وقد يرسلهم الله لنا!

يا لها من مفارقة! فبينما يشغل الإيرانيون المنطقة، والعالم، بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز، أعلنت البحرية الأميركية أنها قد قامت بتحرير 13 بحارا إيرانيا من أيدي قراصنة صوماليين كانوا يحتجزونهم، فكل إمكانات إيران البحرية التي تروج لها طهران هذه الأيام لم تمكن السلطات الإيرانية من تحرير بحارتها، بل إن من فعل ذلك هم الأميركيون!
ولأن شر البلية ما يضحك؛ ففي الأسبوع الماضي حذر الجنرال عطاء الله صالحي، قائد الجيش الإيراني، البحرية الأميركية، وتحديدا حاملة الطائرات «جون سي ستينيس»، من مغبة العودة إلى الخليج، لكن حاملة الطائرات هذه، التي يهددها قائد الجيش الإيراني، هي نفسها التي قامت بإنقاذ البحارة الإيرانيين من أيدي القراصنة الصوماليين، وهو الأمر الذي علق عليه المتحدث الرسمي للخارجية الإيرانية بالقول بأن ما فعلته البحرية الأميركية يعد «بادرة إنسانية إيجابية»! فبعد التهديد، والوعيد، أصبحت البحرية الأميركية، التي من الممكن أن تقصم ظهر النظام الإيراني بأي وقت، قوات صاحبة بوادر إنسانية إيجابية، يا سبحان الله!

والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن أحد البحارة الإيرانيين الذين قام الأميركيون بتحريرهم من القراصنة الصوماليين، واسمه فاضل الرحمن، البالغ من العمر 28 عاما، صرح شاكرا حاملة الطائرات العسكرية الأميركية، التي كان يهددها قائد الجيش الإيراني، بالقول: «كأن الله أرسلها لنا. لقد كنا نصلي كل ليلة لينقذنا، وها أنتم هنا الآن»! هكذا.. فقد أصبح الوجود الأميركي في المنطقة الآن هو نتيجة استجابة للدعاء، ورحمة. أميركا التي تصفها إيران بالشيطان الأكبر، أصبحت الآن قواتها البحرية صاحبة بادرة إنسانية إيجابية، بل ومرسَلة من الله، ولم يعد التعامل معهم عمالة أو خيانة!

وعليه، وقياسا على نفس المنطق الإيراني، فيجب أن ينظر أيضا إلى وجود القوات الأميركية في المنطقة، وتحديدا الخليج العربي، سواء بحرية أو جوية، أو خلافه، باعتباره نوعا من أنواع البوادر الإنسانية الإيجابية، حيث تقوم تلك القوات بحماية المنطقة، واستقرارها، ومنجزاتها، وحتى بترولها الذي يعد بمثابة الزيت المحرك للاقتصاد العالمي، من شرور العدوان الإيراني، كيف لا وطهران تهدد صباح مساء بأنها ستقوم بإغلاق مضيق هرمز، وقامت طوال الأسبوع الماضي تقريبا بمناورات عسكرية في البحر، مقابل دول الخليج، وقامت بعمليات إطلاق صواريخ، هذا عدا عن التصريحات الاستفزازية، وقبل هذا وذاك تقوم إيران بزرع خلاياها، وجواسيسها في المنطقة.

لذا، ووفق المنطق الإيراني، فقد يستجيب الله لدعاء أبناء المنطقة، ويرسل لهم القوات الأميركية لتحميهم من القرصنة الإيرانية المستمرة على قدم وساق في منطقتنا، برا وبحرا، ووصلت حتى شق الصف بالطائفية المقيتة، لتقوم تلك القوات بلجم القراصنة الإيرانيين، مثلما فعلت مع القراصنة الصوماليين. وعليه؛ فحينها يجب أن ينظر إلى هذا الأمر على أنه بادرة إنسانية إيجابية من قبل الأميركيين، وهي ليست عمالة أو خيانة، وإنما قد يكون وجودهم في المنطقة هو أن البارئ قد استجاب لدعاء أبناء المنطقة أيضا، مثلما استجاب لدعاء البحارة الإيرانيين.
  

السابق
تفاءل.. تبعد عنك الرشح
التالي
وول ستريت على استعداد للربع الرابع الكئيب