النهار: مأساة فسّوح تستنفر الدولة بحثاً عن ناجين وفتح ملف التقصير ومسح المباني القديمة

نقلت مأساة انهيار مبنى قديم في حي فسوح بالاشرفية مساء أمس مجمل الاهتمامات والأولويات الى هذا الحادث المأسوي الذي لا تزال حصيلته النهائية من الضحايا رهنا بما ستفضي اليه عمليات الانقاذ ورفع الانقاض المستمرة منذ مساء أمس.
ذلك أنه الى ما بعد منتصف الليل كانت عمليات الانقاذ أسفرت عن انتشال الضحية آن ماري عبد الكريم (15 سنة) التي قضت تحت الانقاض و12 جريحا معظمهم لبنانيون وبينهم بضعة جرحى من جنسيات سودانية وفيليبينية ومصرية. وسادت مخاوف على أحياء آخرين يعتقد أنهم لا يزالون تحت الانقاض، فيما عملت فرق الانقاذ بدراية شديدة على رفع الانقاض على أساس فرضية وجود أحياء سعيا الى انقاذهم.

وقد أثارت المأساة استنفارا واسعا للأجهزة المعنية، من الدفاع المدني وفوج اطفاء بيروت والصليب الأحمر وأجهزة وزارة الصحة، وبدا الحادث كأنه فتح على الغارب ملف المباني القديمة في الاشرفية ومعظم مناطق العاصمة وسواها من المناطق نظرا الى الذعر الذي أشاعته المعلومات الأولية عن أسباب الانهيار الذي أصاب هذا المبنى الذي يعود تشييده الى الاربعينات من القرن الماضي.

وتبين أن المبنى المنكوب المكون من خمس طبقات كانت تقطن عائلات لبنانية في طبقاته الثلاث الاولى، بينما يقطن طبقتين شيدتا لاحقا فوقها عمال أجانب من جنسيات فيليبينية ومصرية وسودانية. وتردد أن المبنى اصابته تصدعات بعد تشييد مبنيين جديدين ملاصقين له. وتألفت لجنة للتحقيق في الحادث بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، كما طلب الكشف على كل المباني المشكوك بسلامتها.
ودعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي تفقد مكان الحادث ليلا الى اجراء كشف مسبق ودوري على المباني ضمن نطاق البلديات.ودعا رئيس لجنة الاشغال العامة النيابية النائب محمد قباني الى اجتماع استثنائي للجنة بعد ظهر اليوم لمناقشة موضوع الانهيار في حضور ممثلي الادارات المعنية وبلدية بيروت والجمعيات التطوعية الرئيسية.
وأفادت مصادر وزارية ان هذا الحادث سيدرج كبند طارئ من خارج جدول الاعمال على جلسة مجلس الوزراء المقرر عقدها بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، في ضوء تقرير أولي عن نتائج التحقيق الجاري في أسبابه وظروفه. وإذ رفضت استباق التحقيق او الحديث عن "فضيحة تقصير" في تجنب حصوله ريثما تنجلي الوقائع الموضوعية في الحادث، أكدت ان ملف السلامة العامة سيفتح على مصراعيه وستتخذ الاجراءات الممكنة والعاجلة نظراً الى وجود مئات بل ربما آلاف المباني القديمة التي تستدعي كشوفا دورية تجنبا لتكرار مثل هذه المأساة.

رسالة بان
والواقع ان المشهد السياسي الداخلي الذي شغل المعنيين قبل حصول حادث انهيار المبنى تمثل في التظاهرة الدولية والعربية التي شهدتها بيروت مع انعقاد مؤتمر "الاصلاح والتحول نحو الديموقراطية" امس في فندق "فينيسيا"، والذي نظمته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الاسكوا"، وتميز افتتاح المؤتمر بالرسالة الصارمة والمتشددة التي وجهها الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون الى الرئيس السوري بشار الاسد في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، اذ اكتسبت هذه الرسالة وقعها ودلالتها لتوجيهها تحديدا من بيروت. وكرر بان كي – مون مطالبته الزعماء "ان ينصتوا الى تطلعات الشعب والاصوات التي تنطق اليوم"، واضاف: "اقول للاسد اوقف العنف. اوقف قتل شعبك، طريق القمع مسدود".
اما العامل الآخر الذي ميز المؤتمر فهو حركة مكوكية لافتة لوزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الذي سجل رقما قياسياً في اللقاءات التي عقدها مع سياسيين ورجال دين من مختلف الطوائف. وفي لقاء مسائي له مع عدد من الصحافيين حضرته "النهار" استرجع داود أوغلو مفاوضات الساعات الاخيرة التي اجراها مع الاسد، متهما دمشق بانها "استخدمت انقرة لشراء الوقت وقتل مزيد من الارواح". واذ امل ان تسدي ايران "نصيحة لبشار الاسد بالاستماع الى شعبه"، كشف رداً على سؤال لـ"النهار" عن جولته على القيادات الروحية والسياسية اللبنانية "اننا لا نريد ان يعاني المسيحيون في العالم العربي (…) ولا نريد ان يكون لبنان ضحية اخرى للتشنج". واوضح انه سيبحث مع الرئيس امين الجميل في طرحه عقد اجتماع للزعماء المسيحيين والمسلمين في تركيا. وقد زار الوزير التركي ليلا الجميل في بكفيا وتناول العشاء الى مائدته.
كما علمت "النهار" ان داود اوغلو ابلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري ان "النظام السوري لم يستجب للطروحات التي قدمتها انقرة لحل الازمة في سوريا"، فدعاه بري الى مشاركة تركيا في ايجاد حل ضمن اطار الجامعة العربية والمواكبة السياسية لعمل فريق المراقبين، قائلا: "لم نرَ حتى الآن الدعم التركي المطلوب ولا يكفي التفرج على المريض وتحديد المرض والمسكنات لا تنفع في هذا الاطار".  

السابق
شروط بان للديموقراطية غير متوافرة لدينا
التالي
وثيقة سياسية