لبيد واحد فقط

المقال الذي نشره يئير لبيد في «يديعوت احرونوت» تحت عنوان «لماذا أتوجه الى السياسة؟» كان في قسم منه مسرحية منفرة من النرجسية المضخمة، ما يثبت ان المشكلة ليست في ان يئير لبيد تنقصه الآراء بل ان رأيه في نفسه أفضل بكثير مما ينبغي. ليس لطيفا ان نقرأ بان يئير لبيد يعرض نفسه في صيغة من «كان له كل شيء» ? المال، النفوذ، المكانة ? وانه يتخلى عن كل شيء. أحقا. فبعد كل الملايين التي جمعها، فان التنازل عن تقديم الأخبار لا يكون كبيرا جدا. يعيل شترنهل، ميكي حيموفتش وغادي سكونيك فعلوا ذلك قبله. من أجل أقل بكثير. وبعد كل شيء، فان نتنياهو وباراك ايضا تنازلا عن الكثير من المال، أغلب الظن أكثر منه بكثير، كي يكونا في السياسة، وهما، كما ينبغي أن يقال في صالحهما، لا يلوحان بذلك على الأقل وكأنهما قاما بعمل بطولي ما.

رغم بعض النواقص الأخرى في شخصيته الفكرية والسياسية (مثلا حقيقة ان الطبيعة الوحيدة التي تجتذبه هي شريحة اللحم في الصحن)، فان العلم الرئيس للبيد صحيح لا مثيل له، ولا سيما في هذا الزمن: حرب الابادة ضد الابتزاز الأصولي. بالفعل، لا يوجد في الخريطة السياسية الحالية أحد يمثل هذا الموقف الحيوي، ولهذا فان يئير لبيد مهم. كاديما تسيبي ليفني عالقة تماما في صيغتها للسلام المتعذر، الذي من أجله لا تزال تأمل بتحالف مخجل مع شاس. فبعد كل شيء ليفني هي الأخرى حجت مغطاة الرأس بمنديل الى الحاخام عوفاديا يوسيف، الجد الأصولي الذي يعفي طلابه من التجنيد، يمنع تهويد الجنود القتاليين في الجيش الاسرائيلي ويستخدم من خلال خادمه الوفي، وزير الداخلية ايلي يشاي شرطة الهجرة الفظيعة التي تطارد اطفال «الأجانب» الذين اصبحوا منذ زمن بعيد اسرائيليين. شيلي يحيموفتش، مثل كل رفاقها في حزب العمل، ستكون مستعدة بالتأكيد للتحالف مع الأصوليين حتى لو كان بامتعاض من أجل السلام المزعوم، في ظل التسليم بالقطاع الأصولي الآخذ في الاتساع، بتمويلنا، والذي يصوت لزعمائه بالاجماع ما ينزع الأرض من تحت نظامنا الديمقراطي. بمعنى اننا نمول السيطرة علينا.
هذا هو التهديد الذي لا يطاق وخرج ضده يئير لبيد في حرب عادلة لا مثيل لها، على خلفية نساء الطالبان على أنواعهم والتطرف الديني في بيت شيمش. هذا هو علمه الرئيس والفارق الكبير بينه وبين أحزاب الوسط الأخرى. وبالتالي فان مطالبة لبيد الارتباط بحزب قائم ما هي مطالبة لا أساس لها من الصحة. كل مبرر وجوده هو في اقامة حزب جديد بشكل مختلف ظاهرا أساسه هو انهاء الابتزاز الأصولي على أنواعه. فمكافحة أصحاب رؤوس المال، ستقوم بها شيلي يحيموفتش بشكل لا يقل جودة عنه.
المشكلة هي ان لبيد هو مبتدئ يصر على تلوين نفسه بألوان اليسار السياسي عندنا والوقوف ضد المستوطنات، وهكذا فانه يمنع أجزاء من معسكر بلاد اسرائيل الانضمام اليه في منع السيطرة الأصولية. لماذا ينبغي لك يا لبيد أن تكون اولمرت؟ لماذا ينبغي لك أن تحشد ضدك كراهية كل محبي بلاد اسرائيل، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي أمل في السلام مع حكومة ابو مازن ? هنية؟

وبالتالي فليس ليئير لبيد أمل حقيقي. كان ينبغي له أن يركز على جبهة الأصوليين ويكشف عارها، وكل ما يتعلق بالجانب السياسي، توحيد حزبه الجديد تحت صيغ جديدة للسلام، يمكن للجميع أن يتعايش فيها. مثلا اقتراح التقاسم الوظيفي ? سيطرة مشتركة اسرائيلية ? سوريا في هضبة الجولان (بدل التأييد لاخلائها، مثلما ألمح ذات مرة)، أو اقتراح الكونفدرالية الاسرائيلية ? الفلسطينية برعاية جيش دولي، دون اخلاء أي اسرائيلي أو فلسطيني من مكانه. وبدلا من ذلك، يفضل لبيد التمسك بصيغ السلام القديمة والمثيرة للاكتئاب، والتي من شأنها ان تجلب علينا، ضمن امور اخرى، حربا أهلية وصواريخ غراد على غلاف تل أبيب (كمرحلة اولى في نظرية المراحل).
إذن من تبقى ليصوت له؟ الشعب مع الجولان، الشعب مع المستوطنين، وكل ما تبقى أخذه كاديما، العمل وميرتس. إذن لماذا له السياسة؟ يقال في صالح لبيد انه أحب التوراة في السنوات الأخيرة، كما شهد على نفسه. ولهذا غريب لماذا لم تظهر فيه أي صلة ببلاد التوراة (آه، تذكرت. هو لا يحب الطبيعة). 

السابق
حزم أميركي وعصبية ايرانية
التالي
وجهة الجيش الاسرائيلي الى أين؟