واشنطن تطلب تدخلاً أمميّاً.. وجبنلاط يطلق اعنف دعوة لبني معروف في سوريا

بين مطرقة التشديد الدولي على تنفيذ كلّ بنود الاتّفاق الموقّع بين سوريا وجامعة الدول العربية، والتأكيد الأميركي أنّ سوريا لم تفِ بكلّ التزاماتها، ونفي المعارضة السوريّة صحّة المعلومات عن سحب المظاهر العسكرية من المدن، وبين سندان تأكيدات الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أنّ دمشق سحبت آلياتها العسكرية مع بدء انتشار المراقبين العرب، تتّجه الأنظار مجدّداً إلى القاهرة لترقّب نتائج الاجتماع العاجل للّجنة الوزارية العربية السبت المقبل، للبحث في التقرير الأوّل لرئيس بعثة المراقبين محمد مصطفى الدابي.
وقال رئيس وفد المراقبين بإدلب عبد اللطيف الجبالي لـ "الوطن السورية": الوضع "عادي جداً" ولم نر شيئاً من قلق جوبيه.
وفي حين كرّرت سوريا تأكيدها انّها تقدّم التسهيلات اللازمة لعمل بعثة المراقبين، منبّهة الى أنّ "أيّ تدويل هو تعقيد للأزمة وليس حلّا لها"، هدّد قائد ما يسمّى "الجيش السوري الحر" بتصعيد الهجمات "اذا شعرنا أنّ المراقبين غير جدّيين". فيما اعتبر متحدّث باسم البيت الأبيض "انّ النظام السوري لم يحترم شروط الجامعة العربية، وحان الوقت لأن تتدخّل الأمم المتحدة فعلاً في سوريا".

كما جدّدت فرنسا دعوتها الى تنحّي الرئيس السوري بشار الاسد، وقال الرئيس نيكولا ساركوزي انّ على الاسد ان "يغادر السلطة" و"يترك شعبه يقرّر مصيره في حرية"، معتبرا ان "المجازر المرتكبة في سوريا تثير بحق الاشمئزاز والنفور"، في حين دعا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الى "توضيح" شروط عمل مراقبي البعثة العربية.
وتزامن ذلك مع تصعيد في التحركات الاقليمية والدولية، إذ اوردت صحيفة "ميلييت" التركية ان تركيا وجهت صواريخ "هوك" نحو الاراضي السورية رداً على تصويب سوريا صواريخ "سكود" نحو الاراضي التركية، فيما تصل في الايام القريبة حاملة طائرات روسية الى المياه الاقليمية السورية

 
وفي هذا السياق أكد المحللين نجاح الرئيس بشّار الأسد في تمرير الأسبوع الأوّل من مهمّة المراقبين العرب وفقاً لما يطمح إليه، أي كسب الوقت، لشهرين إضافيّين. ويجهد الأسد خلال هذه الفترة للإيحاء بأنّه يلتزم الوعود التي قطعها عربيّاً ودوليّاً لإنجاز الإصلاحات المطلوبة. وهو سجّل فِعلاً مجموعة نقاط لمصلحته في وقت ثمينٍ وحاسم. وتتقاطع معلومات المصادر الديبلوماسية وتحليلاتها حول هذه النقاط، التي من شأنها، إذا لم يطرأ جديد يكسر "الستاتيكو" القائم، أن تطيل أمد الأزمة السورية الى حدود غير محسوبة، وتالياً عمر النظام وتزيد من حجم الخسائر.. إنّ وضع النظام في سوريا هو اليوم أفضل ممّا كان عليه في نهايات العام 2011. وفي عبارة أكثر وضوحاً، إنّ النظام ربحَ الجولة الحاليّة من الصراع، وعلى خصومه الاعتراف بذلك. لكنّ الحرب طويلة في سوريا على الأرجح. طويلة قبل إسقاط النظام وبعده. ولا يمكن أن تسمح الظروف بعودة عقارب الساعة الى الوراء، أي إلى المرحلة التي كان فيها النظام يمسك بكامل قبضته على سوريا. لكنّ العبور الى المرحلة الجديدة مليء بالمصاعب والمواجهات… وكثير من الدماء.. فهل يدرك المجتمع الدوليّ أنّ الأثمان التي ستُدفع لتعطيل آلة الدم والدمار في سوريا، ستزداد مع كلّ يوم من التأخير في الحسم، وقد لا يكون ممكناً تحديد حجمها وأبعادها في ما بعد؟.

وقد جاء موقف وليد جنبلاط مفاجا، في وقت يستمر التشكيك بمهمة بعثة المراقبين العرب في سوريا، إذ توجه إلى "بني معروف في سورية"، مؤكداً أنه "آن الأوان للإحجام عن المشاركة مع الشرطة أو القوى العسكرية التي تقوم بعمليات القمع ضد الشعب السوري". وتمنى "لو تنظر القيادة الروسية والجمهورية الإسلامية في إيران إلى مبدأ "قوة الضعفاء" في مقاربتها للوضع الحالي في سورية وضرورة الإقرار بأن الحلول الأمنية لا يمكن أن تشكل حلاً للأزمة التي لن تُحل إلا بتغيير جذري للنظام".

دعت مصادر سياسية مطّلعة عبر "المستقبل" إلى رصد "الترجمة" المحلية لكلام رئيس جبهة "النضال" النائب وليد جنبلاط عن الشأن السوري، و"تأثير مواقفه على تحالفاته خصوصاً وأن ذلك الكلام كان هذه المرّة قاطعاً في وضوحه ولا يحتمل التأويل أو الجدل". لكن مع ذلك، فإن أوساطاً قيادية في الحزب "التقدمي الاشتراكي" دعت عبر "المستقبل" إلى التروّي في إعطاء "تفسيرات لبنانية لموقف جنبلاط، لأن الموقف من النظام السوري ومن ممارساته القمعية يُفترض أن لا يعني إنتكاسة كبيرة في العلاقات مع القوى الحليفة لهذا النظام، إلا إن قررت هي عكس ذلك".

وقال أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر لـ"الشرق الأوسط" ردا على موقف جنبلاط : "مصير الشعب هو مصير واحد، والحريات وطموحات الشعب وحقوقه لا تميز بين فئة وأخرى، في سوريا أو في أي بلد آخر"، معتبرا أنه "ينبغي أن تكون كل فئات الشعب السوري متضامنة مع بعضها البعض".  

السابق
الانباء: الملفات العالقة تبدأ بالانفجار و الشورى يرد مرسوم تصحيح الأجور وجنبلاط: حل الأزمة السورية بتغيير النظام
التالي
السفير: قصة إبريق الأجور صفعة ثالثة للحكومة محاولة لتعويم اتفاق بعبدا والتيار يرفض الشعوذة