تحضير لتفجير أو اغتيال كبير؟

ليس طبيعيّاً ولا بريئاً أن يستمر السجال السياسي في البلد، حول وجود لتنظيم "القاعدة" في لبنان أو عدمه، وانطلاقه لشَن عمليات انتحارية في سوريا أو عدم انطلاقه.

وليس جدلاً عقيماً ولا مُناكفة نظرية أن يتمّ طرح هذه المسألة في سوق التداول، وإنما هو مؤشر بالغ الخطورة لما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع في المرحلة القريبة المقبلة.

اولاً: يشكّل طرح مسألة تحرّك القاعدة من لبنان الى سوريا، وخصوصا مع تزامن حصول انفجارات مدوية وسقوط عشرات القتلى والجرحى في دمشق وضواحيها، ربطاً، لا بل توريطاً للبنان في النزاع على السلطة في سوريا بين النظام والاحتجاجيين، والنزاع على سوريا بين القوى الاقليمية (ايران من جهة والمملكة العربية السعودية وتركيا وغيرهما من جهة اخرى)، وبين القوى الدولية (الولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها من جهة، وروسيا من جهة).

وخطورة هذا الربط انه يحصل من بوابة الأمن التي لم تتأثر ولم تهتز بشكل دراماتيكي في لبنان نتيجة الازمة السورية، على رغم الانقسام العمودي بين الافرقاء السياسيين حول ماهيتها ومسارها والخواتيم المرجوّة منها.
 ثانيا: ليس سراً أن هناك تهديدات بإشعال منطقة الشرق الاوسط، ومن ضمنها لبنان، إذا تهاوى النظام في سوريا أو اشتد الحصار على بقائه ونجاته من جهة، وإذا تمّ توجيه ضربة عسكرية لإيران بهدف وقف برنامجها النووي، أو تأمين استمرار الملاحة في مضيق هرمز، إذا ما تمّ تنفيذ التهديد بإقفاله.

وبما أنّ الحرب السرية على مستوى العمليات الأمنية المخابراتية لم تتوقف، سواء في لبنان أو سوريا أو إيران، فإنّ طرح مسألة وجود "قاعدة" في هذه الفترة بالذات يكشف لبنان أمام ضربات مجهولة المصدر، بحيث يتم الانتقال من "رسائل" العبوات والتفجيرات الصغيرة التي شهدناها في غير منطقة لبنانية، الى تفجير كبير أو اغتيال كبير، و"تلبيس" الاتهام لـ"القاعدة".

ثالثا: أمّا إذا كان استخدام القاعدة ينحصر في لعب ورقة أمنية على مستوى الأزمة السورية في هذه المرحلة، حيث يدور سجال من نوع آخر حول حركات الاحتجاج، هل هي سلمية او مسلحة؟ وهل هي محلية أو خارجية تتداخل فيها مطالب التغيير والديموقراطية ببروز قوى أصولية انتحارية دموية إرهابية؟ فإنّ هذا الأمر لا يمنع دخول قوى اخرى على الخط لاستغلال هذا المعطى وتوجيه ضربة قاسية داخل لبنان، ما دامت أصابع الاتهام جاهزة وموجّهة سلفاً الى تنظيم "القاعدة" الذي لا يحتاج أصلاً الى عناء كبير لإلباسه التهم.

فهل يَعي مَن يُدلي بدَلوه ويصرّ على رجاحة رأيه في وجود "قاعدة" او "مرورها" فقط (فالمقر والممر وجهان لمصيبة واحدة)، الأبعاد الأمنية وخطورتها على البلد، ويترك للقوى العسكرية والأمنية أن تقوم بما يجب القيام به بعيدا عن الضجيج، بدل أن يحاول الاختباء خلف الجيش وزجّه في أخطائه وزلّات لسانه؟ 

السابق
قطر..والمحاولات الفاشلة
التالي
الجمهورية: الحريري يُشارك في 14 شباط ومحاولات لـتطييب خاطر عون