نقاشات إسلامية حول وصول الإخوان إلى الحكم: مؤامرة أميركية أم نصر إسلامي؟

تدور داخل الأوساط الإسلامية اللبنانية والعربية والفلسطينية (غير المرتبطة بحركة «الإخوان المسلمين») نقاشات حول الأسباب والظروف التي ساعدت في وصول التنظيمات المرتبطة بالإخوان الى السلطة في عدد من الدول العربية ، وحول اذا كان ما يجري مؤامرة اميركية بالتنسيق مع الأتراك وقطر لضرب المقاومة والتمهيد لحرب سنية – شيعية. ام انه تطور طبيعي نظراً لدور الإخوان والقدرة الشعبية التي يمتلكونها في هذه الدول التي من شأنها دعم قوى المقاومة، وخصوصاً في فلسطين، ما يؤسس لمحور عربي – إسلامي جديد في المنطقة.

وتختلف وجهات النظر لدى هذه الأوساط حسب المعطيات والمعلومات المتوفرة لديها ومن خلال مراقبة مواقف وأداء قيادات الإخوان في مصر وتونس وليبيا وسوريا والمغرب.
وتقول وجهة النظر الاولى، المستندة الى معلومات مؤكدة حسبما يقول اصحابها، إن ما يجري هو نتيجة صفقة أميركية – إخوانية تمت برعاية تركية قطرية وإن مضمون الصفقة يشير الى رغبة اميركية بوصول الإخوان الى السلطة مقابل موافقتهم على استمرار اتفاقية كامب دايفيد وإقناع حركة «حماس» بالتخلي عن المقاومة وعدم فرض الشريعة الإسلامية. ويضيف اصحاب هذا الرأي إن ما يجري سيمهد لمعركة سنية – شيعية بحيث تقف الدول التي يتسلم فيها الإخوان السلطة في مواجهة إيران و«حزب الله».

أما أصحاب وجهة النظر الأخرى فيقولون إن ما جرى ويجري هو تطور طبيعي نظراً للشعبية التي يتمتع بها الإخوان منذ اكثر من ثمانين عاماً من العمل السياسي والدعوي، وإن الاميركيين أُرغموا على القبول بوصول الإسلاميين للسلطة لأنه لم يعد امامهم اي خيار آخر، وإن الاميركيين يحاولون اليوم استيعاب ما يجري عبر التفاوض والحوار مع قيادات الإخوان لكسبهم لصالح المواقف الاميركية مقابل دعم الحكومات التي سيسيطرون عليها اقتصادياً وسياسياً، على ان يقبل الإخوان بعدم مواجهة المصالح الاميركية وسياساتها. وتشير الأوساط الى ان المفاوضات مستمرة لكنها لم تصل الى نتائج حاسمة.لكن هناك وجهة نظر تخالف الرأيين السابقين، تعتبر ان من حق «الإخوان المسلمين» الوصول الى السلطة والتفاوض مع الاميركيين كما حصل مع القوى الإسلامية الشيعية والسنية في العراق والتي استفادت من الجيش الأميركي لإسقاط الرئيس العراقي السابق صدام حسين ثم نجحت في إنهاء الاحتلال الاميركي من العراق وهي تعمل حالياً وفق خططها وسياساتها الخاصة.

ويضيف أصحاب وجهة النظر هذه أن قادة الإخوان يستفيدون حالياً من فترة السماح الاميركي والدعم التركي والقطري، تمهيداً لتحقيق مشروعهم الإسلامي المتكامل والذي يتلخص بدعم قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة مقدمة لتحرير كل فلسطين وإقامة اتحاد عربي – إسلامي بالتعاون مع دول أخرى وفي مقدمتها الجمهورية الاسلامية الإيرانية وتركيا ودول شرق آسيا، وإن الإخوان اليوم غير مستعجلين على التواصل مع المسؤولين الإيرانيين او قيادات «حزب الله» بانتظار حسم نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية في مصر ومعرفة اتجاه الأوضاع في سوريا ومدى نجاح الجهود الايرانية في التوصل الى تسوية للوضع السوري يسمح بعودة الإخوان إليها ومشاركتهم في السلطة بما يمهد لحلف جديد يضم مصر- العراق – سوريا وينفتح على إيران وتركيا.
مصادر إسلامية مطلعة تقول إنه يجب عدم الاستعجال بحسم الموقف من «الإخوان المسلمين» واتخاذ مواقف نهائية منهم، بل يجب الانتظار لبعض الوقت وإعطاؤهم المزيد من الوقت لكي تنجلي الصورة في المنطقة ويتحدد موقع الإخوان في السلطة، وخصوصا في مصر، لأن الإخوان لا يمكن ان يتنكروا لتاريخهم ومواقفهم النضالية، سواء على صعيد القضية الفلسطينية او العمل لاستعادة الحكم الإسلامي والخلافة الإسلامية ولو بأشكال جديدة.

وتضيف المصادر إن تاريخ الإخوان قام على ثلاثة اسس وهي: الرد على إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية ومواجهة قيام الكيان الصهيوني والعمل لتعزيز الوحدة الإسلامية، وأي تخلٍ للإخوان عن هذه الاسس يعني تخليهم عن تاريخهم وتحولهم لحركة غير إسلامية، ولذا يجب عدم الاستعجال بحسم الموقف والاستمرار بالحوار مع قيادات الإخوان وتقديم كل اشكال الدعم لهم لكي لا يكونوا لقمة سائغة بيد بعض الدول الخليجية والدول الغربية (اميركا واوروبا) .
وتشير المصادر الى ان المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من اللقاءات والاتصالات المعلنة وغير المعلنة بين القوى الاسلامية بما يساهم في جلاء الموقف وتعزيز العلاقة بين القوى الاسلامية السنية والشيعية، ويقطع الطريق امام اية محاولة لأخذ المنطقة نحو الفتنة المذهبية السنية – الشيعية.  

السابق
الدولية للصليب الأحمر تتسلم من إسرائيل جثة مواطنة من علما الشعب
التالي
فيروز في أغنياتها دائما الأولى