الشرق: الاسد يقفل باب المبادرات ويستعد للحوار والمعارضة تطالب بالتدويل

رفضت المعارضة السورية جملة وتفصيلاً مضمون الخطاب الذي وجهه في وقت سابق امس الرئيس السوري بشار الأسد، واعتبرت أن الخطاب بمثابة وأد للمبادرة العربية أو أي مبادرة أخرى لتسوية الأزمة، وأن الخطاب أوضح بشكل جلي أن النظام سيواصل سياسة القتل والقمع ضد الشعب السوري.
وقال رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور برهان غليون خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة اسطنبول التركية إن الخطاب قطع الطريق على أي مبادرة عربية أو غير عربية لتجنيب سوريا الأسوأ.
وقال غليون إن الخطاب كشف عن الإصرار من جانب النظام على دفع الشعب للانقسام والحرب والأهلية من خلال التلويح بمشروع إصلاح وهمي تحول مع الوقت الى "خرقة بالية" ولم يعد هناك أحد في سوريا يؤمن به.
وشدد غليون على أن النظام لم يتعلم شيئا من الأزمة التي بدأت قبل عشرة أشهر، ولا يزال مستمرا في التصعيد الإرهابي ليؤكد أنه أكثر تطرفا اليوم مما كان عليه في أي فترة سابقة.
وأوضح القيادي السوري المعارض أن الشيء الوحيد الذي كان الشعب السوري في انتظاره هو أن يعلن بشار تنحيه، وبين أن الرد الوحيد على هذا الخطاب الذي يشكل مزيجا من الثرثرة والإنكار وممارسة التضليل، هو استمرار الثورة الشعبية السلمية وتوسيعها وتعميق التلاحم بين الثورة والجيش السوري الحر وكل قوى التغيير والإصلاح، والعمل على حث العالم العربي شعوبا وحكومات على دعم الشعب السوري وتصعيد الضغوط على النظام، والعمل على تعزيز الجهود لدفع المجتمع الدولي لتأمين الحماية للمدنيين السوريين في أسرع وقت.
وأضاف أنه من الواضح أن الرسالة الرئيسية للنظام هي رفض خطة العمل العربي، أعاد التذكير بأن الجاري حاليا هو مؤامرة خارجية، وأن الأسد اتهم العرب بأنهم شريك في المؤامرة، فالخطاب موجه تماما ضد العمل العربي.
وأوضح غليون أن الخطوة القادمة هي اللجوء للمجتمع الدولي والتوجه للجهات الدولية المعنية بحماية المدنيين. بدوره ، د جدد كمال لبواني عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري مطالبته الرئيس الأسد بالتنحي. وقال لبواني في اتصال هاتفي مع "العربية.نت"، إن أهم ما كان ينتظره من الرئيس الأسد في خطابه هو إعلان تنحيته وترك البلاد للشعب القادر على حكم نفسه.

وكان الرئيس السوري شن هجوماً عنيفاً على الدول العربية والجامعة العربية بلغ حد وصفهم بالمستعربين وأن تعليق عضوية سوريا في الجامعة معناه تعليق عروبة الجامعة. وقال "إن الدول التي تنصحنا بالإصلاح ليست لديها أي معرفة بالديموقراطية". وتابع أن "وضعهم كوضع الطبيب المدخن الذي ينصح بترك التدخين والسيجارة في فمه". واستطرد بأن "العرب لم يقفوا مع سوريا يوما" مستشهدا بعدة مواقف مثل غزو العراق واغتيال الحريري وحرب لبنان عام 2006.
وقال الأسد في خطابه إن بلاده تعمل منذ سنوات على تخفيف الخسائر الناجمة عن علاقتها بالعرب، وزاد: "تعليق عضوية سوريا يعني تعليق عروبة الجامعة". وشن الاسد هجوما قويا على دول عربية من دون أن يسميها، قائلا "لا يجوز أن نربط بين العروبة وبين ما يقوم به بعض "المستعربين".
وعلى الصعيد الداخلي، أكد الأسد على "الإصلاحات" التي قام بها النظام، مثل رفع حالة الطوارئ وإقرار قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام، مشيرا إلى تأخر قانون "مكافحة الفساد" لعدة أسباب، وأشار إلى قرب انتهاء لجنة إعداد الدستور من وضع مسودة الدستور الجديدة، مردفا: "الدستور الجديد سيركز على التعددية السياسية وتكريس دور المؤسسات وأن الشعب هو مصدر السلطات". ووعد ء باجراء استفتاء عليها في بداية شهر آذار المقبل، تليه انتخابات تشريعية في ايار او حزيران.
وبشأن تشكيل حكومة "وحدة وطنية" في البلاد، قال الأسد: حكومة الوحدة الوطنية تكون في البلاد التي توجد فيها نزاعات واسعة، ونحن لا يوجد لدينا انقسام وطني والحكومات في سوريا تضم كافة الأطياف"، وزاد: "نحن مع مشاركة جميع الأطياف السياسية في الحكومة". وشدد على أن الحكومة يجب أن تكون موسعة وتتألف من تقنيين وسياسيين. وأوضح الأسد أن نظامه مستعد للحوار مع المعارضة لكن تلك المعارضة غير مستعدة، معرباً عن استعداده للحوار مع كافة أطياف المعارضة حتى تلك التي تورطت في "أعمال إرهابية في السبعينيات والثمانينيات" من القرن الماضي على حد قوله.
وقال الأسد أمام حشد من الحضور في مدرج جامعة دمشق إن الأحداث تفرض على أبناء سوريا أن يتخذوا سبيل الحكمة والرشاد في حل مشاكلهم، والتآمر الخارجي ضد سوريا لم يعد خافيا على أحد، وفقا لتعبيره.
وتابع: "الآن انقشع الضباب ولم يعد بالإمكان تزوير الأحداث من أطراف إقليمية ودولية أرادت زعزعة استقرار البلاد"، مشيرا إلى أن بلاده تتعرض لهجمة إعلامية غير مسبوقة تهدف لشل إرادتها، مستشهدا بوجود أكثر من "60 وسيلة إعلامية دولية مكرسة الآن ضد سوريا بالإضافة إلى عشرات مواقع الإنترنت والصحف".
وقال: تحدثنا بشفافية عن وجود تقصير في مجالات وخلل في مجالات أخرى.. والمخربون استغلوا تظاهرات سلمية للقيام بأعمال القتل والنهب" وأردف: "عندما نتحدث عن مشاركة الخارج لا نقصد الغرب فقط حيث يشارك بعض العرب في هذه المؤامرة، والغريب أن بعض العرب معنا في القلب وضدنا في السياسة وهذا يدل على أن دولهم فقدت السيادة، وهناك دول عربية حاولت لعب دور أخلاقي وموضوعي في السياسة".
"لا مناص من التنحي".
ميدانيا وبالتزامن مع كلمة الأسد التي امتدت لأكثر من ساعة ونصف الساعة والتي تعد الرابعة منذ بدء الاحتجاجات في سوريا ، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن قوات الأمن واصلت عملياتها على رغم وجود بعثة المراقبين العرب. وأضافت الهيئة أن عدد القتلى برصاص الأمن السوري قد ارتفع إلى عشرة قتلى مشيرة إلى أن قوات الأمن قامت بإطلاق النار على المتظاهرين في جسر الشغور خلال توجههم للقاء المراقبين العرب.
واشنطن
واتهمت الولايات المتحدة الاسد بالتملص من المسؤولية عن اعمال العنف في سوريا. من جانب آخر، قالت الولايات المتحدة إنه أمر "مرضي" أن تستنتج الجامعة العربية بأن 150 مراقباً ضمن بعثة المراقبة العربية إلى سوريا "ليس كافياً"، وأن عناصر البعثة بحاجة إلى تدريب لأنها المرة الأولى التي تقوم بها الجامعة بمثل هذا العمل. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند في مؤتمر صحافي "إن الجامعة العربية تحملت مسؤولية كبيرة جداً في محاولة لوقف العنف، والتزمت بدفع نظام "الرئيس بشار" الأسد لتلبية جميع الالتزامات" التي طلبتها الجامعة.
وأضافت نولاند "من الواضح أننا لا نزال بعيدين عن الهدف حتى الآن، حيث إن العنف لم يتوقف والغالبية العظمى من السجناء السياسيين لا يزالون في السجن، ونحن لا نزال نرى جميع أنواع الأسلحة في الأحياء السكنية".
دعم فرنسي لمهمة المراقبين
وكانت فرنسا أكدت في وقت سابق دعمها الكامل لمهمة المراقبين العرب في سوريا، إلا أنها شددت على ضرورة تعزيزها بصورة أكبر.
الولايات المتحدة تتهم الاسد بالتملص من المسؤولية
رأت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في تصريح صحافي، أنّ الرئيس السوري بشار الاسد "ينكر بقوّة أي مسؤولية لدور قواته الامنية نفسها عن أعمال العنف في سوريا".  

السابق
الشرق الاوسط: لأسد يهاجم ويبرر.. والمعارضة: إنه خطاب الانهيار واشنطن: يحاول إنكار مسؤوليته عن العنف
التالي
الجمهورية: واشنطن تقرأ في خطاب الاسد قطعا لخطوط العودة ومزيدا من التأزم