السفير: المبادرة العربية في طورها الثاني: تدخل عسكري أجنبي؟

هل انتهت المبادرة العربية لحل الأزمة السورية في شكلها الحالي، أم أن اقتراح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني البحث في ارسال قوات عربية الى سوريا، هو مجرد تتمة طبيعية للمشروع العربي الذي وُلِد ولادة متعثرة وكانت خطوة ارسال المراقبين العرب الى سوريا كمينا للقيادة السورية، ومقدمة ضرورية للانتقال الى الطور الثاني من التدخل الخارجي في الوضع الداخلي السوري؟

الاقتراح القطري ليس عابرا ولا هو بالتأكيد من بنات افكار الامير وحده. هو يأتي مع قرب نهاية الشهر الاول (والاخير كما يبدو) من مهمة المراقبين العرب، التي ستخضع يوم السبت المقبل لمراجعة جديّة في اجتماع اللجنة العربية الخاصة بالازمة السورية في القاهرة، بعدما كانت الشكوك قد لاحقتها منذ اللحظة الاولى، لاسيما من قبل الدول العربية التي اقترحتها ورعتها وموّلتها، بالاضافة الى الدول الاجنبية التي أيّدتها في البداية، ثم تراجعت فورا عن ذلك التأييد، فضلا عن الشكوك التي ثارت حول أدائها، سواء من قبل النظام السوري او من قبل معارضيه جميعا من دون استثناء، بحيث تحولت وبسرعة شديدة الى مضيعة للوقت والجهد والمال، والى هدف للهجمات المتبادلة، ثم الى ذريعة للاعلان المبكر عن عجز العرب عن حل الازمة السورية.
علامات الاستفهام التي طرحها الاقتراح القطري، دارت كلها حول المصدر الفعلي للفكرة، هل هو فرنسي ام بريطاني ام انه اميركي، وما الذي يعنيه القول بأن الأزمة السورية باتت تتطلب تدخلا عسكريا، من الجيوش العربية التي لا تملك القدرة على إرسال وحدات عسكرية الى سوريا، لكنها تملك الرغبة ربما في توفير مبرر لطلب الدعم او بالتحديد التدخل من جيوش اجنبية، قادرة او حتى راغبة بالاقدام على مثل هذه الخطوة اذا توفر لها غطاء عربي كاف.

جرس الانذار قُرِع في انقرة، التي قالت إنها لم تسمع بالاقتراح القطري قبل اعلانه، لكنها تشتبه في أنه منسّق سلفا مع الاوروبيين او الاميركيين، وحتى مع بعض العرب، الذين يمكن أن يحملوا هذه الفكرة في وقت من الأوقات الى تركيا للطلب منها أن توفر وحدات عسكرية للتدخل وأيضا أن توفر قواعد وممرات لهذه القوات التي قد تتضمن بعض الجنود العرب، لكنها بالتأكيد ستعتمد في تشكيلاتها القتالية على جيوش غير عربية.
تعاملت أنقرة بقدر من التحفظ مع الاقتراح القطري عبّر عنه وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو بقوله في لقاء مغلق مع عدد من الصحافيين اللبنانيين إن بلاده ستنتظر التقرير العربي عن مهمة المراقبين العرب، وستنتظر بالتالي الموقف العربي الرسمي من الفكرة التي لا تزال تحمل اسم أمير قطر وحده، وما اذا كان يمكن أن تتحول الى مبادرة عربية جديدة، تنهي المبادرة الراهنة، وتفتح الازمة السورية على افق جديد وخطير.

وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في المنامة، أن فكرة ارسال جنود عرب الى سوريا لاحتواء «العنف»، يمكن ان تبحث خلال اجتماع اللجنة الوزارية العربية في القاهرة في 21 الحالي.
وقال العربي، ردا على سؤال حول بحث فكرة ارسال قوات عربية الى سوريا التي قال أمير قطر إنه يؤيدها، «كل الافكار مطروحة للنقاش». وكرر مجددا ضرورة إنهاء العنف في سوريا حيث أرسلت الجامعة العربية مراقبين، وذلك بعد أن كان أكد أمس الأول، خلال زيارة لسلطنة عمان، أنه سيتم تقييم عمل مهمة المراقبين خلال الاجتماع الوزاري السبت.
وكان العربي اعتبر أمس الاول أن «تقدما جزئيا حصل» في عمل بعثة المراقبين العرب، مضيفا «إلا أن هناك يوميا نزيفا للدم في سوريا والجامعة تسعى الى حقن الدماء والأمر يحتاج الى إعادة نظر وهذا ما سوف نبحثه في الاجتماع المقبل للجنة الوزارية». واعتبر أن مهمة بعثة المراقبين العرب «قد تستكمل ولكن بصورة مختلفة».
 وكان مندوب احدى الدول الأعضاء في الجامعة قال لوكالة «رويترز» امس «ليست هناك مقترحات لارسال قوات عربية إلى سوريا في الوقت الحالي… لا يوجد توافق عربي أو غير عربي على التدخل عسكريا في الوقت الحالي في سوريا».
امير قطر
وكان الشيخ حمد أعرب، أمس الأول، عن تأييده لارسال قوات عربية الى سوريا لوقف اعمال «العنف».
وقال أمير قطر، ردا على سؤال لقناة «سي بي اس» الاميركية عما اذا كان من الضروري ارسال قوات عربية الى سوريا، «لانهاء اعمال القتل، يجب ارسال عدد من الجنود الى سوريا».

وحول نفوذ قناة «الجزيرة» على الثورات العربية، قال الشيخ حمد إن هذا الامر طرح له «مشاكل كثيرة» مع قادة الدول العربية، لكنه اضاف إن الدوحة تدعم «شعوب هذه الدول التي تطالب بالعدالة والكرامة. واذا كان هناك تأثير فاعتقد انه ايجابي».
عفو رئاسي سوري
واصل الرئيس السوري بشار الأسد تنفيذ البروتوكول الموقع مع الجامعة العربية، عبر إصداره عفوا عاما عن جميع الجرائم التي ارتكبت خلال الاحتجاجات والمستمرة منذ عشرة أشهر.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) العربية السورية أن الأسد أصدر مرسوما «قضى بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة على خلفية الأحداث التي وقعت منذ تاريخ 15 آذار الماضي وحتى تاريخ صدور هذا المرسوم».
ويشمل العفو بشكل خاص مخالفات القوانين المتعلقة بالتظاهرات السلمية وحيازة أسلحة أو المنشقين عن الجيش. ويشكل إطلاق سراح هؤلاء إحدى أربع نقاط في الخطة العربية التي وافقت عليها دمشق.
ويتضمن المرسوم عفوا «عن كامل العقوبة بالنسبة لجرائم حمل وحيازة الأسلحة والذخائر من قبل المواطنين السوريين من دون ترخيص، المنصوص عليها في قانون العقوبات وفي المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001 وتعديلاته، ويستفيد من أحكام هذه الفقرة كل من لديه سلاح غير مرخص إذا بادر إلى تسليمه للسلطات المختصة خلال مدة أقصاها 31 كانون الثاني الحالي».
كما يعفو المرسوم «عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عليها في المادتين 100و101 من قانون العقوبات العسكرية». واعلن الاسد، في المرسوم، «أنه لا يستفيد المتوارون من أحكام هذا العفو العام إلا إذا سلّموا أنفسهم خلال مدة أقصاها 31 الحالي».
واعلن وزير الاعلام السوري عدنان محمود أن السلطات السورية سمحت لاكثر من 140 وسيلة اعلام اجنبية منذ كانون الاول العام 2011 بتغطية «الاحداث الجارية» في سوريا منذ 15 اذار. وقال إن الوزارة «منحت موافقات لمختلف وسائل الإعلام التي تقدمت بطلبات للدخول إلى سوريا من أجل تغطية الأحداث الجارية، وإنها تقوم بتسهيل عمل الإعلاميين في مختلف المناطق السورية».

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) «تواصلت الانتخابات الحزبية في عدد من فروع حزب البعث العربي الاشتراكي بالمحافظات لانتخاب ممثلي مؤتمرات الشعب الحزبية إلى المؤتمر القطري الحادي عشر».
المراقبون
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مجلس الجامعة العربية سيعقد اجتماعا على المستوى الوزاري في 22 الحالي لبحث نتائج بعثة المراقبين، التي ستنتهي من وضع تقريرها النهائي في 19 الحالي، على ان تناقشه اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالملف السوري في 21 الحالي.
وقال مصدر مسؤول في الجامعة العربية إن «الجامعة قررت عدم إرسال أي مراقبين جدد الى سوريا قبل عقد اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في 22 كانون الثاني الحالي لبحث الوضع في سوريا في ضوء التقرير المقرر أن يقدمه رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق محمد مصطفى الدابي». وأضاف إن «قرار استمرار البعثة أو سحبها أو تعديل مهامها يعود إلى وزراء الخارجية العرب كونهم الجهة صاحبة القرار».
وفي اطار زيارات المراقبين الى المناطق السورية، اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أن فريقا من لجنة المراقبين العرب زار مدينة بانياس، امس، «برفقة الكثير من سيارات الامن واقتصرت الزيارة فقط على الاحياء الموالية للنظام، ولم يزر الفريق الاحياء الجنوبية الثائرة التي تجري فيها عمليات انتهاك لحقوق الانسان بشكل يومي». كما زار وفد من المراقبين بلدة الزبداني امس الاول.
ردود فعل
دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري الى «التوقف عن قتل ابناء شعبه». وقال، في خطاب في افتتاح مؤتمر في بيروت حول الاصلاح والانتقال نحو الديموقراطية، «اليوم اقول مرة اخرى للرئيس السوري بشار الاسد: اوقف العنف، توقف عن قتل ابناء شعبك، فطريق القمع مسدود». واضاف إن «الذين يمارسون السلطة بالقوة أو بالإكراه إنما يعجّلون بسقوطهم. فعاجلا أم آجلا، ستتخلى عنهم شعوبهم».
ودعا الامين العام السابق لجامعة الدول العربية والمرشح للانتخابات الرئاسية المصرية عمرو موسى الجامعة العربية الى التشاور بشأن ارسال قوات عربية الى سوريا. وقال، على هامش المؤتمر، إن «اقتراح ارسال قوات عربية الى سوريا مهم جدا. اعتقد انه على الجامعة العربية أن تدرسه وأن تجري مشاورات بشأنه».
واعتبر موسى أن «الوضع في سوريا خطير، والدماء التي تسيل لا تبشّر بالخير ابدا»، داعيا الى «انهاء هذا الوضع والتعامل مع المواطنين تعاملا سليما». وقال «يجب أن يعلم كل العرب أن العالم العربي دخل مرحلة تغيير جذري، والوقوف او محاولة الوقوف ضد هذه المرحلة لم ينجح».

وكرر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في مقابلة مع صحيفة «الخبر» الجزائرية نشرت امس، رفضه اي تدخل اجنبي في سوريا. وقال «إذا تدخلت اي قوة فهذا يعني اندلاع الحرب في كل المنطقة، ما سيفتح المجال لتدخل الجميع، تركيا وإسرائيل وإيران وحزب الله، ما يعني انفجار سوريا ومعها كل المنطقة، وعليه يصبح الأمر عملية انتحارية».
وأكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني، في مدينة قم امس الاول، ان «الاميركيين والاوروبيين يعتقدون انه يجب تحطيم رأس المقاومة، اي سوريا، وفي هذا السياق فانهم عملوا على تهريب الاسلحة المختلفة عبر حدود هذا البلد». واضاف «من الضروري اجراء الاصلاحات في سوريا، ويجب ارساء الديموقراطية ولكن ليس من قبل الدجّالين في المنطقة، وانما يجب ان يتم هذا الامر شريطة تكريس جبهة المقاومة».
وكان مسؤولون اميركيون اتهموا «ايران بتزويد سوريا باسلحة للمساعدة على قمع الاحتجاجات». وقال احدهم إن «قائد فيلق القدس الجنرال الايراني قاسم سليماني زار العاصمة السورية خلال الشهر الحالي، والتقى اعلى المسؤولين في الحكومة السورية بمن فيهم الرئيس الاسد». ورأى ان «هذا الامر مرتبط بدعم ايران لمحاولات الحكومة السورية قمع شعبها»، معتبرا ان واشنطن لديها كل الاسباب للاعتقاد بان ايران تزوّد القوات السورية بمعدات عسكرية وذخائر. وتابع إن «الحكومة الاميركية مقتنعة بان ايران تزود سوريا بذخائر لاستخدامها في عمليات القمع».

وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، لمحطة «سكاي نيوز» التلفزيونية، أن الدول الغربية لا تنوي التدخل عسكريا في سوريا. وقال «لم نبحث في امكانية اقامة منطقة حظر جوي»، موضحا ان النظام السوري لا يعتمد على سلاحه الجوي لقمع حركة الاحتجاج. وتابع «ان مجلس الامن الدولي ليس في وارد اتخاذ قرار (حول سوريا) فكيف بالاحرى بالنسبة الى قرار مشابه لما اتخذ بحق ليبيا».
وادان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه «صمت» مجلس الامن الدولي حيال سوريا. وقال، في مؤتمر صحافي في رانغون، إن «المجزرة مستمرة وكذلك صمت مجلس الامن الدولي»، مؤكدا ان هذا الوضع «اصبح لا يحتمل».
وكشفت مجلة «در شبيغل» الألمانية، امس، عن أن «سفينة حربية ألمانية قامت بمهمة تجسسية قبالة شواطئ سوريا». وقالت «تم رصد السفينة الألمانية التي تقل 85 بحارا على مسافة قريبة من الشواطئ السورية تصل إلى 15 ميلا بحريا فقط أثناء قيامها بمهمة تجسسية بالمنطقة». وأضافت أن «المهمة السرية التي تم تكليف السفينة بإنجازها تمت من دون علم البرلمان الألماني، وكانت تستهدف جمع معلومات باستخدام أجهزة استشعار عن بعد سمعية وبصرية».
ميدانيا

ذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) «قتل ستة عمال واصيب 16 في انفجار عبوة زرعتها مجموعة ارهابية مسلحة على طريق في ادلب شمال غرب سوريا. وفي المنطقة ذاتها فككت عناصر الهندسة عبوتين زنة كل منهما 25 كيلوغراما زرعتهما مجموعة إرهابية مسلحة على جانب طريق بليون كنصفرة في جبل الزاوية بإدلب».
واعلن «المرصد السوري لحقوق الانسان»، في بيان، ان «11 شخصا قتلوا، بينهم ثمانية في مدينة حمص». وكان اعلن امس الاول «مقتل 3 اشخاص في حمص، فيما توفي 3 اصيبوا بجروح الجمعة». وذكر ان «تفجيرا استهدف سكة القطار في قرية حيلة التابعة لناحية محمبل بمحافظة ادلب ما ادى الى انحراف قطار محمل بالوقود كان متجها من بانياس الى حلب عن مساره واصابة سائقه بجروح».
واعلن المرصد ان «اشتباكات بين الجيش والامن النظامي من جهة ومجموعات منشقة من جهة ثانية اندلعت في مدينة الحولة في محافظة حمص، واسفرت حسب النتائج الاولية عن تدمير ناقلتي جند مدرعة وحاجز امني ومنزل كانت تشغله قوات الامن في حي تل دهب في الحولة ما ادى الى مقتل وجرح ما لا يقل 20 من الجيش والامن النظامي».  

السابق
الأنوار: المطالبة بالتحقيق لتحديد المسؤولين عن كارثة انهيار المبنى في الاشرفية
التالي
أوغلو يتهم دمشق بشراء الوقت… ويتنبأ بإقتراب تدويل الأزمة السورية