السفير: تحالف بين العمالي والهيئات … ضد نحاس!

لم يخرج أمس الدخان الأبيض من اجتماع لجنة المؤشر الذي ضم كل الأطراف المعنية بتصحيح الأجور، وبدا ان التغطية السياسية الافتراضية التي مهدت لهذا الاجتماع عبر لقاءات عين التينة والسرايا والرابية لم تتحول خلاله الى مقاربة مشتركة للحد الأدنى للأجور ولموقع بدل النقل منها، بعدما أصر وزير العمل شربل نحاس على عدم قانونية اتفاق بعبدا بين طرفي الإنتاج معتبرا ان البديل يكمن في مشروع المرسوم الذي وافق عليه مجلس شورى الدولة شرط الأخذ بملاحظاته (800 ألف ليرة تشمل ضمنا بدل النقل)، في مقابل إصرار «التحالف» المستجد بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية على حرفية الاتفاق الموقع بينهما في القصر الجمهوري(675 ألف ليرة، و8 آلاف بدل نقل يوميا بشكل منفصل)، فيما بدت هيئة التنسيق النقابية أقرب الى موقف نحاس.
عشاء «التقدمي» و«حزب الله»
وإذا كان تصحيح الأجور ما زال يصطدم بجدار سميك، فإن أقنية التواصل بين «حزب الله» والحزب التقدمي الاشتراكي شهدت أمس انتعاشا من خلال العشاء الذي أقامه الوزير غازي العريضي في منزله، وشارك فيه عن «حزب الله» الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، وعن «التقدمي» الوزير وائل ابو فاعور والنائب أكرم شهيب، مع الإشارة الى ان هذا العشاء جاء استكمالا للقاء عقد قبل فترة في منزل الحاج حسن وضم الوجوه ذاتها.
وعلم ان المجتمعين توافقوا على أهمية تحصين الاستقرار الداخلي وتفعيل العمل الحكومي وتعزيز الحوار وحماية لبنان من تأثيرات ما يجري في المنطـقة، مع استمرار التباين في قراءة المشهد السوري.
وقال أبو فاعور لـ«السفير» ان عشاء ليل أمس جاء في سياق استكمال الحوار بين الطرفين والحرص على تمتين العلاقة الثنائية وتطويرها، موضحا ان الجو كان إيجابيا جدا، وان النقاش تناول العناوين الداخلية والإقليمية الراهنة. وأشار الى ان نقاط الالتقاء هي أكثر من نقاط الخلاف، وحتى المسائل التي هي موضع تباين اتفقنا على تنظيم الخلاف بشأنها، ومقاربتها بطريقة هادئة، وبمنطق السعي الى التفاهم حولها. وأكد ان هناك حرصا من الجانبين على تعزيز الحوار بين كل القوى السياسية والنأي بالوضع الداخلي عن أي وضع خارجي.
وأبلغت أوساط مقربة من «حزب الله» «السفير» ان اللقاء كان وديا وإيجابيا وصريحا وواضحا، وتخلله نقاش عميق ومفيد حول كل القضايا المطروحة على الساحتين الداخلية والاقليمية.
تجدر الاشارة الى ان الامين العام لـ«حزب الله « السيد حسن نصرالله سيلقي كلمة عند السادسة والنصف مساء غد الجمعة يتناول فيها التطورات الداخلية والاقليمية .
«العمالي» ينتقد نحاس
وبالعودة الى اجتماع لجنة المؤشر حول تصحيح الأجور، فهو شهد نقاشا متوترا، لاسيما بين الوزير شربل نحاس ورئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، وبين الأخير وهيئة التنسيق النقابية، من دون ان تنجح مفاوضات الساعات الاربع في ردم الهوة وتقريب المسافات، ما دفع وزير العمل الى تأجيل النقاش حتى بعد ظهر اليوم، بانتظار أجوبة نهائية من جميع الأطراف، وهي مهلة ستفسح في المجال أمام إعادة تفعيل التواصل السياسي على أكثر من خط، سعيا الى إيجاد المخرج الذي يراعي مضمون الاتفاق الرضائي وثوابت الوزير نحاس وضوابط «شورى الدولة».
وبينما أكدت أوساط الاتحاد العمالي لـ«السفير» ليلا انه إذا تمسك نحاس في لقاء اليوم بموقفه فان الاتحاد سيطالبه في المقابل بزيادة مئة في المئة على كامل الأجور، بما يوازي نسبة غلاء المعيشة منذ عام 1993حتى عام 2011.. وقال رئيس الاتحاد غسان غصن لـ«السفير» ان نحاس تنكر خلال اجتماع أمس للاتفاق الموقع بين الاتحاد والهيئات الاقتصادية بذريعة انه غير قانوني، في حين ان المراسيم التي يقترحها نحاس هي غير قانونية وقد ردها مجلس شورى الدولة تباعا، وآخرها المرسوم الاخير الذي وافق عليه المجلس شرط الأخذ بملاحظاته التي تنسف عمليا المرسوم من أساسه.
وأشار الى ان الاتفاق الرضائي بين طرفي الإنتاج تم بعد أشهر من المفاوضات الصعبة، وهو يمثل الخلاصة النهائية
التي لا يمكن الوصول الى افضل منها في الظروف الحالية، فلماذا يصر وزير العمل على العودة بنا الى المربع الأول ولماذا يريد إدخالنا مجددا في متاهة المماحكات، لاسيما وان الهيئات الاقتصادية ترفض الحد الأدنى للاجور الذي يلحظه مرسوم الوزير وهو 800 ألف ليرة تشمل ضمنا بدل النقل، لافتا الانتباه الى ان استئناف الحوار من جديد سيعني الرجوع الى نقطة الصفر وتضييع المزيد من الوقت، فيما الناس تكتوي بارتفاع الأسعار.
وأكد ان الاتحاد متمسك بالاتفاق الموقع مع الهيئات الاقتصادية، والمـــطلوب من الدولة مباركته وإيجاد صياغة قانونية له، وليس العمل على تعطــيله كما يفعل الوزير نحاس، مشيرا الى انه ليس قلقا على مصير بدل النقل الذي هو حق مكتسب لا يمكن لأحد الانتقاص منه.
وأوضح ان الجواب الذي سيبلغه اليوم الى نحاس هو التمسك بالاتفاق الرضائي ودعوة الدولة الى إرفاقه بالآلية القانونية اللازمة.
«الهيئات»: لا تعديل لفاصلة
وأبلغ أحد ممثلي الهيئات الاقتصادية ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس «السفير» ان موقف وزير العمل خلال اجتماع لجنة المؤشر مستغرب، لافتا الانتباه الى ان نحاس كان يدفع في اتجاه اعتماد مشروع المرسوم الذي رفعه الى «شورى الدولة»، قافزا فوق الاتفاق الموقع بيننا وبين الاتحاد العمالي. وأضاف: نحن لا نقبل بتعديل فاصلة واحدة في هذا الاتفاق، لأن من شأن ذلك إذا تم ان ينسف الصيغة الموضوعة من أساسها.
وأشار الى ان العنصر الإيجابي الوحيد في هذه المعمعة هو التضامن الحاصل وغير المسبوق بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية، بعدما كان التصادم سمة العلاقة بينهما، معتبرا انه يجب الحفاظ على هذا الإنجاز الاجتماعي وليس التفريط به.
وأوضح ان وفد الهيئات الاقتصادية أبلغ نحاس بان أصحاب العمل يعتبرون انه شريك معهم في الاتفاق الحاصل مع العمال، وليس خارجه، وان هذا الاتفاق هو أمانة بين يديه، ولكن الوزير أصر على وجهة نظره، ونحن سنبلغه اليوم اننا مصرون من جهتنا على التمسك بالتفاهم مع الاتحاد العمالي.
«التنسيق»: يضحكون علينا!
أما عضو هيئة التنسيق نعمة محفوظ، فقال لـ«السفير» ان مشروع الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية ينطوي على ثغرتين، الأولى انه يلحظ بدل النقل وفق صيغة سيرفضها مجلس شورى الدولة، والثانية انه لا يتضمن تشطيرا ونسبا مئوية وهو كمن يعطي شيكا من دون رصيد، وبالتالي فان واضعي هذا المشروع يضحكون علينا. واستهجن موقف رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن المتضامن مع الهيئات الاقتصادية، لافتا الانتباه الى ان أغلبية المؤسسات الاقتصادية لا تدفع بدلات النقل وتريد ان تواصل التهرب منها، ولذلك ترفض مرسوم وزير العمل الذي يعين الحد الأدنى بـ800 ألف ليرة، لئلا يتيح التملص من دفع بدل النقل.
واعتبر ان أصل المشكلة سياسي ومعالجتها تكون سياسية، مستغربا الفوقية التي كان يتكلم بها غصن مع نحاس خلال الاجتماع، بما يوحي وكأنه يستند الى دعم من جهة ما. وشدد على ان هيئة التنسيق لن تقبل أي مشروع لا يراعي مطالبها وثوابتها، تحت طائلة العودة الى الإضراب والتظاهر، مضيفا: نحن لسنا غسان غصن.
نحاس.. والمهلة الأخيرة
وكان نحاس قد أكد بعد الاجتماع انه جرى البحث في موضوع الاموال التي وافق اصحاب العمل على دفعها، ووافق الاتحاد العمالي العام على ان يقبضها الاجراء، بحيث تصاغ هي ذاتها ضمن القوانين، لأن القانون وضع من أجل ان يحمي الاجر والاجراء، وللأسف لم نلق من قبل الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام تأييدا، على خلاف ما لقيناه من هيئة التنسيق النقابية.
وأوضح انه تمنى على الفريقين العودة للتشاور مع مكوناتهم حتى يأتوا اليوم الى اجتماع يعقد عند الثانية بعد الظهر لاعطاء الجواب النهائي، «فإذا كان هذا الجواب يسمح بترجمة الصيغة الاقتصادية التي وافقوا عليها وفق الاطر القانونية نكون قد انجزنا عملا عظيما، أما اذا أصروا على مخالفة القانون وعلى الطلب من الحكومة ان تغطي عددا من المؤسسات التي تأكل حقوق أجرائها فنحن لن نخالف القانون، وكل من وقع اتفاقا رضائيا عليه ان يطبقه بمعزل عما تقرره الحكومة، هذا اذا كان هذا الاتفاق يفوق ما تقرره الحكومة».  

السابق
يوم امني في صور لقمع المخلين بالامن ومخالفي السير
التالي
النهار: كونيللي أبلغـت ميقاتي قلق بلادها من انعكاسات سورية على استقرار لبنان