكارثة مع التراجع الهائل في التغذية الكهربائية في الاسبوعين الاخيرين بفعل العاصفة التي تضرب لبنان، فضلاً عن فقدان مادة مازوت للتدفئة خصوصاً في القرى والمناطق البعيدة عن الساحل، حتى بات الملف المطلبي والخدماتي المعضلة الاشد قسوة التي تفرض على الحكومة مواجهة من نوع مختلف عن السابق، في حين تبدو المعالجات بطيئة وقاصرة عن احتواء مسلسل التراجعات في سائر القطاعات.
وفي ضوء هذا الواقع، اضافت المصادر، جرى تكثيف الجهود في الايام الاخيرة لبت ملف الاجور وحسمه نهائياً في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء امس، في السرايا الحكومية، والتي كانت كل المؤشرات توحي بانها مقبلة على تكريس توافق سياسي كان زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون طرفاً فيه لقفل هذا الملف انطلاقاً من التفاهم الذي كان اُبرم قبل نحو شهر بين الهيئات الاقتصادية وأرباب العمل برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل ان يتم «الانقلاب» عليه من «ثلاثي» العماد عون و«حزب الله» وحركة «امل» لاعتبارات سياسية محضة يتصل جانبها الرئيسي بتطبيع العلاقة بين مكونات «8 آذار».
ومع ذلك، فان المصادر لم تقلل من خطورة تصاعد التراكمات الاجتماعية في وجه الحكومة في وقت تبدو القدرة المالية للدولة على محك حساس وافتقار الحكومة الى اي وسيلة عاجلة لاقرار موازنة 2012 والخروج من دوامة العجز عن ايجاد حلول لملف الانفاق من خارج القاعدة الاثني عشرية ما يجعل قدرة الحكومة على مواجهة الملفات القديمة والطارئة محدودة ومقيّدة.
وقالت المصادر نفسها ان هذا الواقع بات يرخي بمضاعفاته بقوة على المسيرة الحكومية ويجعل جلسات مجلس الوزراء تدور في رتابة المناقشات من دون اي فعالية تذكر، وهو الامر المرشح للتفاعل بقوة في المرحلة المقبلة ما سيضع العلاقات بين اطراف الحكومة على محك صعب.
واشارت الى ان هذا الواقع لن يقف عند حدود الملفات الخدماتية والمطلبية والمالية وحدها بل سينسحب في وقت قريب جداً على ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي سيقترب استحقاق التمديد لفترة عملها والذي يحل في اول مارس المقبل.
وقالت ان صمت المعنيين بهذا الملف، خلال زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون للبنان نهاية الاسبوع الماضي، عكس رغبة هؤلاء ولاسيما منهم الرؤساء الثلاثة و«حزب الله» تحديدًا في تأجيل اثارة هذا الاستحقاق الى الموعد الملائم وعدم استباقه قبل اجراء المشاورات الضرورية لئلا تتكرر ظاهرة التباينات والخلافات التي حصلت ابان فتح ملف تمويل المحكمة.
لكن ذلك لم يحل دون بروز مؤشرات عدة الى ان ملف التجديد للمحكمة، وان كان هذا التجديد محسوماً لان الكلمة الفصل فيه هي للامين العام للامم المتحدة ومجلس الامن، سيثير تفسخاً جديداً وربما تصدعاً اقوى من السابق داخل الصف الحكومي باعتبار ان مواقف الاطراف معروفة وستكون نسخة طبق الاصل عن مواقفها من التمويل.
واوضحت هذه المصادر ان رئيس الحكومة يلتزم حتى الان الابتعاد عن الكلام في هذا الملف، وكذلك «حزب الله»، وكل ما اثير عن المواقف الاولية من الملف لا يعدو كونه تسريبات تمهد لفتح الموضوع بعد فترة وجيزة بمعنى ان ثمة من بدأ يحضّر المناخ الداخلي لجولة يُعتقد انها ستكون ساخنة وذات دلالات جوهرية في تقرير مسار الحكومة.
على صعيد آخر، بحث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مع وزير الإرشاد والثقافة الإيراني السيد محمد الحسيني الأوضاع السياسية والثقافية العامة في لبنان والمنطقة».
وحضر اللقاء السفير الايراني في بيروت غضنفر ركن آبادي وعدد من مسؤولي «حزب الله».  

السابق
السفير: الاتفاق بالتراضي: التسويات قبل الخبز أحياناً!
التالي
مصير السيد موسى بانتظار الأمل.. وما حقيقة توقيف حراس على زنزانته ؟