بان وأوغلو في بيروت: 3 أشهر سورية حاسمة

أن يعجز النظام السوري عن انهاء الثورة التي تواجهه منذ ما يزيد عن عشرة شهور، فهذا يعني أنّه لن ينجح ابدا… فنظام تقوم قوته على الامن والرعب الذي يبثه في نفوس مواطنيه إذا لم يستطع أن يحسم معركة بقائه وانهاء الثورة او الاحتجاجات في وقت سريع، فهذا يعني انه انتهى وأنّ ما يحاوله أركان نظام كهذا هو رفع كلفة سقوطه بقتل المزيد وبأكثر ما يمكن من أكلاف مادية ومعنوية.

وليس مثل هذا السلوك إلا ما قام به نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا من حيث دلالات السقوط، وفي ايقاع تداعي النظام ، فمثل هذا النظام الامني والقمعي لايقتنع بحلّ غير ذلك الامني، لذا أصر على لغة القتل والقمع والتهديد بهما، فيما هذه الوسيلة، ومع مرور كل هذه الشهور على ثورة السوريين، تزيد من اصرار الشعب والمعارضة على اسقاط "النظام"، وتنهي فرص استمراره بعد كل هذا التوغل في الدم وفي ازدراء ارادة الناس وجروح الكرامة التي تنال منهم منذ عقود.
جرأة الناس على التحدي الى ازدياد، ودائرة الحراك الثوري نحو مزيد من التوسع الجغرافي، فيما قوى المعارضة تنحو الى مزيد من التفاهم، مع تراجع ملحوظ للخلاف فيما بين مكوناتها، وأيضا مع اقرار الجميع بحق التنوّع في المواقف من دون أن يلامس هذا الاختلاف مطلب اسقاط النظام وتغييره من اجل نظام ديمقراطي ينهي حكم العائلة ونظام الحزب الواحد الى الابد.

تستمر الانتفاضة السورية ويترسخ مع ايقاعها الثوري حتمية تغيير "النظام" في الوعي العام، وهذه النتيجة التي تثبّتت بعد اسابيع قليلة من اندلاع الاحتجاجات في درعا، رسخت في المشهد الاقليمي والدولي ميلا الى عدم التدخل العسكري المباشر، فيما المبادرة العربية التي انطلقت عرجاء تترنح اليوم مع استمرار عمليات القتل وعجز المراقبين عن التقدّم في مضمار الامن فضلا عن السياسة.
تزامنا يخطو مشروع آليات الحل الما – بعد عربية. وقد عبّر عنه الحضور الدولي والتركي في اقرب نقطة تماس مع دمشق: بيروت. فالامم المتحدة نصبت في زيارة امينها العام بان كي مون الاخيرة خيمة دولية نشّطت من خلالها حضور القرارات الدولية، سواء ما يتصل بتنفيذ الـ1701 او ما يتّصل بالمحكمة الخاصة بلبنان وسواها، وهي قرارات في جوهرها ذات بعد اقليمي مئة في المئة. كما واكب هذا الحضور الدولي حضورا تركيا عبر وزير الخارجية احمد داوود اوغلو، وقد شكلت بيروت لهما نافذة مشرّعة ومطلّة على دمشق. إذ ليس عاديا ان تطلق من بيروت مواقف ضد الرئيس السوري بشار الاسد، او ضدّ المحور المكمّل لمحور الممانعة الممتد من طهران الى بغداد ودمشق فبيروت.
الزيارتان جاءتا في ظل اقتناع لدى الطرفين بأنّ المظلة الدولية باتت اكثر ثباتا في بيروت، في ظل تراجع ملموس بالنبرة ضدّ قوات اليونيفيل. فبعدما كانت الاصوات السياسية، وحتى بعض الدوائر الشعبية، تحرّض ضد هذه القوات باعتبار أنّها تنفذ ما يطلبه العدو الإسرائيلي، نشهد تراجعا لهذه النبرة التهديدية، إن لم نقل اختفاءها لدى من كان يطلقها في مناسبة او غير مناسبة.

وعلى الرغم من محاولات استهداف هذه القوات قبل اسابيع، إلا أنّنا رأينا في المقابل لغة تنصّلية من هذا الاستهداف وتراجع النبرة التبريرية التي كانت مألوفة في مراحل سابقة. وهذا التحول يرجعه المراقبون الى تطوّر الثورة السورية وحراجة وضع النظام الحاكم وإلى دور دولي ستكون بيروت إحدى منطلقاته باتجاه دمشق.
بالتوازي نقلت اوساط لبنانية، إلتقت بان كي مون وأوغلو خلال زيارتيهما الاخيرة الى لبنان، ان الصراع في سورية اليوم دخل في مرحلة نوعية عنوانها تكثيف الضغط والضغط المتبادل اقليميا ودوليا حول دمشق، وتحدد هذه الاوساط مدة ثلاثة اشهر من التكثيف العالي لآليات الضغط على النظام، وتشير الى ان العقوبات الاقتصادية اظهرت تأثيرها وأنّها مرشحة إلى المزيد، وهي ستمهّد لمرحلة جديدة بانتظار البدء بتنفيذ آليات الحسم.
وتشير هذه المصادر الى ان الاتفاق الذي رعته تركيا بين المجلس الوطني السوري و"الجيش الحر" سيشكل قاعدة التغيير في المرحلة المقبلة، لافتة الى ان تركيا تعتبر هذا الاتفاق استرتيجيا في إحداث انعطافة كبرى في مسار الحدث السوري.  

السابق
عذرا ايتها الامبريالية
التالي
اللواء: سليمان للسلك الديبلوماسي: عازمون على استئناف الحوار والتوافق على استراتيجية دفاعية