مرجعيون تستضيف عيد الغطاس بطقوس التجدّد والإيمان

تحتفل الطوائف المسيحية بعيد الظهور الإلهي (الدنح)، أو كما يسمى في هذه الأيام، «عيد الغطاس»، وهو من الأعياد المسيحية الغنية بالرمزية والتجذّر بالمفهوم الإيماني المسيحي إلى أبعد حدّ.
وكلمة «دنح» بالسريانية تعني الظهور والاعتلاء والإشراق، وتعبّر عن المعنى اللاهوتي الحقيقي لعيد الغطاس، الذي يرمز إلى اعتماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان فى نهر الأردن وبدء ظهوره للعالم.
ودرجت العادات والتقاليد عشية العيد، أن تهتم الأمهات بإعداد حلويات العيد المتنوعة من زلابية وعوّامات ومعكرون ـ «بركة العيد» ـ الخاصة بالمناسبة. فعندما «يقلى» العجين بالزيت، فإنه يغطّس أولاً ثم يعلو بشكله الجديد، لذلك تعتبر هذه الحلوى من الرموز التي تحمل مفاهيم «الغطاس».
ذاكرة وحضور

وقديماً، كان لليلة عيد الغطاس شأن عظيم لدى أبناء شعبنا من المسيحيين الذين يتشاركون في إحياء هذه الرمزية مع باقي الطوائف. وما زالت منطقة مرجعيون على غرار الكثير من المدن والمناطق في الوطن، تستقبل حتى يومنا هذا «الغطاس» بشغف وترقّب وفرح.
ففي هذه الليلة لا ينام أبناء القرى، إلا بعد مرور لحظة «الدايم دايم» عند منتصف الليل، لمباركة المنازل ومن فيها، التي تبقى مشعّة ومضاءة بالأنوار، والشبابيك مفتوحة ليدخلها «الدايم دايم»، كما تعمد ربة البيت إلى تعليق عجينة في الشجرة لكي يباركها وتختمر.
وهناك قصة قديمة حول هذا الحدث تقول، أن «الدايم دايم» أي السيد المسيح، يأتي ليلاً وتسجد له كل الأشجار باستثناء شجرة التوت، التي يحلو وقدها في المدفأة. وفي اليوم التالي يجلب الناس زجاجات المياه للصلاة عليها خلال قداس العيد والتبرك منها، عبر رش المنازل والخوابي وكوارات القمح وشجرة ومغارة الميلاد والحقول بالماء المقدس، لكي يطرح الرب البركة فيها. الزلابية طقس ورمز
وعن العادات والتقاليد في صنع الزلابية، يُرْوى أن القديس يوحنا المعمدان عندما جاء السيد المسيح ليعتمد على يديه في نهر الأردن، أشار إليه باصبعه وقال: «هذا هو حمل الله »؛ والزلابية تدل على شكل الإصبع؛ في حين يروي أبو داود ابن مرجعيون عن هذه القصة كما عرفتها ذاكرته وذاكرة جدوده، عن ليلة عيد الغطاس (أو الدنح)، «أن السيد المسيح مرّ على امرأة فقيرة لا تملك شيئاً لتأكله، من دون أن تعلم عن هويته، وسألها ماذا تفعلين؟ قالت أعمل على قلي العجين الممزوج بالماء، لأطعم أولادي، وخلال حديثها إلى المخلّص، بدأ العجين يكثر في الوعاء وفاض من كثرة اختماره ».
وأضاف: «كان أهل بيت يقولون لبناتهم بأن يضعن عجينة غير مختمرة، على غصن شجرة، لكي يباركها «الدايم دايم» عند مروره، حيث تسجد له كل الأشجار ما عدا التوت وحلال وقدها في النار، فالعجينة التي تضعها النساء على أغصان الاشجار ليباركها المسيح تصبح خميرة، يؤخذ منها جزء صغير وتضاف إلى العجين فتخمّر كمية كبيرة منه».
قصة أخرى
فيما تروي أم عيد قصة مختلفة عن هذه المناسبة، وتقول: «ليلة الغطاس مر السيد المسيح على امرأة فقيرة، وسألها ماذ تفعلين؟ قالت أقلي العجين لأولادي لأنهم جائعون، ولم يكن لديها طحين، فقد مزجت التراب مع الماء، فأجابها حسب قولك يكون، عند تلك الساعة تحول التراب إلى عجين، وأصبح زلابية. في حين مرّ على إمرأة أخرى وسألها السؤال نفسه، فخافت أن يأكل مما لديها لأنها بخيلة، فقالت له أطبخ بحص، وأجابها حسب قولك يكون، فتحول الطعام إلى بحص! وفي ذلك دليل على الايمان ورمز الغطاس، لأننا نعتقد أن المسيح يبارك كل شيء في تلك الليلة التي تعتبر ليلة القدر».
وتضيف: «تجدر الاشارة إلى أن العجينة التي يضعنها النساء في أغصان الاشجار ليباركها المسيح تصبح خميرة، التي يوضع منها شيء صغير فتخمّر كمية كبيرة من العجين، وهذه التقاليد ورثناها عن أجدادنا، وعلينا المحافظة عليها وتعليمها لاولادنا ليستمر التراث والتقاليد التي هي من جذور إيماننا».
قداس في مرجعيون
ولمناسبة حلول عيد الظهور الإلهي (الغطاس)، ترأس المتروبوليت جاورجيوس حداد، قدّاس عيد الغطاس في كاتدرائية القديس بطرس للروم الكاثوليك في جديدة مرجعيون، في حضور حشد من المؤمنين من أبناء البلدة والجوار الذين أتوا بزجاجات المياه للصلاة عليها والتبرك منها.
وألقى المتروبوليت حداد، عظة تناول فيها سر الاعتماد ورسالة المحبة والسلام والفضائل التي تجلت باعتماد السيد المسيح في نهر الاردن، داعياً إلى الاقتداء بعظة الإنجيل وغسل القلوب والنفوس من الخطيئة، وتجديد الحياة بالفضائل والإيمان والمحبة.
كذلك أقيمت قداديس عيد الغطاس في قرى منطقة مرجعيون، في القليعة، برج الملوك، ديرميماس وابل السقي، ورفعت الصلوات ليعم السلام المنشود لبنان.  

السابق
أول مقبرة للمجهضات !!
التالي
ماروني: الجيش اللبناني هو الوحيد المؤهل لصون الامن في البلاد