الشيخ محسن عطوي: النجف الأشرف أمّ الحوزات العلميّة

كانت النجف وحدها هي أم الحوزات العلميّة في العالم الشيعي، وكانت الأصل والأساس، فسائر الحوزات الأخرى في مختلف البلدان عبارة عن معاهد شرعيّة محدودة الأثر، وأشبه بمرحلة إبتدائية يعيشها الطالب لينتقل بعد عدد من السنوات الى النجف الأشرف.
(شؤون جنوبية) توّجهت الى فضيلة الشيخ محسن عطوي ابن جبل عامل الذي قصد النجف في خريف 1969 وبقي هناك حتى سنة 1975 وهو حاليّا عضو في مكتب شؤون الإستفتاء في مؤسسة العلامة المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، وعضو تجمّع العلماء المسلمين.

مدينة النجف الأشرف
اعتبر الشيخ محسن عطوي ان الفترة التي ذهب فيها الى النجف كانت عصيبة حيث كانت بداية الهجمة على الحوزة العلميّة من قبل البعث العراقي. ففي صيف 1969 اتهمّ نجل المرجع الكبير الإمام السيد محسن الحكيم العلاّمة السيد مهدي الحكيم بالعمالة والتجسس، وتم مطاردة الكثير من العلماء واتهامهم بتهم مختلفة مما سبّب العديد من الإضطرابات في ذلك الوقت، ولكن عند وصول سماحة الشيخ كانت الامور قد هدأت نسبيّا. و حينها أعلن السيد محسن الحكيم اعتصامه في منزله احتجاجا على الأحداث الأخيرة.

علماء النجف
اما فيما يتعلق بالعلماء البارزين والذين عايشهم فضيلته في النجف واستفاد من وجودهم فهم:” الشيخ محمد جعفر شمس الدين، والشيخ عبد الأمير شمس الدين، والمرحوم السيد محمد جواد فضل الله، والشيخ مفيد الفقيه، إضافة الى طبقة كانت أشبه بزملاء منهم الشيخ علي العفيّ، والشيخ علي سرور، والشيخ حسين سرور، والشيخ صبحي الطفيلي”.
وعن صلته بالسيد الراحل محمد حسين فضل الله، فقد أكد أنها ” تعود الى تاريخ وجوده في النجف، فسماحة السيد، إضافة إلى آية الله الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين، كانوا قد عادوا منذ العام 1965 الى لبنان، وكنت قد درست على يديّ سماحته لحوالي ثلاث الى اربع سنوات قبل ذهابي الى النجف”.
ويضيف الشيخ عطوي:” ثمة علماء آخرين بارزين نعتبرهم أساتذة أساتذتنا كانوا موجودين في لبنان قبل مغادرتي الى النجف كالامام السيد موسى الصدر، والمرحوم العلاّمة السيد عبد المحسن فضل الله، والمرحوم العلاّمة الشيخ حسن عسيلي، والمرحوم الشيخ محمد تقي الفقيه، والشيخ علي الفقيه”.
محنة النجف الأشرف
حوزة قم في ايران كانت أيضا من الحوزات الكبرى، لكنها لم تكن تستقطب الكثيرين من العرب الى أن حدث ما يمكن أن نسميه محنة النجف الأشرف، التي طالت المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم، حيث بدأت الامور تتراجع في النجف مقابل استقطاب حوزة قُم في إيران للطلبة الذين لم يستطيعوا البقاء لفترة أطول في النجف لأسباب أمنية. فبدأت مكانة قُم تتعزز وخصوصا بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران، وبعد وقوع الحرب الايرانية- العراقية، واشتداد قبضة البعثيين على النجف، وعلى المرجعيات الدينية، فضمر دور النجف وتعزز دور قُم “.

حوزات جبل عامل النجف الاشرف
وفيما يتعلق بحوزات جبل عامل وصلتها بالنجف الاشرف قال الشيخ عطوي: “وُجدت وقتها(في ستينيات القرن الماضي) حوزتان في جبل عامل. حوزة المدرسة الدينيّة التي كان يرأسها ويشرف عليها العلاّمة الشيخ موسى عز الدين، إضافة الى معهد الدراسات الاسلامية الذي كان يشرف عليه ويديرها الإمام السيد موسى الصدر. أما في بيروت فقد كان هناك حوزة واحدة أسسها العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله باسم المعهد الشرعي الاسلامي، هؤلاء الثلاثة ما زالوا موجودين، واستجد العديد من الحوزات فيما بعد. ولم يكن هناك أية صلة مباشرة بين حوزات لبنان وحوزات النجف”.
اذا لم تكن هناك علاقة أكاديمية مباشرة سوى أن الدراسات التي كانت تقوم في جبل عامل كانت تتم على الطريقة الموجودة في النجف أي أن العالم الكبير يعلّم من هو دونه، ثم من هو دونه يعلّم من هو دونه،وهكذا دواليك، ويتمركزون في المسجد أو في بيت عالم الدين.

مدينة اجتمعت العلوم فيها
وعن أجواء النجف اعتبر الشيخ عطوي أنه: “جوّ يأسر الموجود فيها، فكيفما اتجهت تجد العلم أمامك، واذا لم ترتح لإسلوب هذا العالم، فبإمكانك ان تترك حلقة التدريس الخاصة به وان تنتقل الى عالم آخر. أما إذا أردت التبحّر في العلوم بما يتجاوز العلوم الدينية فستجد علماء بارزين في الفلك، والهندسة، ووعلوم الأخلاق، والتفسير، والفلسفة، الى جانب العلوم التقليديّة في الفقه، والأصول، واللغة العربية، وستجد أيضا حلقات وأماكن يوجد فيها هواة الأدب. ناهيك عن العلاقات والصداقات ذات طابع يتجاوز المحيط واللغة. فالكل جنبا الى جنب حيث نجد الإيراني، الصيني، الأفغاني، الهندي، الباكستاني، إضافة الى العرب من مختلف البلدان كالبحرين، والكويت، وعماّن وسوريا، ولبنان…
ولا ننسى ما كان للنجف الأشرف من دور جوهريّ خلال فترة الإستعمار الإنكليزي حيث كان للنجف دورا في مواجهة الإنكليز، فثورة العشرين انطلقت من النجف وبقرار منها وبحضور علماء كبار ومراجع كبار ومن جملتهم السيد محسن الحكيم حيث كان في مقتبل العمر.
وتبقى النجف مقرا لكبار العلماء، وموضعا لبذل العلم، ومقصدا لطلبة العلم، ومركزا للمرجعيّة الدينية.

السابق
من خلف مسلسل التفجيرات السورية؟!
التالي
الحمصي: سقوط النظام السوري ينهي الحلم الفارسي في الوطن العربي