الحياة: سليمان في مؤتمر عن مشروع النظام النسبي: قانون 1960 لا يتناغم مع العيش المشترك

شكل حضور رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لجلسة افتتاح مؤتمر «لبنان والنظام النسبي في مشروع قانون الانتخابات النيابية 2013»، رسالة إلى الطاقم السياسي في لبنان لتصويب بوصلة السجال الدائر في الاتجاه الأكثر أولوية وهو إقرار قانون للانتخابات يستطيع أن يصمد لأكثر من دورة انتخابية ويؤسس لدولة المؤسسات. وهو أمر لم يتكرر كما يقول مدير قسم الحكم الديموقراطي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدكتور حسن كريم «منذ العهد الشهابي في ستينات القرن الماضي».

والمؤتمر الذي عقد امس، في فندق «فينيسيا – انتركونتيننتال» في بيروت وسط إجراءات أمنية مشددة، بدعوة من وزير الداخلية مروان شربل وبدعم من البرنامج الإنمائي ومساهمة الحكومة النرويجية، حضره وزراء ونواب، وحشد من ممثلي المجتمع المدني. وكان لافتاً الحضور الديبلوماسي الغربي ولا سيما السفير البابوي لدى لبنان غبريال كاتشيا في غياب أي ممثل لبكركي.

وإذ أشار المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة روبرت واتكنز في الافتتاح إلى أن لبنان «شهد منذ عام 1992 خمسة انتخابات نيابية طبقت خلالها أربعة قوانين انتخابية مختلفة، فإن موضوع الاتفاق على قانون انتخابي مقبول ومتوافق عليه، هدف لم يتحقق منذ ما بعد اتفاق الطائف، ولا يزال مطروحاً على طاولة الحوار الوطني». وأوضح أن هدف المؤتمر «توفير فرصة لحوار وطني مطلوب بين البرلمانيين والقادة السياسيين والمجتمع المدني حول قانون الانتخابات النيابية»، مؤكداً أن «الأمم المتحدة والبرنامج الإنمائي بالشراكة مع الدولة اللبنانية والمجتمع المدني ستستمر بتقديم الدعم المطلوب من اجل تحقيق، ليس فقط انتخابات حرة وديموقراطية، بل كذلك نظام ديموقراطي للحكم الصالح والتنمية البشرية والمستدامة في لبنان».

وكان الوزير شربل ذكّر في كلمة له بأنه كان أخذ على عاتقه منذ تسلمه الحقيبة الوزارية «إنجاز مشروع قانون الانتخابات النيابية لعام 2013 خلال فترة 3 اشهر»، وإنه رفع «هذا الملف في أيلول(سبتمبر) الماضي إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة ليكون القانون نافذاً قبل سنة على الأقل من موعد الانتخابات بعكس ما كان يحصل سابقاً». وإذ نوه بالمشروع المرفوع لجهة «تماهيه في مواده مع الواقع اللبناني ومنسجماً مع خصوصياته لجهة التنوع ومعبراً عن الهيئة الناخبة تعبيراً شفافاً»، اكد أن «القفزة باتجاه النسبية مدخل الوحيد لإعادة الاعتبار للحياة السياسية والوطنية، فمن النسبية تبدأ الديموقراطية وتنتهي الطائفية والمحادل الانتخابية».

وإذ اعتبر الرئيس سليمان في كلمته «أن قانون 1960 لم يعد يتناغم مع ميثاق العيش المشترك وروح وثيقة الوفاق الوطني»، رأى «أن أي محاولة لوضع قانون انتخاب جديد تفترض احترام بعض المبادئ الأساسية التي تنبع من خصوصية لبنان ونظامه، وتقترب من مقاصد وثيقة الوفاق الوطني، وتؤمن مشاركة الطوائف والمناصفة الحقيقية والعيش المشترك من دون أن تكرس الطائفية السياسية، وتسمح بحصول تجدد على مستوى القيادات، كنتيجة طبيعية لمبدأ الاحتكام إلى الناخبين، ضمن نظام انتخابي ديموقراطي يسمح بالتحرر من أثقال الأنظمة الانتخابية المكبلة للإرادات».

سليمان وصحة التمثيل

وشدد على «أن الحفاظ على وحدة الأرض والشعب والمؤسسات من الأهداف التي يجب أن يسعى إلى تحقيقها قانون الانتخاب، إضافة إلى ضمان صحة التمثيل للمرأة وكذلك لفئة الشباب من دون إغفال واجب متابعة حق المغتربين اللبنانيين في الاقتراع ضمن المهل اللازمة».

وأكد ضرورة «تحقيق المساواة بين الناخبين على أن يكون لصوت كل ناخب القدر نفسه من الفاعلية، والتأثير في اختيار السلطة المنتخبة وذلك عبر اعتماد الصوت التفضيلي في مشروع القانون المعروض اليوم على مجلس الوزراء»، مشيراً إلى «الحاجة إلى إنتاج سلطة متجانسة في ما بينها، قادرة على الحكم وإدارة شؤون الوطن، من دون أن تعترضها عقبات المصالح الخاصة والخلافات السياسية عند كل قرار يزمع اتخاذه، اضافة إلى ضرورة تمثيل الأقليات في الدوائر الانتخابية احتراماً للتعددية وعدم الاكتفاء بالمنطق الأكثري».

وإذ شدد على أهمية التوافق على قانون انتخابي عصري ومتطور يتسم بصفة الثبات، ولا يتبدل مع اقتراب كل استحقاق انتخابي مع تبدل التحالفات والظروف»، فإنه أشار إلى أهمية «استكمال تطبيق اتفاق الطائف كاللامركزية الإدارية والإنماء المتوازن وغيرهما».

وتوزعت جلسات المؤتمر على ثلاث، عرضت الجلسة الأولى «أبرز بنود القانون الإصلاحية وآليات التنفيذ»، والجلسة الثانية شرحت «دور هيئة الإشراف على الانتخابات»، فيما عرضت الجلسة الثالثة «نظام الاقتراع النسبي والدوائر»، وذلك بمشاركة وزراء ونواب من الأكثرية والمعارضة السياسية.

مداخلات وملاحظات

ومن الملاحظات التي سجلت في المداخلات التي قدمت إن «النظام النسبي لا يبدد التركيبة السياسية القائمة ولا ينتج وحدة وطنية ولا يحل المشكلات السياسية القائمة لأنها مرتبطة بأوضاع سياسية وإنما هو نظام اقتراع ودوائر والأهم انه لا يستهدف مجموعة من المجموعات لكن المطلوب الثبات عليه للوصول إلى دولة القانون»، فيما اعتبرت مداخلة أخرى «أن النسبية لا علاقة لها بالطوائف وغير صحيح انه إذا وسعنا الدائرة الانتخابية تذوب الأقليات إذ إن هذا الأمر يحصل في النظام الأكثري وليس النسبي»، كما جرى التشديد في معرض الدفاع عن المشروع على أن «سرية الاقتراع تحمي الناخب من التهديد والرشى وشراء الأصوات». ورأى احد المحامين في مداخلة أن الأولوية «يجب أن تكون لإقرار قانون العنف الأسري الذي يحمي الناخبة من التهديد ومنعها من الاقتراع أو الترشح بحرية»، وشددت المديرة التنفيذية للجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات يارا نصار على أهمية تطبيق آليات الاقتراع لغير المقيمين، كاشفة عن انه «إذا لم ينفذ فإن أي مرشح يستطيع أن يطعن بقانونية الانتخابات». وسأل الوزير السابق زياد بارود عن معنى وإلى متى «اجترار الكلام نفسه عن النسبية والإصلاح الانتخابي»، داعياً إلى اختراق «جدار موجود بقرار سياسي، إذ حتى الأوراق المطبوعة (الاقتراع) سلفاً المعترض عليها هو اعتراض سياسي لأنها تحرم السياسيين من ضبط حركة الاقتراع في القلم لمصلحتهم». وسأل النائب احمد فتفت عن مغزى كل ما تقدم في ظل «غياب دولة القانون»، داعياً إلى تصحيح خريطة الأقضية في المشروع المطبوع لأن «المنية والضنية قضاء واحد لا اثنان»، فيما أثار مشارك آخر في النقاش مسألة المكننة معتبراً أن «بناء الطبقة الأولى يلزمها بناء الطبقة الأرضية، فما فائدة إقرار إقامة انتخابات للمقيمين في الخارج مثلاً ونحن لا تأتينا قوائم المسجلين إلا مرة في الشهر من الخارج؟».  

السابق
الانباء: سليمان يدعو إلى اعتماد الصوت التفضيلي لتحقيق المساواة وشربل: النسبية تعيد الاعتبار للحياة الوطنية
التالي
الشرق: جنبلاط يعتذر لانه تاخر في تاييد التغيير في سوريا