الاخبار: مجلس الوزراء وضع ملف النفط على سكة التنقيب

خذل مجلس الوزراء كل من كان ينتظر جلسته الأولى بعد عطلة الأعياد، لمعرفة مصير زيادة الأجور التي تآكلت قبل أن تصل بسبب ارتفاع الأسعار، إذ لم يؤت في جلسة السرايا الحكومية أمس بأي كلمة عن هذه القضية، لا من قريب أو بعيد ولا من فوق الطاولة أو تحتها ولا في المداولات والمشاورات الجانبية، كما أكدت مصادر وزارية
في ما عدا تغييب ملف الأجور، فإن أولى جلسات الحكومة في العام الجديد كانت منتجة، وخصوصاً في مجال وضع التنقيب عن النفط على نار حامية، إذ أقر المجلس في الجلسة التي عقدها أمس برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وغياب وزراء الدفاع فايز غصن، الإعلام وليد الداعوق والاتصالات نقولا صحناوي، مشروع مرسوم يتعلق بهيئة إدارة قطاع البترول والمتضمن ثلاثة أنظمة: النظام الإداري، النظام المالي ونظام المتعاقدين، إضافة الى كتاب الأنظمة وقواعد الأنشطة البترولية وملخصها التنفيذي والمعرف عنه بالتوجهات العامة للقواعد والأنظمة المتعلقة بالأنشطة البترولية. وعلم أن المراسيم الأخرى المتعلقة بشؤون النفط، معظمها جاهز، لكنها يجب، بحسب القانون، أن تحال على مجلس الوزراء من الهيئة الناظمة للقطاع عبر الوزير.
وفي أول تعليق على إقرار المشروع، وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا القرار بأنه «من أهم ما أنجزته الحكومة الحالية، وهو يضعنا على سكة التنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية». وأعلن إصراره على أن تنجز المرحلة الأولية من مسألة التنقيب قبل نهاية آذار المقبل، وهو الموعد الذي حددته الحكومة خلال جلسة اللجان المشتركة التي ترأسها بري قبل أسابيع.

وإلى هذا الإنجاز، أنصف مجلس الوزراء أمس شريحة كبيرة من اللبنانيين والعمال الأجانب، وبصورة أساسية خزينة الدولة، عبر موافقته على طلب وزير الاتصالات تلزيم شركة «ليبان بوست» توزيع بطاقات «كلام» و«تيلي كارت». وهي موافقة لم تأت إلا بعد سجال استمر لنحو نصف ساعة، بدأه الوزراء غازي العريضي وعلاء الدين ترو وناظم الخوري، بما يشبه الاعتراض المغلف بالاستفسار عن سبب وكيفية تلزيم ليبان بوست مهمة كانت تقوم بها هيئة أوجيرو، فرد عدد من الوزراء باتهام الهيئة بتعطيل سير الأعمال في قطاع الاتصالات والتمرد على سلطة الدولة من خلال مجموعة أمور، منها امتناعها عن إصدار هذه البطاقات وتوزيعها منذ نحو سنتين، ما أدى إلى حرمان الخزينة من عائدات بقيمة 81 مليار ليرة سنوياً. وتدخل ميقاتي طارحاً إرجاء الموضوع إلى حين حضور الوزير المعني «وخاصة أنني لا أرغب في أن يكون مجلس الوزراء منقسماً في هذا الأمر». فما كان من «المستفسرين» إلا أن أكدوا عدم اعتراضهم، وعندها قال الوزير أحمد كرامي: «إذا لم يكن هناك اعتراض، فلنصدر القرار، وإذا كان هناك من استيضاحات، فلتطرح على الوزير المختص في الجلسة المقبلة». فجرت الموافقة على الطلب من دون أي اعتراض. كذلك أُنصفت الخزينة، عبر إسقاط المجلس لطلبين مقدمين من وزير المال محمد الصفدي، الأول يطلب فيه إعطاءه صلاحية تقسيط المتأخرات المستحقة على المؤسسات لتسديد الضريبة على القيمة المضافة. وقد دار سجال كبير حول هذا البند، لفت فيه المعترضون على الطلب، إلى أن ما يميز هذه الضريبة عن غيرها من ضرائب الدخل والأرباح، هو أنها عبارة عن مال عام يجبيه شخص لمصلحة الخزينة، وبالتالي إن عدم تسديد ما دفعه المواطن مباشرة، في وقته، يُعَدّ بمثابة سرقة للمال العام واختلاس له، ولذلك لا يجوز التعاطي مع هذا الموضوع إلا باعتبار أنه جريمة، ولا يجب أبداً التساهل في هذا الأمر. وقد وافق معظم الموجودين على هذا الطرح، بمن فيهم وزير الاتصالات نقولا نحاس.
كذلك أسقط المجلس طلب الصفدي تأجيل فرض الرسم المقطوع على المهن الحرة، والبالغة قيمته 500 ألف ليرة على كل صاحب مهنة حرة، وهو رسم سبق أن صدر قانون بفرضه وكان يؤجَّل تطبيقه سنوياً بموجب قوانين الموازنة. وقد اعترض أكثرية الوزراء على التأجيل استناداً إلى أنه لا يجوز تعطيل تنفيذ قانون بقرار يصدر عن مجلس الوزراء، الأمر الذي يعني أن قرارات التأجيل الصادرة في السنوات الست الماضية، تُعَدّ تجاوزاً لصلاحيات مجلس الوزراء.
وفي مجال مالي آخر، وزع الصفدي خلال الجلسة ورقة عن كيفية تعامله مع سلف الخزينة التي أقرتها الحكومة خلال العام الماضي، لافتاً إلى أن الصرف خلال الشهر الجاري سيكون وفق القاعدة الاثني عشرية بناءً على موازنة عام 2005. وإذا أقر قانون الـ8900 مليار، فسيضاف على ما سينفق خلال العام المقبل.
وقد أقر المجلس أمس المزيد من سلفات الخزينة، إضافة إلى قرارات عادية متنوعة، منها 3 مشاريع مراسيم تتعلق بـ: تنظيم لافتات إعلان بيع منتجات التبغ، وضع إشارات منع التدخين في الأماكن العامة، ووضع تحذيرات صحية على عبوات منتجات التبغ.
وكان ميقاتي قد استهل الجلسة بتحديد أولويات العمل الحكومي المقبل، وأبرزها مشروع موازنة 2012، التعيينات، تصحيح الأجور، التنقيب عن النفط والغاز، خطة الكهرباء والمياه وغيرها من المشاريع. وأكد في ما خص التطورات الإقليمية أن المواقف التي اتخذها لبنان حيال هذه التطورات ستظل «الإطار الذي تلتزمه الحكومة في المرحلة المقبلة، ولا سيما أن الأحداث المتسارعة أثبتت صوابية الموقف اللبناني الذي يستند أولاً وآخراً إلى مصلحة لبنان ووحدته وأمنه واستقراره». وشدد على أهمية التضامن الحكومي، مقارباً من دون تسمية، قضية وزير الدفاع وما قاله عن تنظيم القاعدة وعرسال، بقوله: «إذا كان التعاطي في الشؤون الوطنية والسياسية العامة يتطلب تضامناً وطنياً، فكيف بالحري ما يتصل منها بالشأن الأمني والمعطيات التي تتفرع عنه، ولا سيما إذا ما لامست هذه المعطيات مسائل حساسة يكون للحديث عنها خارج المؤسسات المعنية بها، تداعيات سلبية على الواقع الأمني في البلاد وعلى سمعة لبنان الخارجية». لكنه أوضح أن طلب مناقشة مثل هذه المواضيع داخل المؤسسات المعنية لا يعني التقليل من أهمية ما يتوافر من معلومات، ولا يعني بالتالي تجاهلها وعدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من سلبياتها». وأعلن أن مقررات المجلس الأعلى للدفاع «ستظهر نتائجها تباعاً»، داعياً إلى عدم إقحام المواضيع الأمنية في الخلافات السياسية.
وكان رئيس مجلس النواب قد تناول في لقاء الأربعاء النيابي أمس، موضوع التعيينات، فكرر أن «هناك آلية للتعيينات ولا عائق لتنفيذها لملء الشواغر من أجل تعزيز عجلة عمل الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة». وكشف عن وجود آلية أخرى لدى رئيس الجمهورية، لكنها تتعلق باستئناف الحوار الوطني «الذي يبقى الوسيلة الوحيدة المطلوبة للتخاطب بين اللبنانيين».
موضوع التعيينات حضر أيضاً في البيان الشهري للمطارنة الموارنة الذين رأوا ضرورة الإسراع في بتها «لأن إرجاء ذلك يعطل العمل في الإدارة العامة، والقضاء، وأجهزة الرقابة، والسلك الدبلوماسي وغيرها»، مذكرين «بواجب التقيد بفصل السلطات، وعدم تسييس المؤسسات كقاعدتين أساسيتين في دولة القانون». وإذ أبدوا قلقهم من الوضع الأمني، ناشدوا «السلطة السياسية حزم أمرها، وتنفيذ مقررات طاولة الحوار الوطني في موضوع السلاح على مساحة الوطن بالكامل، واستكمال المباحثات في المواضيع ذات الصلة، وحصر التعاطي بالقضايا الأمنية بالسلطة السياسية والقوى الأمنية والمختصة التي قامت مشكورة بجهود حالت دون وقوع حوادث مهمة خلال فترة الأعياد».
وعبر تويتر، أبدى الرئيس سعد الحريري استعداده «لفتح حوار جدي مع الأفرقاء الآخرين، ولكن تحت سقف الطائف، حيث نكون جميعنا متساوين ولا سلاح إلا مع القوى الأمنية». فيما رأى حليفه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في حديث صحافي «أن الحوار الجدي في خصوص سلاح حزب الله لن يبدأ قبل سقوط النظام السوري، وساعتئذ سيكون هناك إمكان لحوار مجد مع تغير ميزان القوى في لبنان والمنطقة».
في المقابل، وجه النائب حسن فضل الله أمس سؤالاً إلى الحكومة عن الإجراءات التي قامت بها في ما يتعلق بقضية التجسس الأميركي في لبنان، سائلاً عن الإجراءات الأمنية والقضائية التي اتخذتها الوزارات المعنية «في حق ضباط الاستخبارات الأميركية المتمركزين في سفارة عوكر، الذين ثبت تورطهم بأنشطة تجسسية مستغلين صفتهم الدبلوماسية»، وطلب الإجابة خطياً في مهلة خمسة عشر يوماً.
وفيما يستعد نواب 14 آذار لمساءلة وزير الدفاع في لجنة الدفاع النيابية يوم الاثنين المقبل بشأن تصريحاته عن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة إلى لبنان، فككت القوى الأمنية ليلاً عبوة ناسفة في مدينة صيدا، عثر عليها مواطنون في موقف للسيارات قرب ساحة القدس. ولفتت مصادر أمنية إلى أن العبوة الناسفة كانت موضوعة داخل حجر يستخدم للبناء. وجرى نزع الفتيل والصاعق الموضوعين في العبوة، واستخدم خبراء المتفجرات «مدفع مياه» لكسر الحجر. ولم يُعرف ما إذا كانت البعوة معدة للتفجير أو لا. وعلى مقربة من مكان العثور على المتفجرات، يقع منزل إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود، إضافة إلى مركز جمعية «أُلفة» التي يرأسها الشيخ صهيب حبلي المنتمي إلى «جبهة العمل الإسلامي». 

السابق
تنظيم محاضر الملكية للعقارات في ميمس
التالي
الجيش في ظلّ جدل عرسال