السفير: بان: تمديد المحكمة وضبط الحدود … ونزع السلاح

لم يحل الطقس الطبيعي العاصف في لبنان، ولا الطقس السياسي الهائج في المنطقة، وخاصة في سوريا، دون استمرار وضع لبنان على روزنامة الزائرين الدوليين، في تعبير عن حرص متجدد على بقاء «الستاتيكو» اللبناني، على ما هو عليه منذ سنة تقريبا.
وإذا كانت زيارة الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي وصل الى بيروت امس، ويغادرها صباح غد، شبه معلنة الأهداف ومرتبطة بافتتاح مؤتمر حول الانتقال الديموقراطي في الدول العربية وبإجراء محادثات حول امور مشتركة بين لبنان والامم المتحدة بالإضافة الى تفقد قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، والحال نفسها بالنسبة الى زيارة وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو الذي أرجأ وصوله الى بيروت الى صباح اليوم، للمشاركة في المؤتمر المذكور وإجراء محادثات ثنائية مع المسؤولين اللبنانيين بالاضافة الى لقاء مقرر مع احد كبار المسؤولين في «حزب الله» بناء على رغبة تركية في لقاء هو الأول من نوعه بعد إسقاط حكومة سعد الحريري، فإن اللافت للانتباه، تمثل بالزيارة المفاجئة والسريعة لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال جيمس ماتس الى العاصمة اللبنانية ولقائه الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الدفاع فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي قبل ان يغادر بعد الظهر عن طريق لارنكا.
وذكر بيان للسفارة الاميركية أن الزيارة تشكل امتدادا لمسلسل زيارات متتالية الى لبنان جرت في الأشهر الاخيرة، وأن الجنرال ماتس «شدد على دعم القيادة المركزية الأميركية لتقوية قدرات الجيش اللبناني مدركا أهميته كقوة الدفاع الشرعية الوحيدة لضمان حدود لبنان والدفاع عن سيادة الدولة واستقلالها».
 أما لقاءات بان كي مون فقد شملت في اليوم الأول الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه بري ونجيب ميقاتي وركز خلالها على مجموعة عناوين بدءًا بالقرار 1559 ودعوته لبنان لتطبيق هذا القرار ولا سيما في الشق المتصل بنزع السلاح، وكذلك القرار 1701 والموقف التقليدي المرتكز على حث كل الاطراف على الالتزام به وحفظ الاستقرار على جانبي الحدود، وتسهيل مهام قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، متجاهلا الخرق الإسرائيلي الدائم لهذا القرار، بالاضافة الى اطلاق الحوار الداخلي بين اللبنانيين. الا انه مدد بشكل مفاجئ طرحه في اتجاه الحدود اللبنانية السورية ومطالبته لبنان بحفظ وضبط الحدود بينه وبين سوريا بمعزل عن الاحداث التي تجري في سوريا. وانتهى الى ابلاغ المسؤولين اللبنانيين بأنه قد عين البريطاني ديريك بلامبلي ممثلا شخصيا له في لبنان، وأنه احال هذا التعيين الى مجلس الامن للمصادقة عليه.
وقدم الرؤساء الثلاثة للأمين العام للمنظمة الدولية مقاربة موحدة حول الأولويات اللبنانية ولا سيما ما يتصل بالوضع في منطقة الحدود اللبنانية الفلسطينية، انطلقت من تأكيد الالتزام الكامل بالقرار 1701، مطالبة الامم المتحدة بحمل اسرائيل على وقف خروقاتها المستمرة للقرار المذكور وللسيادة اللبنانية، وتمسك لبنان بالقوات الدولية ورفض وإدانة الاعتداءات عليها. كما ركزت بشكل اساسي على موضوع الحدود البحرية ومطالبة الامم المتحدة بمساعدة لبنان في مجال تثبيت حدوده البحرية وفق الوثائق الرسمية التي أودعها لبنان الأمم المتحدة واتخاذ الاجراءات الكفيلة بإحباط اية عراقيل قد تفتعلها اسرائيل لمنع او اعاقة اعمال التنقيب عن النفط والغاز الذي يستعد لبنان للقيام بها ضمن حدوده الخالصة والاستفادة من ثروته البحرية من النفط والغاز.
ورجحت مصادر رسمية أن يكون ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قد طرح في اللقاءات المغلقة التي جرت بين الطرفين، وليس في اللقاءات الموسعة، علما أنه كان لافتا للانتباه عدم مشاركة مستشار الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية في الوفد الزائر.
وكانت الساعات السابقة لوصول بان كي مون الى بيروت قد شهدت حركة مشاورات رئاسية ما بين بعبدا وعين التينة والسرايا وأيضا مع قوى سياسية وحزبية فاعلة في الأكثرية، وخاصة قيادة «حزب الله» لتنسيق الموقف حيال موضوع المحكمة وما يمكن ان يطرحه لبنان سواء في ما خص تعديل او تمديد بروتوكول انشاء المحكمة الذي تنتهي مدته في الأول من آذار المقبل أي على مسافة ستة اسابيع.
وعلمت «السفير» ان بعض المراجع الرئاسية تبلغت خلال هذه المشاورات بضرورة وضع المصلحة اللبنانية في الاولوية، التي تفترض اعادة النظر في هذا البروتوكول بما يراعي هذه المصلحة اولا، وبما يوجب وضع هذا البروتوكول على سكة التشريع وبالتالي الانسجام مع الأصـول القانونيـة والدستـورية في لبنان.
حتى ان بان كي مون نفسه، الذي عقد مؤتمرا صحافيا بعد انتهاء المباحثات في مقر اقامته في فندق «فينيسيا» مساء امس، تجنب تأكيد ما اذا كانت المحكمة بندا على جدول المباحثات، الا انه اشار الى انه «بموجب الاتفاق بين الأمم المتحدة ولبنان يجب تمديد ولاية المحكمة التي تنتهي خلال شباط المقبل»، مضيفاً أن «فترة التمديد تحتاج إلى محادثات مع الحكومة اللبنانية ومجلس الأمن»، ومؤكداً انه «لا يمكن أن نتوقع أن يتم كل شيء بحلول 29 من شباط وبالتالي لا بد من تمديد مدة المحكمة». وقال «نتوقع من لبنان التعامل بشكل كامل مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وأن يلتزم بكل موجباته الدولية».
وأعاد بان كي مون تكرار مواقف سابقة، حيث اعرب عن قلقه من القدرة العسكرية لحزب الله ومن البطء في التقدم في نزع السلاح. وقال «إن الأمم المتحدة تنتظر ان يتم نزع السلاح في لبنان وخصوصاً السلاح الخارج عن سيطرة الدولة»، مضيفاً «شجعت الحكومة اللبنانية على استئناف الحوار الوطني، ويجب أن نتأكد من بسط سيادة لبنان على كامل أراضيه».
واللافت في كلام الامين العام للامم المتحدة انه ابقى الباب مفتوحا على امكان حصول لقاء مع «حزب الله»، حيث قال ردا على سؤال عن امكان عقد لقاء بينه وبين قيادة الحزب: «هذا الامــر نقـرره وفـق جـدول الاعمـال» (ص2).
ومن المقرر ان يزور بان كي مون الجنوب اليوم لتفقد قوات «اليونيفيل» كما سيلتقي وفدا من قوى الرابع عشر من آذار برئاسة رئيس كتلة تيار المستقبل فؤاد السنيورة، فيما يتوقع أن يتطرق الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطابه اليوم عبر الشاشة أمام المشاركين في أربعين الامام الحسين في بعلبك الى زيارة بان كي مون وتطورات الداخل اللبناني والمنطقة.
الأجور: الاتفاق ضروري قبل الإثنين
على صعيد الأجور، قالت مصادر معنية بهذا الملف انه وصل الى مرحلة شديدة الحساسية تجعل من الساعات الثماني والاربعين المقبلة حاسمة على صعيد الوصول الى «تسوية رضائية» حول هذا الموضوع قبل جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل، ورجحت المصادر عدم طرح الملف على مجلس الوزراء الاثنين في حال بقي في دائرة الخلاف، وذلك خشية ان يفتح على نقاش متفجر داخل الجلسة.
وقالت المصادر ان محصلة مشاورات أمس أظهرت تمسك ثنائي بري ميقاتي بالاتفاق الرضائي بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، وتمسك رئيس تكتل الاصلاح والتغيير ميشال عون بمشروع وزير العمل شربل نحاس فيما يسعى «حزب الله» لإيجاد تسوية لا غالب ولا مغلوب، وهو أمر كان متعثرا حتى أمس. 

السابق
الاخبار: بان كي مون في لبنان يتجاهل المحكمة الدولية
التالي
الحياة: يعود إليّ قرار التمديد للمحكمة وسنبحث التداعيات السورية على لبنان