هل بغداد مؤهلة للقمة العربية؟

 مرة أخرى تطرح مسألة استضافة العاصمة العراقية للقمة العربية المقبلة في شهر مارس المقبل , فمن المعلوم أن تلك القمة الموعودة كانت من المقرر أن تحتضنها بغداد في العام الماضي, ولكن تم تأجيلها بسبب ظروف العراق المعروفة, أما اليوم ورغم الانسحاب العسكري الأميركي, ومع ظروف الثورات العربية والمتغيرات الهائلة التي أحدثتها خلال الاشهر الماضية, إضافة لتدهور الوضع العراقي والانهيار الأمني المريع وهزالة نظام الحكم العراقي بسبب هزالة مؤسسة رئاسة الحكومة التي دخلت في صراع مفتوح مع شركائها في العملية السياسية بعد إتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالتورط في جرائم إرهابية, وما أحدثه ذلك الاتهام من انشقاق مريع وتدني للثقة بين فرقاء العملية السياسية, يضاف الى ذلك الموقف المخزي لحكومة حزب "الدعوة" الإيراني التي يقودها نوري المالكي من الثورة الشعبية السورية الجبارة واصطفاف الأخير الواضح والمعلن, والمدفوع إيرانيا وطائفيا ومصلحيا واستخباريا وولائيا, مع حكومة بشار الأسد,

بل والمساهمة المخجلة في قمع وقتل أشقائنا في الشام, فان احتمال عقد القمة العربية في بغداد غير وارد لأن الوضع العراقي كما أسلفنا تدهور الى حد الفجيعة, فالانفجارات في كل مكان, والأجهزة الأمنية والاستخبارية العراقية عاجزة عن حماية نفسها, وحالات التردي الأمني تفصح عن نفسها يوميا بشكل مريع, وحتى الرئيس الكردي مسعود بارزاني بات يخشى اليوم من مغادرة أربيل الى بغداد رغم حماية أفواج "البيشمرجة" له خوفا من الاغتيال وتفجير الوضع الداخلي, فكيف يستطيع الأمن العراقي المخترق والمهزوز توفير الحماية والراحة اللازمة للحكام العرب وبعضهم مطلوب رأسه إيرانيا, إضافة الى كون المواقف الرسمية العراقية من ثورات الربيع العربي, وخصوصا ثورة الشعب السوري الحر, هي مواقف مخجلة وغير قومية, بل طائفية وتعبر عن رؤية إيرانية زاعقة, وفوق هذا وذاك فإن الديبلوماسية العراقية الفاشلة التي حاولت التدخل في الملف السوري لمصلحة النظام المجرم والإرهابي هي ديبلوماسية فاشلة ومعزولة ومشلولة, ولا تستطيع بالتالي إدارة العمل العربي المشترك أو قيادة الديبلوماسية العربية في عالم متحول ومتغير تجري أحداثه ضد توجهات ومواقف السلطة في العراق, حتى رئيس الحكومة نوري المالكي بات الحفاظ على موقعه الرئاسي موضع شك بعد المطالبات العلنية بتغييره واستبداله بشخص آخر قد يكون الجعفري أحد أبرز قادة دولة الفشل الطائفي العراقي, أو على الأديب ! أو أي شخص آخر من "فرقة حسب الله" الإيرانية في العراق.

نظام بتلك المواصفات لا يمكن أن يكون محطة لقمة عربية حاسمة في زمن عربي صعب ومتغير وحاسم وحساس, فالفشل يبدو واضحا قبل الانطلاق, وماقاله السيد الأمين العام نبيل العربي مجرد كلمة علاقات عامة لكونه ديبلوماسيا محترفا ويعلم بأن عقد القمة العربية المقبلة في بغداد هو أمر دونه خرط القتاد, كما أنه تجديف في بحار الوهم, فلا توجد إمكانية عراقية حقيقية لاستضافة القمة ورئاسة العمل العربي المشترك بعدها لأن العراق يعيش أزمة قيادية داخلية طاحنة, كما أنه على فوهة بركان متفجر بسبب الفشل السلطوي في إدارة ملفات الصراع الداخلي.

كيف تستطيع حكومة نائب رئيس جمهوريتها هارب ونائب رئيس وزرائها منشق, وهارب أيضا, وخالية من وزراء الداخلية والدفاع أن تقود سفينة العمل العربي في أنواء دولية وإقليمية صعبة ? أليس من الأولى ترميم تلك الحكومة قبل التنطع لمهمة صعبة كالقيادة العربية ? بعد ذلك أي خير يرتجى من حكومة قرارها الستراتيجي بيد النظام الإيراني الذي بات يحدد الأولويات ويرسم نهج التحالفات الإقليمية والدولية ? لا أعتقد أن دعوة نبيل العربي للالتئام في بغداد الواقع الحالي جدية أو أنها ستتحقق أصلا, لأن بغداد وهي تئن تحت حكم الطائفيين وصراعات أمراء الطوائف والملل والنحل ليست هي بغداد العرب التي تستطيع قيادة العرب, فالعاجز عن قيادة نفسه وحل مشاكله البنيوية المستعصية لا يستطيع قيادة الآخرين أبدا… أعتقد أن ( طهران ) هي المكان المناسب لعقد القمة العربية إن أصر نبيل العربي على عقدها في بغداد..? فما رأيكم دام فضلكم.  

السابق
قطيع الفساد
التالي
قاموس جديد للتلطيش..