ليس بالراتب وحده يحيا الإنسان

بعد أنْ ردّ مجلس شورى الدولة القرار الحكومي حول زيادة الأجور وبدلات النقل للمرة الثالثة في غضون شهر تقريبا، أصبحنا أمام حالة من العبث والتخبّط على مستوى رسم سياسات اقتصادية واجتماعية من جهة، وعلى مستوى التعامل مع الوضع المعيشي للناس من جهة أخرى.
مهما تكن الحيثيات التي أبداها مجلس شورى الدولة في رفضه للقرار، لا بُدّ للحكومة من الأخذ بعين الاعتبار هذه الحيثيات والتعامل معها بجدية، وذلك من أجل مصلحة الأجراء، ومن أجل تمرير قانون أجور عادل ومتوازن ولا يمس جوهر النظام اللبناني القائم أولا وأخيرا على الحوافز والمبادرة الفردية.

وبطبيعة الحال، ومن نافل القول بأنّه من حق الأجراء أنْ يتم تحصينهم بجملة من التقديمات الاجتماعية التي تشكّل منطلقا يرتكزون عليه في سعيهم نحو تحسين أوضاعهم المعيشية وواقعهم الحياتي ورواتبهم.
وإذا استندت عملية الإنتاج بعمومها على تأمين الضروريات من قِبل الدولة كالضمان الصحي والتعليم وغيرهم يصبح حجم الراتب جزءا متمّما لهذه العملية وليس الجزء الأساسي منها.
لا بد عند البحث في الأجور التوقّف عند هذه النقطة تحديدا، وإلا فالمسألة برمّتها مهدّدة بالذوبان في غلاء الأسعار وفي عدم وجود رقابة على الكثير من المصاريف التي تطال المواطن اللبناني ولا تأخذها الدولة على محمل الجد.
الراتب هو جزء من مجموعة تقديمات لا بدّ من أنْ تتحقّق للمواطن، ومن أهم الخدمات التي ينبغي الحصول عليها قبل التقديمات الاجتماعية هو البُنى التحتية التي تؤمِّن سلامة وسرعة التنقُّل، والتي توفر جهودا مادية ومعنوية وعصبية يتكبّدها اللبناني عنوة عن غيره من المواطنين في دول العالم.

ليس بالراتب وحده يحيا الانسان. السياسة الاقتصادية الاجتماعية بمجملها ينبغي أن تتطوّر استنادا إلى فلسفة جديدة توازي بين عناصر الإنتاج ولا تكون ظالمة لأحد.  

السابق
أمن مضيق هرمز
التالي
زراعة لسان لاول مرة