بلدية الرمادية.. إنجازات وطموحات يعيقها التمويل

ما زالت بلدة الرمادية – قضاء صور مقسومة على ذاتها منذُ الإنتخابات البلدية الأخيرة عام 2010، بين مؤيّدٍ للمجلس البلدي الحالي وحليفٍ للمجلس البلدي السابق.. هنا في الرمادية لا مكان للون الرمادي، فإما أن تكون مع أو أن تكون ضدّ، هكذا هي الرمادية تعيش حالة من التوتّر الدائم بسبب الإحتقان والأجواء المتشنجة التي رافقت انتخابات المجلس البلدي.

يستهلّ نائب رئيس بلدية الرمادية الأستاذ إبراهيم رومية حديثه، بالقول: "أنّ هناك صيت يتداوله الناس عن أنّ البلدة مقسومة بين عائلتيّ برجي وروميّة، لكن بالنسبة لي من غير المنطق اختصار البلدة بهاتين العائلتين لأنّ هناك عائلات أخرى، لكننا إذا أردنا أن نعرف ما سبب هذا الصيت علينا أن نعود إلى الجذور التاريخية للخلاف الذي كان سائداً في ستينيات القرن الماضي، عندما كانَ المرحوم حسين برجي مختاراً، وقد استغلّ مركزه لإمتلاك ثلث عقارات البلدة، وقد صادف أنّ من وقف أمامه لمواجهته هم من آل روميّة".

                                                                                                                                                                 

ويضيف رومية: "لقد تمّ تكريس الخلاف بين العائلتين في أعقاب الإنتخابات البلدية عام 2004، عندما حاولَ أحد الأطراف الحزبية القيّمة على الإنتخابات التركيز على الخلاف بهدف توحيد عائلة آل برجي لشدّ العصب العائلي، آخذين بعين الإعتبار أنّ آل برجي هم العائلة الأكبر في الرمادية، وقد نجحوا في ذلك بعدما لعبوا على هذا الوتر وتمّ التجييش لهذا الأمر، خصوصاً أنّ المرشّح الأول لرئاسة المجلس البلدي كان من عائلة برجي والمرشح المقابل له كان من آل رومية ( شقيقي)"، وبنتيجة الإنتخابات البلدية لعام 2004 فقد فاز سليم برجي بفارق بسيط عن اللائحة المنافسة".
ويستعيد رومية من ذاكرته أجواء تلك المرحلة، ويقول: "للأسف كان تعاطي المجلس البلدي السابق بطريقة كيديّة، إضافةً إلى أنهم لم ينجزوا مشاريع حيوية مهمة للبلدة، ولم ينفذوا سوى بعض الإنجازات البسيطة كمشروع الأرصفة والإنارة وبعض أعمال البنى التحتيّة، وقد كان هناك تقصير وغموض وعلامات استفهام حولَ بعض المشاريع . . منها مشروع الساحة العامة الذي أنجز بكلفة 74 مليون ليرة، علماً أنّ المشروع المنفّذ على أرض الواقع يختلف تماماً مع الخرائط الموضوعة له، مما يوحي بهدر مالي غير مفهوم!!".
إلى أن جاءت الإنتخابات البلدية عام 2010 وانقلبت المعادلة، وفازت اللائحة المدعومة من العائلات في مقابل خسارة اللائحة المدعومة من حركة أمل وحزب الله، وفي هذا السياق، يقول رومية "أنّ الإتفاق الذي تمّ بين قيادتي الحزب والحركة لجهة توزيع الحصص بحسب نسبة التمثيل، لم يتمّ الإلتزام به في الرمادية، وذلك بسبب الإختلاف على تشكيل اللائحة التوافقية وتوزيع الحصص، لاعتبارات تتعلّق بالمنافسة بين قطبيّ آل برجي سليم برجي (الرئيس السابق للبلدية) والحاج محمد حسن برجي (الرئيس الحالي)".
 وحول الإشاعة التي انطلقت عقب الإنتخابات وسادت حينها وتناقلتها الألسن ووسائل الإعلام، عن حصول طلاق بين زوجين بسب خلافٍ على الإنتخابات البلدية، يقول: " نعم لقد حصل أن قام شقيق رئيس بلدية الرمادية السابق سليم برجي بتطليق زوجته التي هي إبنة رئيس البلدية الحالي الحاج محمد حسن برجي.. لكنّ الطلاق كان قد وقع قبل 3 سنوات من الإنتخابات والترويج لهذه الشائعة لتسخيف الموضوع ليس أكثر ولتصوير الموضوع أنّه خلاف عائلي، ولو فرضنا أنّ القصّة عائلية وفقاً لما يقولون، لما كانَ الفارق بين اللائحتين المتنافستين يبلغ 200 صوت وأكثر".
يضيف رومية: "لكنّ المؤكّد أنّ الناخبين لم يكونوا راضين على أداء المجلس البلدي السابق، ولم يأتِ ناس من المرّيخ ليصوّتوا في الإنتخابات".. لكن ماذا عن المغتربين الذينَ توافدوا من الخارج؟ يصمت ليعود ويقول بصراحة مطلقة: " نعم لقد أتينا بأصوات الناخبين المغتربين . . لكي لا نختبئ وراء أصابعنا . . لكنّ اللائحة المنافسة فعلت كذلك أيضاً.. وحسب الإحصاءات المتداولة أننا نجحنا باستقدام 85 شخص ناخب فيما هم أتوا بـ 75 ناخب.. لكنّ هؤلاء ليسوا وحدهم مَنْ غيّروا المعادلة.. فالمعادلة انقلبت من داخل البلدة وتصوير الموضوع بدفع أموال للناخبين أمر غير صحيح".
اليوم وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على عمر المجلس البلدي الجديد، يجد رومية أن المجلس لم يتعامل بكيديّة ولم يستأثر بقرارات البلدة إنما فتح باب التعاون مع الجميع، فالتسهيلات التي يحصل عليها الأهالي لجهة رخص البناء وغيره متاحة أمام الجميع، والإعفاء من رسوم التسجيل في المدرسة الرسمية وتوزيع الكتب بشكل مجاني طال جميع الطلاب، علماً أنّ بعض هؤلاء منعهم أهاليهم من حضور حفل التكريم الذي نظمته البلدية لدوافع كيديّة، وللأسف أنّ هناك مقاطعة حتى الآن للمجلس البلدي ممن كانوا مؤيدين للائحة المنافسة، بالرغم من أننا نفتح أيادينا للجميع".

في أجندة بلدية الرمادية الكثير من المشاريع الإنمائية، لكنّ االمشكلة تبقى في التمويل بحسب كرم ناصر الدين أمين الصندوق في البلدية، الذي يقول "أنّ التأخير في دفع مستحقات البلديات يعيق إنجاز الكثير من المشاريع، فقد تسلمنا صندوق البلدية شبه معدوم، وما يأتينا من أموال من الصندوق البلدي المستقلّ هو شيء ضئيل جداً، علماً أننا ما زلنا بانتظار مستحقات عامي 2009 و2010 حيثُ من المرجّح استلامها في أوائل العام 2012، والأمر لا يتوقف عند بلديتنا فهذا حال معظم بلديات الجنوب، وذلك نتيجة فوضى السياسات وانعدام الأولويات".

  
وفي هذا الإطار، يكشف عن أن رئيس البلدية ونائب الرئيس يقومان بدفع بعض المصاريف من أموالهم الخاصة لصالح الشأن العام، وقد استطعنا بفعل تكاتفنا من إنجاز بعض المشاريع المهمّة، وأعتقد أنّ الأهالي لمسوا هذا الأمر، وذلك كي لا تمرّ
سنة 2011 دون تنفيذ إنجازات، وهناك وقائع على الأرض وليس مجرد كلام"، مؤكداً أنّ على الدولة واجبات عليها أن تقوم بها، فالبلديات دون مساعدة الدولة لا يمكنها أن تنجز أيّ شيء ويبقى التقصير موجود".
ويعدد ناصر الدين بعض المشاريع المنجزة حتى اليوم، كأعمال تزفيت الطرقات الداخلية للبلدة، وتوسيع المستوصف وصيانة المدرسة الرسمية ومنح للطلاب الجامعيين، وتحديد المشاعات وتعبيد الطرقات إليها، وشراء سيارة إسعاف وسيارة أخرى لنقل النفايات، وإنشاء جدران دعم والعديد من مشاريع البنى التحتية.. ويلخّص احتياجات البلدة، بإنشاء شبكة للصرف الصحي، وصيانة تمديدات شبكة مياه الشفه وصيانة تمديدات الكهرباء.
ولا يخفي إستيائه من اليونيفيل خصوصاً الكتيبتين الإيطالية والتركية العاملتين ضمن النطاق الجغرافي لبلدة الرمادية، حيثُ لم يقوما سوى ببعض التقديمات البسيطة للبلدية، بخلاف تقديماتهم السخيّة للبلديات المجاورة، وبخصوص المشاعات وفوضى البناء فيها، يقول أنّ بلدية الرمادية قد تكون من البلدات القليلة في الجنوب التي لم يحدث فيها فوضى بناء في المشاعات في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب اتخاذ البلدية التدابير المناسبة بعد تحديد أراضي المشاعات تمهيداً لتسييجها وتشجيرها.

أسماء أعضاء المجلس البلدي(2010- 2016):
محمد حسن برجي(الرئيس)، إبراهيم يوسف رومية(نائب الرئيس)، كرم ناصر الدين، حسن طحطح، إبراهيم طالب، فادي بيضون، محمد قاسم برجي، غسان رامز برجي، حسين علي وحيد، جعفر خليل أبو زيد، حسين علي تاج الدين، أسد محمد فتوني.

نبذة عن بلدة الرمادية
تقع بلدة الرمادية في قضاء صور، يحدّها من الشرق والشمال الشرقي بلدة قانا, ومن الشمال حناويه، من الغرب الكنيسة، ومن الجنوب جبال البطم. تبعد بلدة الرمادية عن العاصمة بيروت 90 كلم وترتفع عن سطح البحر 270 م، أما الطرق المؤدية اليها: من صور- الحوش- عين بعال – حناوي – قانا، أو من الناحية الغربية فـ صور رأس العين – الكنيسة، يبلغ عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة. 

السابق
سيارة تهبط على سطح منزل
التالي
القادري: الحكومة ستتلقى هزيمة جديدة في موضوع تجديد بروتوكول المحكمة