الراي: لبنان المطمئن إلى العناية باستقراره يدقق برسائل بان كي ـ مون وأوغلو

بدت بيروت امس مسكونة بـ «فرح كئيب»…
فرح من العاصمة التي تفاخر باختيارها حاضنة اول مؤتمر دولي ـ اقليمي لـ «الربيع العربي» وكأنها تكافأ كونها شكلت في انتفاضة الـ 2005 اول الغيث في الربيع الذي ازهر في عواصم عدة. فها هم ضيوف بيروت جاؤوا من كل حدب وصوب، تقدمهم الامين العام للامم المتحدة بان كي ـ مون ليردوا لبلاد الارز التحية عبر دعمهم لاستقرار لبنان كاولوية في زمن الحرائق الاقليمية.
كآبة استوطنت بيروت على مدار الساعات الماضية نتيجة المأساة الانسانية التي تسبب بها انهيار مبنى الخمس طبقات في حي فسوح في الاشرفية على قاطنية غروب اول من امس وانكشاف الانقاض عن 11 جريحاً واكثر من عشرين قتيلاً، وسط جهود مضنية لاجهزة الانقاذ بحثاً عن عدد غير محدد تماماً من المفقودين الذين تحدثت التوقعات عن امكان بلوغهم اكثر من عشرة اشخاص، الامر الذي شكل كارثة فعلية.

وعلى وقع هذه المشاعر «الحلوة والمرة» عقد مجلس الوزراء جلسة طغت عليها ملابسات «نكبة الاشرفية» والتحقيقات الاولية في شأن الاسباب التي ادت الى سقوط المبنى السكني، اضافة الى مداخلات «تقويمية» لنتائج المباحثات التي جرت مع بان كي ـ مون ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، و«الرسائل» التي تلقاها لبنان في غمرة الازمة المتصاعدة في سورية.
ولم يتح لمجلس الوزراء، الذي انعقد تحت تأثير صدمة الكارثة التي احتلت صدارة الاهتمامات الرسمية والسياسية، معاودة الامساك بملفاته الخلافية، وفي مقدمها ملف تصحيح الاجور، الذي تحول اسماً حركياً للخلاف المستحكم بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وشريكه القوي في الحكومة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، حيث تتجه الانظار الى يوم غد الاربعاء لمعرفة الخيط الابيض من الاسود في المخرج المحتمل الذي سيشق طريقه مجدداً الى مجلس الوزراء. وحضرت زيارتا بان واوغلو في جلسة مجلس الوزراء حيث ابلغ الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي الى المجلس أجواء المحادثات التي أجرياها مع كل من الامين العام للامم المتحدة ووزير الخارجية التركي والتي تركّزت على وجوب الحفاظ على استقرار لبنان، وإبعاده عن التجاذبات الحاصلة في المنطقة.
وفي «آخر الكلام» من بيروت، اعلن بان في حديث صحافي «ان من المهم جداً تطبيق القرار 1559 بشكل ناجز»، مذكرا بأنه عبر عن قلقه من القدرات العسكرية لحزب الله «ومن الضروري أن تستجيب كل الأطراف المعنية بشكل كامل لما ينص عليه القرار 1559 حتى يتم تطبيقه كله».
واكد انه «ينبغي بذل جهود مستمرة من أجل التوصل الى نزع كل السلاح غير الشرعي الذي يقع خارج سلطة الدولة اللبنانية، لأن هذا السلاح خطر ومؤذ بالنسبة للسلام وللاستقرار في لبنان، ولكن أيضاً بالنسبة الى المنطقة».
وعن المشاورات بشأن التمديد لبروتوكول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ابتداء من مطلع مارس المقبل، اشار بان الى انه «وفق الإتفاقية المعقودة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة، ينبغي أن يتم تمديد التفويض المعطى للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. إذا لم يتم استكمال عمل المحكمة قبل تاريخ 29 فبراير المقبل، فإن هذا التفويض يمدّد أوتوماتيكياً. أما كم هي الفترة التي سيمدد فيها الاتفاق فهذا أمر أقرره أنا شخصياً بالتشاور مع مجلس الأمن والسلطات اللبنانية وأنا في طور إجراء هذه المشاورات».
وعن احتمال أن تطلب الحكومة اللبنانية التعديل في الاتفاقية المعقودة مع الأمم المتحدة، ذكر انه «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، فإن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ثبتت وأنشئت كلياً، ولا أعتقد أن ثمة حاجة لتغيير الاتفاقية. يتعلق الأمر فقط بتمديد التفويض المعطى للمحكمة. والمهم هو جلب من قاموا بالإغتيالات الى العدالة وهذا ما سيوجه رسالة قوية للمرتكبين ويمنع أي جرائم محتملة».

اما اوغلو، فاختار ان يغادر بيروت على وقع مواقف أطلقها خلال لقاء مع عدد من الصحافيين حيث استرجع مفاوضات الساعات الاخيرة التي اجراها مع الاسد، متهما دمشق بانها «استخدمت انقرة لشراء الوقت وقتل مزيد من الارواح».
واذ امل في ان تسدي ايران «نصيحة لبشار الاسد بالاستماع الى شعبه»، اعلن «اننا لا نريد ان يعاني المسيحيون في العالم العربي (…) ولا نريد ان يكون لبنان ضحية اخرى للتشنج»، مضيفاً: «كان لدينا امل كبير في قدرة قائد شاب وشخص محترم بنظر شعبه على القيام بمعجزة في تحقيق تغيير وإن بطيء من الداخل وعبر العلاقات المؤسساتية الثنائية. امضينا 8 اعوام من الدفاع المتواصل عنه، تخللتها حربا لبنان وغزة والوساطات مع اسرائيل والمحافل الدولية. ومع انطلاق قطار التحول العام من تونس ومصر وليبيا تعزز اقتناعنا بأن ثمة توجها عاما يعصف بالمنطقة، على غرار ما حصل في اوروبا الشرقية ودول البلقان».
وفيما كرر «ان لا احد يمكنه وقف مجرى التاريخ»، قال: «لا يمكن ان نغلق المجتمعات. ثمة جيل جديد في العالم العربي»، كاشفاً ان تركيا عرضت في بداية الازمة على الرئيس بشار الاسد «الشروع في الحوار(…) وفي مصالحة وطنية بقيادته، بتعبير آخر قيادة المشروع الاصلاحي».

واسترجع آخر اجتماع جمعه بالرئيس السوري فقال: «امضينا معا 7 ساعات متتالية، حاولت خلالها اقناعه بالشروع في بعض الخطوات مع تأكيد ان لا «اجندة خارجية» وراء المواقف التركية. أضاف: «كان لدينا طلب وحيد، ألا يتدخل الجيش وترك الامر للشرطة او على الاقل تفادي استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين. أما في درعا، فناشدناه الاكتفاء بمعاقبة المسؤولين عن الاخطاء، وحضور الجنازات بدل دعوة الناس الى دمشق».
وتابع: «من العناوين التي تضمنتها الاقتراحات ايضا، الانسحاب من حماه ودير الزور وادخال وسائل الاعلام، وتبني قانون اعلامي جديد وخطاب يعلن خلاله برنامجه، على أن يليه استفتاء حول رفع المادة 8 من الدستور والشروع في انتخابات نهاية 2011? على أن يعد بعدها البرلمان الجديد دستورا يخضع لدوره للاستفتاء، فاجراء انتخابات رئاسية».
وبعدما توقف عند تدمير المساجد في دير الزور، نقل انطباعا تركيا مفاده «سعي القيادة في دمشق الى استخدام أنقرة لشراء وقت وإزهاق المزيد من الارواح». 

السابق
الانباء: انهيار مبنى الأشرفية شغل اللبنانيين والحكومة غيبت جدول أعمالها وانصرفت لمتابعة الكارثة
التالي
اللواء: أهالي فسوح يُلملِمون آلامهم من رُكام المبنى المِنهار