اطمئنانك يقلقنا!

لحظة النبل السياسي هي ما افتقده، ويفتقده، كل من جاءهم "الربيع العربي" من حكام، ممن نسوا أن اعتزال السلطة هو سلطة في ذاته، يدخلهم التاريخ والمجد، "فالديكتاتوريون يعتقدون بأن من حقهم فرض سلطتهم على شعوبهم، ولا يفكرون بمنطق مغاير سوى بعد إرغامهم على الفرار".
الجملة الأخيرة للقائد السابق للبحرية الإيرانية الجنرال حسين علائي، في مقال في صحيفة "إطلاعات"، استعاد فيه انطلاقة الثورة ضد الشاه، طارحا تساؤلات يعتقد أنها راودت الأخير بعد إسقاطه، منها: لو لم آمر أجهزة الأمن بإطلاق النار على الناس أما كان مصيري أفضل؟
أهمية الاستعادة هي في تناولها أزمة النظام الايراني، الذي كان رده غوغائياً، كالعادة، وخلاصته اتهام علائي بالعمالة لأعداء إيران.
هو منطق أنظمة الممانعة، سواء قادها ولي فقيه أو رئيس أو أمين عام. الأول يعلي قراره بالتخلص من رفاق الدرب، والثاني يتوهم استمرار حكمه بإهدار المزيد من الدماء، والأخير يديم هيمنته بلغو سياسي يجعل من وضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي مصدر اطمئنانه وباباً لسعادته.
فلقد أصر الأمين العام في "ظهوره" الأخير على تمسك حزبه بسلاحه، كي يقلق الأمين العام للأمم المتحدة، متجاهلا أن طلب "نظيره" الأممي وضع سلاحه في عهدة الدولة هو شرط لضمان سلام الجنوب بأكثر من 10 آلاف جندي دولي، وأن الإخلال به يسمح للعدو باستسهال التملص من الالتزام المقابل.
الأخطر، أن الأمين العام المحلي يصر على تخطي شرط الإجماع الوطني الذي رفعه في وجه حكومة السنيورة يوم استقالة وزراء الثنائية الشيعية، واتهامها باللاميثاقية، فيما هو اليوم يتفرد بإعطاء التوجيهات والايحاءات للحكومة، ويجدد احتكار قرار الحرب والسلم، ويفرض لحوار، يزعم الرغبة فيه، جدول أعمال مطاط يسميه استراتيجية دفاعية، ربما ستشمل مستقبل زراعة الحمضيات، لكن ليس سلاح حزبه.
هو سلاح الحزب وليس سلاح المقاومة، التي يريدها الأمين العام صنعة هذا الحزب، ومهنته. فالأخيرة حالة عابرة في حياة الشعوب تنتهي بالتحرير. فهذا السلاح لم يقاوم (في لبنان) منذ تموز 2006، أي أنه كسلاح الجيش اللبناني، سلاح ينتظر فلم لا يكون جزءاً من قوته؟
السبب اثنان: الأول رغبة في فيديرالية صلاحيات يريدها لإدارة للدولة، يعززها اختلاق هوية لجمهوره تميزه عن باقي اللبنانيين بانت تجلياتها في بعلبك. والثاني، لم يخفه الأمين العام على أي سامع يوم الأحد، هو الإصرار على الالتحاق باستراتيجية الممانعة، وتدفيع لبنان أثمان سقوط انظمتها.
سعادة الأمين العام المحلي: اطمئنانك يقلقنا، ولحظة النبل السياسي، إذا أتتك، فستسعدنا… والفرصة لما تزل متاحة.   

السابق
جميّل: لنا تحفظات على القوات
التالي
بان ــأوغلو: ضجة أكبر ممّا تستأهل