كيف يكون إغلاق مضيق هرمز إعلان حرب!

 احتلّت التهديدات الايرانية والمناورات العسكرية التي شهدتها مياه الخليج أخيرا، حيّزا مهما في الاحداث والمواقف التي استهلت بها الادارة الاميركية العام الجديد.

فإضافة الى المواقف الرسمية التي اعلنها الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية، من ان الالتزامات الاميركية تجاه امن منطقة الخليج ودوله لا يمكن التفريط بها، وان الولايات المتحدة تعرف كيف تدافع عن حلفائها، وانه لا يمكنها تحمّل فكرة اغلاق مضيق هرمز، على ما تهدد به ايران. قال مصدر مسؤول في البنتاغون "للجمهورية" إن إقدام طهران على محاولة اغلاق المضيق ستتعامل معه واشنطن على انه اعلان حرب…
موقف يوضح الجدية التي تتعامل بها الادارة الاميركية مع تلك التهديدات، علما ان وزير الدفاع ليون بانيتا قد التقى الرئيس الاميركي باراك اوباما ظهر الثلثاء لبَحث قضايا امنية وعسكرية، وعلى رأسها الملف الايراني.

اوساط في البنتاغون اشارت الى ان المعلومات التي نشرت على مواقع الكترونية، والتي قالت إنّ هناك ما نسبته 50 بالمئة من الترجيحات، تؤكد ان اسرائيل قد تقدم على توجيه ضربة عسكرية للمواقع النووية الايرانية ما بين شهري آذار وحزيران المقبلين، وأنّ هذه القضية كانت من بين القضايا التي نوقشت في اجتماع اوباما وبانيتا.
وتذكر تلك الاوساط بالتحذيرات التي نقلها الجنرال مارتن دمسي رئيس اركان القوات المشتركة الاميركية الى الاسرائيليين في زيارته الاخيرة الى تل ابيب، وتقول انها كانت تحذيرات جدّية عبّرت عن قلق واشنطن من إقدام اسرائيل على مغامرة عسكرية تورّطها وتورط القوى العالمية في مواجهة مع طهران.

وتضيف تلك الاوساط ان التحفظات الاميركية لا تنبع من التداعيات العسكرية لهكذا صراع ومن كلفته فقط، بل ومن عدم الاستفادة من الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي بدأت تؤتي ثمارها وفق الاوساط الاميركية، وان سوء تقدير ظروف طهران الفعلية سيجعل من هكذا مغامرة كلفة غير ضرورية.

وتورد تلك الاوساط معلومات تشير فعلا الى تعمّق المأزق الايراني، والصعوبات الجدية التي تعانيها طهران. فالعملة الايرانية هَوت في يوم واحد 12 بالمئة بعد توقيع الرئيس اوباما العقوبات المالية على المصرف المركزي الايراني في عطلة الاعياد، والتهديدات الاوروبية بفرض حظر نفطي اشعل بدوره أزمة كبرى داخل ايران، علماً انّ الجميع يعلم ان العقوبات الاوروبية تتقدم بشكل تدريجي، بما يُجنّب العالم ازمة نفطية من خلال البدء في توفير بدائل للنفط الايراني من اسواق اخرى.
وجاءت تصريحات المتحدث باسم البيت الابيض لتؤكد على ما تذهب اليه اوساط البنتاغون من أنّ التهديدات الايرانية ما هي الا نتيجة لحالة العزلة الشديدة التي تعيشها طهران، والى ضخامة الضغوط الاقتصادية ونجاعتها، والتي بدأت تحقق أهدافها في هذه المرحلة.

وتشدد اوساط البنتاغون على القول بضرورة عدم التسَرّع والاستعجال في البحث عن بدائل اخرى للتعامل مع الملف الايراني. وتعتقد ان المواجهة الراهنة، وحتى الأسلوب الذي يجري التعامل فيه مع الملف السوري صار واحدا، بعدما وضع النظام السوري نفسه نهائيّا في احضان طهران.

وترى تلك الاوساط ان ما يجري في الخليج، فضلا عن كونه في الدرجة الاولى محاولة ايرانية لفك العزلة عن طهران والتلويح بسلاح النفط، هو ايضا محاولة ايرانية لتشكيل خط دفاع مباشر عن دمشق، بعدما بات واضحا ان الدفاع عن نظام الاسد صار في مراحله الاخيرة، وان التهويل بالحرب أمر لا مفرّ منه كواحد من الاوراق الاخيرة التي تمتلكها طهران، من دون ان يعني ذلك قدرتها على تنفيذ تهديداتها.

وتسخر اوساط في الخارجية الاميركية من كثرة التحليلات والسيناريوهات التي تتعامل مع الملفين الايراني والسوري، خصوصا لناحية مواعيد او أجندات تنسبها بعض التحليلات الى الادارة الاميركية، والى مواقف تحاول ان تلقي بظلالها شكوكا على مواقف واشنطن… وتعتقد ان الكثير منها يأتي في سياق الحرب الاعلامية التي تسعى الى إرباك القوى المعارضة للمحور الايراني السوري في المنطقة، من دون اي تبسيط للصعوبات ايضا.
فالحديث عن تسوية سياسية للازمة السورية، انطلاقا من القول ان صمود النظام واستمراره في الاصرار على الحل الامني، فضلا عمّا يعتبر ضعفا في صفوف المعارضة السورية، الى الحديث عن تشقّقات في المواقف الدولية، خصوصا في الموقفين التركي والفرنسي… ان الحديث عن هذه القضايا يفتقر الى مسلّمة اساسية، لا ترى ان النظام السوري قد فقد شرعيّته فعلا في حكم سوريا !

وتقول تلك الاوساط ان التصريحات الاسرائيلية في هذا المجال تشكل مؤشرا لا بدّ من الانتباه اليه جيدا، فوزير الدفاع الاسرائيلي ايهود بارك اعلن امس الأول ان حكم عائلة الاسد صار في اسابيعه الاخيرة، لكن المشكلة ان المجتمع الدولي لم يجد خليفة له بعد. وتضيف تلك الاوساط ان البحث جار بين القوى الدولية حول المرحلة الانتقالية لأنها قد تكون هي الاصعب، لأنّ النجاح في اجتيازها سيرسم خريطة الصراعات المقبلة في المنطقة كلها، وخصوصا في العراق وايران ولبنان.
وتوافق تلك الاوسط على ان الادارة الاميركية ليست مستعجلة للحل في سوريا، على رغم فداحة الدم الذي يسيل هناك… الّا أنّ تفادي تكرار السيناريو العراقي وضرورة تشكيل جبهة عربية متماسكة في مواجهة النظام السوري وحلفائه، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، عبر إعطاء الفرصة للمبادرة العربية في ان تأخذ مداها، كلها عوامل لا مفرّ منها قبل حدوث التغيير في سوريا.

وترى تلك الاوساط اخيرا أنّ أروقة الامم المتحدة ستشهد خلال ايام انطلاقة جديدة للتحركات الدبلوماسية، من اجل اعادة طرح الملف السوري بعد انتهاء رئاسة روسيا لمجلس الامن . 

السابق
سينغ: للاتفاق على حل للجدار في كفركلا
التالي
أمن مضيق هرمز