البناء: الأجور معلَّقة والكلمة الفصل لمجلس الوزراء

لم يفض اجتماع لجنة المؤشر على مدى يومين متتالين الى إخراج ملف الأجور من الهوّة السحيقة التي وضعه فيها الخلاف الدائر بين وزير العمل شربل نحاس وهيئة التنسيق النقابية من جهة، والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية من جهة ثانية.
وقد أدى تمسك طرفي الانتاج باتفاقهما الرضائي الى كسر الجرة، وتعليق تصحيح الأجور الذي تنتظره غالبية الشعب اللبناني على حبال المجهول. اللهم إلا إذا اجترح مجلس الوزراء معجزة تعطي العمال والاجراء والموظفين الأمل في تحسين ظرفهم الاجتماعي في ظل ما يعانونه من أزمات معيشية واقتصادية، ولم يخف الوجوم الذي ظهر جليا على وجوه أفرقاء لجنة المؤشر، ان هناك مساحة واسعة من الخلافات في وجهات النظر حول هذا الملف يستحيل ردمها، إلا من خلال اتفاق سياسي بعد أن فشلت لغة الأرقام في الوصول الى النتيجة المرجوة.
وباختصار شديد، فان تمترس كل طرف بموقفه يؤكد وجود استحالة لإعادة هذا الملف الى طاولة الحوار، لا سيما وان طرفي الانتاج يعتبران ان اتفاقهما جاء نتيجة خلطة سحرية أرضت الجميع، بينما يرى وزير العمل ومعه هيئة التنسيق النقابية ان هذا الاتفاق غير قابل للحياة.
تفاصيل الاجتماع
وفي التفاصيل، لم تنته لجنة المؤشر كما كان متوقعا الى نتيجة ايجابية او اتفاق بسبب التباين الواضح في وجهات النظر على غير صعيد، فالاتحاد العمالي العام طرح موقفا جديدا في الاجتماع طالب من خلاله بزيادة مئة في المئة احتسابا لغلاء المعيشة منذ العام 1995، وارفق رئيس الاتحاد ذلك بالالتزام باتفاق بعبدا اذا تمت الموافقة على اقتراحه.
اما الهيئات الاقتصادية فاكتفى ممثلها بتلاوة اتفاق بعبدا مرفقا، بينما شددت هيئة التنسيق النقابية على الحقوق المكتسبة وعلى احتساب غلاء المعيشة منذ العام 95 وحتى الآن، وعلى ضمان دفع بدل النقل وعدم التهرب من ذلك من قبل العديد من المؤسسات.
في الخلاصة، فان ما جرى أمس، أبقى الامور في دائرة مفرغة لكن المعلومات المتوافرة لـ "البناء" مساء اشارت الى ان الاتصالات التي جرت بعيدا عن هذا الاجتماع وبين الرابية وعين التينة والسراي بقيت ايجابية رغم الأجواء المشحونة التي شهدتها لجنة المؤشر.
وأضافت المعلومات، نقلا عن مصادر مطلعة ان هناك اتجاها قويا وشبه مؤكد الى لجوء مجلس الوزراء في جلسته المقبلة للتصويت مع أرجحية اقرار اتفاق بعبدا بعد تأخيره في اطار قانوني ملائم.
وأشارت مصادر متابعة في هذا السياق، الى ان الوزراء المحسوبين على كل من الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط سيصوتون الى جانب هذا الاتفاق، في حين ان مواقف وزراء حزب الله وحركة أمل لم يحسم أمرها، ما اذا كانت الى جانب هذا الاتفاق ام ستذهب باتجاه اقتراح الوزير نحاس.
نحاس: لا حد أدنى ولا اجتماعات
وفي المواقف المعنية أعلن الوزير نحاس "اننا ننطلق من أمرين ثابتين، الأول ان هناك اتفاقاً بين ممثلي أرباب العمل والاتحاد العمالي العام الذي يمكننا فيه ان نعرف كم يريد الفريق الأول ان يدفع والثاني ان يأخذ"، وأضاف: "هناك واجب على الحكومة في لبنان ان تنظر الى نسب غلاء المعيشة دوريا عندما تدعو الحاجة واستخلاص الحد الأدنى، كرقم يمكن تطبيقه على غلاء المعيشة".
وقال: "ان ما حصل خلال الاجتماع لا يعفي الوزارة ولا الحكومة من تعيين الحد الأدنى وسنرى ما هو اللازم، وسوف نقوم بواجبنا ونحوّل المرسوم الى مجلس الوزراء في الوقت المناسب".
واضاف "ليس هناك حد أدنى الآن، كما ليس هناك موعد لاجتماع جديد واذا كان هناك شيء طارئ فأهلا وسهلا ويشرفوننا".
من ناحيته، أوضح رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أن هناك نوعا من الماطلة والتسويف في موضوع بت ملف تصحيح الأجور.
وأكد غصن، أن "الأمور ليست مغلقة مع الوزير نحاس وننتظر أن يرفع تقريره الى الحكومة".
 بان في بيروت اليوم
في سياق سياسي آخر، انصرف المسؤولون امس، وعشية زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم الى بيروت، الى تحضير الملف الذي سيبحثونه معه، والذي يتضمن نقاطا عديدة بدءا من الاعتداءات والخروق "الإسرائيلية" المتكررة وانتهاء بموضوع الألغام والقنابل العنقودية. وما بينهما ملف النفط والحدود البحرية.
وذكرت مصادر متابعة، أن بان سيسعى خلال لقاءاته الى اثارة العديد من الامور التي تتعارض مع مصلحة لبنان واستقراره، وخصوصا في سياق التحريض لمزيد من تدخل قوى"14 آذار" في الشأن السوري، من خلال تكرار مقولة اللاجئين السوريين. مشيرة الى ان تيري رود لارسن الذي يرافق الأمين العام للأمم المتحدة سيدفع في اتجاه طلب استقدام مراقبين الى الحدود بين لبنان وسورية.
وأوضحت أن بان سيعود ايضا لطرح استكمال تنفيذ القرار 1559 من خلال الحديث عن "جمع السلاح" كما انه سيطالب الحكومة بأن يصار الى تجديد البروتوكول مع المحكمة الدولية، اي ان لا تطالب الحكومة اجراء تعديلات عليه.
خطاب نصرالله
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر سياسية عليمة، ان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم سيكون خطابا مهما، لناحية المواقف المهمة التي سيعلنها حيال عدد من الملفات الاساسية، بدءا من موضوع المحكمة الدولية الى الوضع في سورية وصولا الى المواجهة القائمة على المستوى الاقليمي.
صوابية رؤية الأسد
أما على صعيد الوضع في سورية، فقد أكدت ردات الفعل الأميركية والغربية المعترضة على مضمون خطاب الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد على صوابية الرؤية المتكاملة التي قدمها الرئيس الأسد في هذا الخطاب حول المؤامرة التي يشارك فيها الغرب مع عرب أميركا و"مجلس اسطنبول". فأطراف هذا الملف لا يريدون الإصلاح ولا التطوير ولا الديمقراطية في سورية، بل إن ما يعملون عليه هو نقل سورية من موقعها الحاضن للمقاومة الى الموقع النقيض لها.
فهذا الملف الأميركي، الغربي، العربي لم يسمع بكل ما قدمه الرئيس الأسد من فتح باب الإصلاح على مصراعيه للدستور وكل الحياة السياسية، كما أذانهم لا تسمع ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من قتل وتخريب، بل إن ردّات الفعل الأميركية الغربية تثبت أن قوى هذا التحالف هي التي ترعى المجموعات المسلحة وتقدم لها الخبرة «سلاح» المال وهو ما أكدته مصادر دبلوماسية عربية من جديد لـ «البناء» حول وجود ضباط استخبارات أميركيين وفرنسيين وبريطانيين في تركيا ومناطق أخرى يقومون بتدريب المجموعات المسلحة.
وعلى الرغم من ذلك، تؤكد المصادر أن القيادة السورية لن تتراجع عن عملية الإصلاح والدعوة إلى الحوار، وتشير الى أن خطوات جديدة وأساسية ستحصل نهاية الشهر الجاري. وفي مطلع الشهر المقبل المتمثل في الاستفتاء على الدستور وقيام حوارات وطنية تشارك فيها وجوه جديدة ذات حضور وطني وشعبي.
إلا أن المصادر الدبلوماسية تشير وفق المعلومات التي لديها أن الأميركيين ومعهم بعض العواصم الغربية والعربية سيواصلون حملتهم على المراقبين العرب سعياً وراء سحبهم، في سبيل دفع الجامعة العربية لرفع الوضع السوري إلى مجلس الأمن بهدف اخراج الموقفين الروسي والصيني حتى لا يلجآن إلى استخدام "الفيتو" في وجه أي قرار غربي لإصدار موقف عن مجلس الأمن ضد سورية. لكن المصادر تشير إلى أن القيادة الروسية على معرفة تامة بما يجري على الأرض في سورية، وما تقوم به المجموعات المسلحة، ولذلك فهي تحرص على استمرار عمل المراقبين، وفي الوقت ذاته تدرك أبعاد المخطط الأميركي والغربي ضد سورية.
حكومة جديدة
إلى ذلك، أشارت مصادر سورية مطلعة إلى أنه «سيتم الإعلان نهاية الشهر الجاري عن تشكيل حكومة سورية جديدة تضم شخصيات من المعارضة الوطنية».
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصادر سورية وصفتها بالمطلعة أن «اتصالات ستبدأ مطلع الأسبوع المقبل تمهيداً لتشكيل حكومة جديدة موسعة تضم أطيافاً من المعارضة السورية الوطنية»، وتوقعت المصادر أن «تلد حكومة مطلع الشهر المقبل».
«الجامعة» وبعثة المراقبة
إلى ذلك، وفي إطار التناقض الواضح في صفوفها بين أفراد بعثة المراقبة، هو ما يؤشر إلى وجود ضغوط كبيرة على أفراد هذه البعثة للتلاعب وتزوير تقاريرها. أكد رئيس البعثة الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي أن «ما تحدث به المراقب الجزائري أنور مالك الذي انسحب من اللجنة لا يمت الى الحقيقة بصلة».
وأشار الدابي إلى أن «المراقب مالك لم يغادر الفندق في حمص طيلة ستة أيام ولم يشارك أعضاء الفريق بالنزول إلى الميدان متحججاً بمرضه».
من ناحيته، أكد رئيس غرفة عمليات مراقبي الجامعة السفير عدنان الخضير أن «بعثة المراقبين ستستمر إلى 19 الجاري وفق البروتوكول الموقع بين الجامعة العربية والحكومة السورية».
وأوضح الخضير في تصريحات صحافية أن «هناك طلبات كثيرة من دول عربية ومنظمات من المجتمع المدني للانضمام إلى فريق المراقبين»، مضيفاً أن «الجامعة العربية ستقوم بتدريب المراقبين وتهيئتهم قبل إرسالهم إلى سورية وذلك لم يتم قبل أسبوع».
في هذا الوقت، تواصل الفاعليات الشعبية والأهلية والشبابية في المحافظات، إقامة المسيرات والنشاطات الوطنية تأييداً لبرنامج الإصلاح الشامل للوصول إلى سورية المتجددة والمتطورة التي رسم ملامحها الرئيس الأسد في خطابه على مدرج جامعة دمشق، وتخليداً لأرواح الشهداء وتقديراً لتضحيات حماة الديار في الذود عن حياض الوطن.
وحمل المشاركون الذين تجمعوا في الكورنيش البحري في طرطوس والساحة الرئيسية في مصياف وشارع حماه في السلمية الأعلام الوطنية واللافتات مرددين الهتافات التي تؤكد التفاف الشعب السوري حول قيادته، وتنوه بتضحيات الجيش السوري في سبيل عزة ورفعة واستقرار الوطن، وتدعو لنبذ الفتنة ورفض حملات التحريض والتضليل التي تقودها بعض وسائل الإعلام المغرضة عبر تزييفها للحقائق وفبركتها للأكاذيب الهادفة لنشر الفوضى والنيل من أمن واستقرار سورية.
إرهابي الميدان
أمنياً، عممت وزارة الداخلية السورية «صورة الإرهابي الذي قام بتفجير نفسه في حي الميدان في دمشق» ودعت «المواطنين الذين لديهم أي معلومات حول هوية صاحب الصورة الإبلاغ عنها فوراً حتى يتسنى للجهات المعنية المتابعة الحثيثة للمجموعات الإرهابية المسلحة وإلقاء القبض عليها وتقديمها للقضاء لتنال جزاءها العادل».
ومن ناحيته، أصدر محافظ حمص غسان عبد العال قراراً بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وجمع الأدلة والتحقيق في ظروف وملابسات الاعتداء الإرهابي الذي أودى بحياة الصحافي الفرنسي جيل جاكييه من القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي وثمانية مواطنين سوريين وجرح خمسة وثلاثين آخرين يوم أول من أمس في حمص.  

السابق
الحياة: سفراء أوروبا يشجعون ميقاتي على متابعة نهج الاستقرار في لبنان
التالي
تبار مسؤول