حزم أميركي وعصبية ايرانية

ما تزال لا توجد رياح حرب في الخليج الفارسي ولا أصوات حرب ايضا. لكن تسمع تدبيرات حرب وهي كبيرة المعنى اذا أخذنا في الحسبان انه مع افتتاح السنة الانتخابية في الولايات المتحدة لا يوجد جدل سياسي تقريبا لا يضع المشروع الذري الايراني في مركز النقاش.
ان الجدل بين الرئيس باراك اوباما وبين كل واحد من المرشحين الجمهوريين لا يتناول قضية من يؤيد ومن يعارض تدخلا اميركيا لصد تطوير المشروع الذري في طهران، بل من يؤيد ومن يؤيد أكثر بأضعاف مضاعفة. وهذا الأمر عزز مزاعم اسرائيل ان الايرانيين يكذبون على العالم وان من كان رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، ساعدهم على ذلك وربما تعجل اخفاقه الذي أخذ ينكشف في هذه الأشهر، وأمس (الأول) قرر ترك المنافسة على رئاسة مصر. ان يدا خفية تدير بنجاح حملة قتال لعلماء الذرة الايرانيين. ويهدد نظام آيات الله برد شديد في أنحاء العالم. ان اسرائيل في مركز لوح أهداف الحرس الثوري لكن علماء يزدادون، كما تقول التقارير الصحفية في هذه الأثناء، يريدون ترك عملهم في المشروع الذري والعودة الى البحث في الجامعة لأنهم ينظرون يمنة ويسرة الى زملائهم فلا يرونهم كما كانوا أمس أو أول أمس.
بدأت العقوبات تفعل فعلها. ومما يسبب الأسى ان الولايات المتحدة رفضت ان تشمل فيها البنك المركزي لايران خوف ان تقطع امداد النفط فيرتفع سعره في سنة انتخابات خاصة. لكن اذا أضيف عزل البنك الى عقوبات أخذت تتسع فقد تتفضل سائر الممدات بالنفط بتجميد سعر البرميل لفترة محددة سلفا، الى تشرين الثاني 2012 على الأقل حينما تجرى انتخابات البيت الأبيض.

لهذا ينبغي ألا نرى التهديد الايراني باغلاق مضيق هرمز ابراز عضلات بل العكس خاصة، أي انه تعبير عن عصبية ازاء علامات نجاح العقوبات وخفض قيمة العملة في الداخل. كان التهديد تعبيرا عن ضعف ولم يحرز هدفه بعدة معان: لأن اميركا لم تستجب له وأرسلت قوة بحرية اخرى نحو الخليج الفارسي متجاهلة الطلب الايراني، وتعلمون انه لا يوجد شيء أصعب على دولة ذات سيادة ? ولا سيما دكتاتورية مركزية ? من ان يُرد على تهديدها بالتجاهل.
خرج اوباما رابحا من الوضع الجديد في ثلاثة مستويات: لأن حديثه مع بنيامين نتنياهو قبل ثلاثة أيام استطاع ان يتم في ارتياح أكبر وان يشير الى تحادث سلفا مع اسرائيل بما يرضي يهود الولايات المتحدة؛ ولأن تصميمه قد يمنحه مكانة زعيم في بلده؛ ولأنه يبث في العالم العربي الذي خاب أمله لاستخذائه ازاء الثورتين في مصر وتونس، الأمل في انه منح قوة حضور الزعامة. وليس هناك كالدول العربية، مع تركيا، في اهتمامها بصد أميركي لمحمود أحمدي نجاد.

الحسم بعيد. وتتوقع خيبات أمل في الطريق. ان من ينشر في هذه الأيام خاصة ان الموساد الاسرائيلي أدخل الى ايران جواسيس متنكرين بصفة عملاء لوكالة الاستخبارات الأميركية المركزية قد يضعف شيئا ما التعاون الضروري. لكن الاتجاه واضح: هناك ارتقاء بعدة رجات في سلم ريختر لقياس زلزال سياسي. وقد حدد مركز النشاط البركاني ? الذري في ايران. 

السابق
المشهد الليبي
التالي
لبيد واحد فقط