في السينما: حب وخيال وإثارة وفساد!

تغادر الدنيا للحظات. تنفصل عن عالم الواقع لساعتين ونصف على أبعد تقدير. لكن آلاء لم تتعرض لحادث سـير مثلا أو أزمة قلبية، فما يمنحها هذا الشعور هو مشاهد فيلم في صالة سينما. ترى الشابة العشرينية السينما عالما خارج الذي نعيشه، فهو المكان الذي يمنح الشخص فرصة ترجمة فكرة ما بحـسب ما يراها، من دون أن تكون حقيقية أو واقعية أو ممكنة في العالم الحقيقي، وهذا بالضبط ما تحب أن تكتشفه الفتاة، ولذلك تشاهد «كل شيء» حتى ولو لم تفرح خلال مشاهدته.
أكثر ما تحب آلاء مشاهدته هو أفلام الدراما النفسية. هذه المواضيع تتميز بفكرتها وأسلوبها وطريقة سردها للقصة التي تختلف عن باقي الأفلام. لكن مهما كان نوع الفيلم الذي ينتظرها، هي ترفض مشاهدته خارج صالة السينما، لأن في ذلك تقليلا من شأن الفيلم، أو فيه نوع من قلّة الاحترام للفيلم بحسب آلاء، لأن هناك تفاصيل دقيقة ربما لا يمكن الإحساس بها إلا عبر مشاهدتها في مكانها الطبيعي، وهو صالة السينما.

الفيلم بحد ذاته هو ما يتحكم بطقوس مشاهدته، فأحيانا تحتاج آلاء لمشاهدة فيلم ما بمفردها، وتارة قد ترغب في مرافقة أصدقائها. إلا أنه، في الحالتين، ولحظة بداية الفيلم، يتملكّها شعور غريب يفصلها عن العالم، فلا تفكّر حينها سوى بالمشاهد التي تتوالى أمام عينيها، حتى إنها لطالما فكّرت بطرد الناس من الصالة، فلا أحد يشاهد الفيلم كما تشاهده هي أو كما تعيشه هي، على حد قولها.
لآلاء رأي يخالف آراء معظم أبناء جيلها، في ما يتعلق بأسعار بطاقات الدخول إلى السينما. من وجهة نظرها، يجب رفع أسعار البطاقات لـ«حرمان» من يرتادون السينما بهدف تضييع الوقت من فعل ذلك، وهكذا يتم الحفاظ على جو السينما الحقيقي، كما تراه. وتعطي آلاء مثلا على تناول «البوشار» داخل الصالة، وهو الأمر الذي ترفضه تماما، وكذلك يرفضه أحمد قمح الذي لا يحب حضور الأفلام في صالات مزدحمة تعلو فيها أصوات الشرب و«قرمشة البوشار».بالنسبة لأحمد، السينما هي كمال الفن، أو جمع الفنون مع بعضها البعض، من أدب وموسيقى ومسرح وكل الفنون البصرية والسمعية، ولذلك يحاول دائما أن يذهب إلى صالة السينما عندما لا يــكون الإقبال على الفيلم كثيفا. ورغم أنه استطاع أن يؤمن بديلاً عن صالات العرض التجارية، من خلال تجهيز غرفته بشاشة كبيرة تمنحه صـورة جيدة وصوتا واضحا، إلا أنه لم ينقطع عن الذهاب بعد. فهو يعتقد أن الصالة ليست إلا وسيلة لمشاهدة الفيلم، الذي هو العالم الآخر التي تتحدث عنه آلاء.
عندما يرغب أحمد في الاستمتاع بفيلم ما، بكل لحظاته، يختار الذهاب بمفرده، الأمر الذي يساعده على التركيز أكثر. لكن ذلك لا يمنع من مشاركة هذه المتعة مع بعض رفاقه بين حين وآخر. هذه «النظرة» إلى عالم السينما لا تعني أن أحمد يتمسك بمشاهدة الأفلام «المعقدّة» مثلا، بل إنه يحرص على حضور أنواع مختلفة منها، بحسب مزاجه.

للسينما تعريف آخر لدى هلا فرسان، فهي الدليل الحسي لتثقيف المجتمع ولتسليط الضوء على مشاكله. وتأسف هلا لغياب الدعم المحلي للإنتاج الذي قد يساهم في تطوير مجتمعنا أكثر، كما تقول.
هلا ببساطة تحبّ السينما، ولذلك لا تبحث عن موضوع معين عندما ترغب في الذهاب لمشاهدة الأفلام. من وجهة نظرها، من يحب السينما لن يمانع في مشاهدة أي فيلم من أي نوع كان، ففي النهاية مهما كان الفيلم فلن يشعر بالخسارة بعد مشاهدته. ومع ذلك تميل هلا للأفلام التاريخية، التي تنقل لها التاريخ المكتوب بالصورة والصوت، الأمر الذي ساعدها على حفظ الأحداث التاريخية والاستفادة منها.

وخلافا لآلاء وأحمد، ترفض هلا الذهاب إلى السينما بمفردها، مفضلة رفقة الأصدقاء. رغبة تنسحب على أمور أخرى، لا تشعر هلا بالمتــعة في إنجازها وحيدة. كذلك لا تجد مشكلة في الزحمة التي تزعج آلاء وأحــمد، طالما أن الهدف هو تحقيق المتعة للجميع. ورغم ذلك، تجـد أحيانا فرصة في حضور فيلم «على رواق» في العروض المتأخرة التي تخلو عادة من الأطفال.
ولرامي حمود نظرة تبدو أكثر بساطة إلى للسينما. يقول إنه يحب مشاهدة الأفلام لأنها وسيلة ترفيه وتسلية بالدرجة الأولى، يلجأ إليها بين فترة وأخرى، مفضلا مشاهدة الأفلام الخيالية وتلك المنقولة عن المجلات والقصص التي تتحدث عن أبطال خارقين.
في المقابل، تذهب هبة حبيب بعيدا في رفضها للسينما. فالفتاة التي لم تذهب يوما إلى صالة عرض، تقول إن السينما معروفة بفسادها وصفاتها السيئة البعيدة عن الأخلاق، خصوصا مع معرفة ما يجري في صالتها من تقارب بين الفتيان والفتيات!
هذا الرفض لا ينسحب على مشاهدة الأفلام في المنزل، التي ربما تكون وسيلة جيدة لمعرفة المزيد عن الحضارات والثقافات المختلفة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى محيطنا وثقافتنا، بحسب تعبيرها.

عدم إعجاب شادي نصّار بالسينما ينطلق من أسباب تختلف عن أسباب هبة، وأهمها اعتباره أن السينما تفتقد إلى التفاعل، وبالتالي نتحول في الصالات إلى مجرّد متلقين للصور المتحركة، فضلا عن أن شادي يقطن في النبطية التي تخلو من أي صالة عرض. أما مريم بعجور فقد هجرت صالات السينما منذ عدة أشهر، بعد أن فقدت متعة مشاهدة الأفلام فيها. تقول مريم إنها تفضل حاليا استغلال الوقت خارجا مع رفاقها، بدل تمضيته في صالة تشبه غرفة في المنزل.
 

السابق
بعد السهرة..فاتورة!
التالي
مين ع راسو ريشة..مسرحية جديدة