الانتقال إلى الديموقراطية من دون بان

بان كي مون في لبنان: الانتقال إلى الديموقراطية، عنوان للكلام فقط. لبنان مشغول بغير ذلك. لديه ما يكفي من «التوافقية»، تعوّض عنه مقتضيات الديموقراطية. لديه منسوب مرتفع من الطائفية والمذهبية، يعفيه من حرج الالتزام بالإصلاح… لذا، فالانتقال إلى الديموقراطية في لبنان، يصلح لمؤتمر، يقال فيه كل شيء، ولا يفعل فيه أي شيء… لبنان دولة عاصية على الديموقراطية، برغم الربيع العربي الذي يقرع أبواب دول عربية خائفة على استبدادها.
بان كي مون في لبنان: يطيب له سماع الكلام عن المحكمة الخاصة بلبنان. كانت مطلباً لبنانياً، إقليمياً ودولياً. مرتاح بان إلى مسارها وتمويلها. لا يصغي إلى ما اكتنف قرار إنشائها من مخالفات، تطعن «الديموقراطية» اللبنانية. المحكمة الدولية مطلب حق، أخذ على حين غفلة، فباتت مطعونة ديموقراطيا. يبقى لبان كي مون، أن يطرب العالم بالكلام عن الديموقراطية… مجرد كلام.

بان كي مون في لبنان: يزعجه سلاح المقاومة، «ان العمل في سبيل حفظ السلام خطير، خصوصاً في جنوب لبنان، أكثر من أي منطقة في العالم». طبعاً، المسؤول سلاح المقاومة… يقلقه ان تكون إسرائيل في قلق. سمع بان كي مون من «السيد» كلاماً واقعياً جداً: «نطرب لقلقك». ترى، هل يدرك بان كي مون، أن في لبنان شيئا جميلا ورائعاً، وخارجاً عن منطق المجتمع الدولي، وهو المقاومة… مسكين بان، ليس في وسعه أن يخرج عن نص دولي جبان، بل في الدرك الأسفل من الجبن. نص لا يسمي إسرائيل إلا بحفاوة السلام. وضرورة وقف الاستيطان، وما ابتذل من كلام، لا يجرؤ على قرار.

بان كي مون في لبنان: الربيع العربي يناسبه. يختار منه ما يفرحه. البحرين ليست بحاجة إلا إلى فصل «آل خليفة». دول الاستبداد العربي الشاسعة، من بر النفط، إلى خليج الغاز، إلى ممالك المليارات، لا تعنيه أبداً. نفطها أهم من حرية شعوبها. ينتقي بان الربيع الذي يناسبه… غريب، كيف لا يرى، ان الاشتراك العسكري للناتو، لدعم الانتفاضات العربية، يجهض الانتقال إلى الديموقراطية. العراق نموذجا. فالتعدد الطائفي «الديموقراطي» فيه مذبحة.
بان كي مون في لبنان: لم يسمع أن مطالبنا مختلفة. سلامنا بحاجة إليه، ولكنه مقصّر كأسلافه، وعاجز كمن خلفهم، ومتواطئ كأكثرهم. مفتاح السلام في المنطقة، فلسطين. مفتاح الحرية، وقف اسرائيل عن العدوان. هل يتذكر عدوان تموز، مجزرة قانا، الرصاص المصبوب على غزة، التهديد الدائم لإيران؟

بان كي مون في لبنان: لم يسمعنا عن فلسطين، إلا طنين مقولة الدولتين، وتجرأ على صياغة مهذبة لوقف الاستيطان وهو يدرك أن الدولة الأولى (فلسطين) تتعرض للإبادة، على يد الثانية، والعالم يتفرج وأجبن من أن يطالب إسرائيل، بما هو قبل الحد الأدنى من الديموقراطية: الأرض والشعب والحرية.
بان كي مون في لبنان… كان عليه أن يسمع ان الحرية صناعة محلية. الديموقراطية ولادة من رحم عربي خاص. الاستبداد مصنّع في الخارج الدولي، ويتربى بحمايته وحضانته.
الديموقراطية العربية، ليست بحاجة إلى دبابات وبوارج وطائرات الحلف الدولي الأطلسي. والحرية ليست بحاجة إلى رعاية «الناتو». الانتقال من الاستبداد إلى الديموقراطية، إذا انتهزته قوى خارجية، تعطل… والديموقراطية في سوريا، لا تحتاج إلى تدخل خارجي، اقليمي ودولي. كل تدخل خارجي هناك، مذبحة وتغوّل طائفي مذهبي. الثورة هناك كفيلة بتحقيق غاياتها.
لسنا بحاجة إلى لافاييت… لدينا ما يكفينا من جدارة الدماء.
بان كي مون في لبنان… فليسمع كذلك داود أوغلو. فتركيا اليوم، تختلف عن تركيا في زمن الباسلة «مرمرة».
  

السابق
طلباتُ بشّار لن تمرّ!
التالي
جنبلاط عن اوغلو: التشديد على الاستقرار والحوار الداخلي في لبنان