النهار: ميقاتي يحفّز حكومته على تجاوز الانقسامات وبان كي – مون يثير ترسيم الحدود مع سوريا

بمداخلة سياسية معدة سلفا لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، غلب عليها الطابع الاحتوائي للانقسامات الحكومية الحادة التي طبعت الاسابيع الاخيرة من السنة المنصرمة على خلفية ملفي الأجور وأمن الحدود مع سوريا، استهل مجلس الوزراء جلسته الاولى في السنة الجديدة أمس باقرار سلس للمراسيم التطبيقية لقانون النفط مقترنة بإقرار مماثل لمجموعة سلف خزينة للوزارات إيذانا بالاستعداد للاستحقاقات الصعبة المؤجلة والمرحّلة من 2011.
ولخص ميقاتي في مداخلته القضايا "التي لا تزال حلولها متعثرة" بمشروع موازنة سنة 2012 والتعيينات في المواقع الادارية الشاغرة و"استكمال ما بدأناه لجهة تصحيح الاجور والتنقيب عن النفط والغاز وخطة الكهرباء والمياه فضلا عن المشاريع الانمائية والتربوية والاجتماعية التي بدأت الحكومة تنفيذها". غير أنه لفت الى ان "السلطة الاجرائية التي يتولاها مجلس الوزراء مجتمعا لا يمكن أن تكون فاعلة ومسؤولة وقادرة على القيام بالمهمات الوطنية المطلوبة منها إلا اذا كانت متضامنة ومتناغمة ومتعاونة في ما بين مكوناتها أولا ومع السلطات الدستورية الاخرى ثانيا". ودعا الى "عدم اقحام المواضيع الأمنية في الخلافات السياسية لانها تؤثر سلبا على أداء المؤسسات الأمنية".

وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الجلسة اتسمت بمناقشات هادئة وطبيعية وأقرت 50 بندا من أصل 75 مدرجة في جدول الاعمال وارجأت البقية الى جلسات اخرى بينها رزمة مشاريع لوزارة السياحة تقرر ان تدرج في جلسة خاصة تعقد في العاشر من الشهر الجاري. وحصل نقاش مستفيض للبند 26 المتعلق بتوصية بتقسيط استيفاء الضريبة على القيمة المضافة TVA على الشركات والمؤسسات، لكن البند رفض باعتبار ان لا موجب له ما دامت الشركات والمؤسسات تستوفي هذه الضريبة سلفا.
أما أبرز مقررات الجلسة فتمثلت في الموافقة على مشروع مرسوم يتعلق بهيئة قطاع النفط والمتضمن ثلاثة انظمة هي النظام الاداري والنظام المالي ونظام المتعاقدين بالاضافة الى التوجهات العامة للقواعد والانظمة المتعلقة بالنشاطات النفطية. وعدّ إقرار المراسيم التطبيقية بمثابة اضاءة الاشارة الخضراء لتحريك هذا الملف الحيوي الذي يستلزم استعدادات تطبيقية لاطلاق عملية التلزيمات والمناقصات للتقنيب عن النفط والغاز.

تصحيح الأجور
واذ صحت المعلومات التي توقعت استبعاد اثارة ملف تصحيح الأجور في الجلسة، أوضحت مصادر معنية ان هذا الملف يتجه نحو تعقيدات جديدة لا تقل صعوبة عما واجهته الحكومة سابقا، وخصوصا في ضوء مجاهرة وزير العمل شربل نحاس و”تكتل التغيير والإصلاح” برفضهما الاتفاق المعقود بين الهيئات الاقتصادية وممثلي الاتحاد العمالي العام. وقالت المصادر لـ”النهار” إن ثمة تعويلاً على جهود يبذلها حلفاء العماد ميشال عون في قوى 8 آذار معه في الأيام المقبلة لاقناعه بالموافقة على هذا الاتفاق وخصوصاً بعدما حظي ضمناً بدفع إضافي قوي من خلال الرأي الذي أبداه مجلس شورى الدولة في مرسوم الأجور السابق الذي رفضه مجلس الشورى. لكنها تخوفت صراحة مما وصفته بـ”المعادلة التعطيلية” التي يتبعها “تكتل التغيير والاصلاح” على قاعدة تعطيل أي مشروع آخر لزيادة الأجور كلما اصطدم وزير العمل برفض مشاريعه المتعاقبة.

بان كي – مون
في غضون ذلك، يستعد لبنان الرسمي لمحادثات وصفت بانها مهمة ومفصلية مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون خلال زيارته المقررة للبنان في 13 كانون الثاني الجاري، والتي تقول مصادر مطلعة إنها ستتمحور على ملفات جوهرية من أبرزها آفاق تجديد البروتوكول للمحكمة الخاصة بلبنان في آذار المقبل ومسائل الحدود مع كل من سوريا واسرائيل ووضع القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” في الجنوب.
وكشفت هذه المصادر لـ”النهار” ان بان كي – مون الذي سيتسلم مذكرة من قوى 14 آذار تطالب بالاهتمام بكشف مصير المعتقلين في سوريا وخصوصاً في ضوء الحوادث الجارية فيها، سيثير بدوره مع المسؤولين اللبنانيين موضوع ترسيم الحدود اللبنانية – السورية بموجب القرار 1680 الذي يتابع مجلس الأمن آلية تطبيقه من خلال التقرير نصف السنوي عن تنفيذ القرار 1559. ولفتت الى ان السجال السياسي الداخلي الأخير حول مسألة “القاعدة” في لبنان وما تخلله من تباينات داخل الحكومة ترك أثراً دافعاً لدى المنظمة الدولية لاعادة إثارة ملف الحدود اللبنانية – السورية. كما أشارت المصادر الى ان المسؤول الأممي سيستوضح المسؤولين اللبنانيين التحقيقات الجارية في الاعتداءات على وحدات من “اليونيفيل” وعمليات اطلاق صواريخ من جنوب الليطاني في ضوء ما أعلنه وزير الداخلية مروان شربل عن التوصل الى خيوط في قضية اطلاق الصواريخ.

مجلس المطارنة
وكان مجلس المطارنة الموارنة أبدى في اجتماعه أمس برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي “قلقه من الوضع الأمني الهش وندرة الأجوبة والتدابير الناجعة تجاه الأحداث التي باتت شبه يومية ومنها التعدي على قوات اليونيفيل واطلاق الصواريخ من داخل الأراضي اللبنانية والمتفجرات في منطقة صور”.
وناشد السلطة السياسية “حزم أمرها وتنفيذ مقررات طاولة الحوار الوطني في موضوع السلاح على مساحة الوطن كاملة”.
كذلك أبدى الرئيس سعد الحريري “استعداده لفتح حوار جدي مع الافرقاء الآخرين ولكن تحت سقف الطائف حيث نكون جميعاً متساوين ولا سلاح إلا مع القوى الأمنية”. وإذ جزم تكراراً بأن الحديث عن وجود “القاعدة” في لبنان “هو فبركة من المخابرات السورية”، رأى في حديث عبر موقع “تويتر” ان “سوء ادارة مسألة الحد الأدنى للأجور وتصحيح الأجور يعكس غياب الرؤية والتوجه لدى الحكومة اللبنانية الحالية”.  

السابق
السياحة أفيون الشعوب
التالي
لبنان يرفض بناء جدار إسرائيلي على أراضيه مهما كلف الثمن