البناء: المواطن يدفع ثمن دوامة الاجور :هل تكون الرابعة ثابتة؟

أعاد قرار مجلس شورى الدولة برد مشروع المرسوم الأخير حول الأجور، الملف المعيشي والاجتماعي إلى نقطة الصفر، ما وضع الهيئات المعنية به، أي الحكومة والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية أمام استحقاق الاتفاق من جديد على صيغة جديدة لتصحيح الأجور، في وقت يعاني فيه المواطن من تفاقم الأزمة الحياتية في ظل الارتفاعات المستمرة للأسعار مقابل تآكل القيمة الشرائية للرواتب والأجور.
ويتوقع أن يؤجل البت في هذا الملف إلى الأسبوع المقبل على اعتبار أن جلسة مجلس الوزراء ستعقد في السراي الحكومي اليوم، وهي مثقلة بالبنود المهمة مثل المراسيم التطبيقية للنفط وقضايا تتعلق بوزارة السياحة والكهرباء.
أوساط ميقاتي لـ"البناء"
وقالت أوساط قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساء أمس لـ"البناء" إن دوائر السراي الحكومي لم تتبلغ حتى مساء أمس برد مجلس شورى الدولة، وبالتالي فهي ستتبلغه عبر وزير العمل شربل نحاس. وأوضحت إن أية أمور تدرس من خارج جدول الأعمال يجب أن تحصل خلال الجلسات التي يترأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. ولذلك رجحت المصادر أن يؤجل البحث في ملف تصحيح الأجور إلى الجلسة التي ستعقد في العاشر من الشهر الحالي في قصر بعبدا.
وفي ظل هذه الأجواء لم تستبعد الأوساط القريبة من الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية العودة للأخذ بالاتفاق الذي كان جرى التوصل إليه قبل وقت قصير من تصويت مجلس الوزراء في الجلسة ما قبل الأخيرة على اقتراح وزير العمل شربل نحاس بخصوص الأجور الذي يدمج بدل النقل في صلب الراتب، وهو الأمر الذي اعتبره مجلس شورى الدولة في قراره الأخير أنه "تعديل في المراسيم المتعلقة ببدل النقل المشوبة بعيب عدم الاختصاص والتي لا يمكن تصحيحها أو تعديلها بمراسيم، إنما بتدخل من السلطة صاحبة الاختصاص وهي السلطة التشريعية".
المواطن يدفع الثمن
وفي ضوء الرد الثالث لمجلس شورى الدولة لقرارات حول تصحيح الأجور تصدر عن الحكومة، فإن هذه الدوامة التي تواجه ملف الأجور طرحت الكثير من الأسئلة حول الحلقة المفقودة في هذه القضية، في وقت يبقى المواطن هو الذي يدفع الثمن مزيداً من المعاناة والأزمات. وتقول مصادر عمالية إن الموضوع أصبح مثل "قصة ابريق الزيت" وبات من الضروري وضع حد لهذه المأساة ـ المهزلة من جانب المعنيين حفاظاً على حقوق المواطن ولتخفيف بعض الأعباء عنه التي تتفاقم يوماً بعد يوم. وتضيف المصادر أن أي قرار جديد يجب أن يكون خالياً من الثغرات القانونية تجنباً لمواقف اعتراضية جديدة من جانب مجلس شورى الدولة. كما أن أي قرار لتصحيح الأجور يفترض أن يأخذ بعين الاعتبار الأشهر السابقة التي استغرقتها مراسيم تصحيح الأجور، وبالتالي تضمينه مفعولاً رجعياً لعدة أشهر كحد أدنى، حتى يستطيع المواطن تجاوز بعض الاستحقاقات التي تراكمت عليه في الفترة الأخيرة نتيجة الارتفاعات الكبيرة للأسعار.
موقف تكتل التغيير والإصلاح
ومع رد مجلس شورى الدولة يعود ملف الأجور إلى المربع الأول في ظل توقعات باحتدام السجال السياسي حوله خصوصاً وأن تكتل التغيير والإصلاح المعني الأول من خلال وزير العمل شربل نحاس في هذا الملف، يرى في قرار الشورى شوائب وثغرات، وهو شكّل لجنة من التكتل لدراسة القرار واتخاذ ما يراه مناسباً.
وقد غاب وزير العمل عن السمع بعد ظهر أمس بعد أن التقى لساعات القاضي شكري صادر متبادلاً معه وجهات النظر قبل أن يفاجأ نحاس لدى عودته إلى مكتبه بصدور القرار خصوصاً وأنه كان قد أعلن أنه ليس بالضرورة صدوره اليوم (أمس) أو غداً (اليوم) وأنه سيعود ويلتقي شورى الدولة مرة ثانية.
وموقف "العمالي"
واليوم يعقد الاتحاد العمالي اجتماعاً شبه صوري باعتبار أن موقفه بات معلوماً في ضوء ردود فعل رئيس الاتحاد غسان غصن الفورية على هذا القرار والتي تتفق مع الهيئات الاقتصادية على استبدال قرار الحكومة بالاتفاق الذي حصل في بعبدا بين طرفي الإنتاج.
وقالت مصادر قيادية في الاتحاد لـ"البناء": لم نتوقع قرار مجلس الشورى، خصوصاً لجهة الطعن بإدخال بدل النقل في صلب الراتب، معتبرة أن هذا القرار يؤسس لواقع جديد يفترض أن يترجم بإقرار الحكومة في جلسة اليوم الاتفاق المذكور، مشيرة إلى أن ليس هناك عوائق يفترض أن تقف في وجه ذلك.
ولكن رغم ذلك، فإن مصادر وزارية لم تؤكد أو تنف ما إذا كان موضوع الأجور سيبت اليوم في مجلس الوزراء، ملاحظة في الوقت نفسه أن رد فعل تكتل التغيير والإصلاح لم يكن متشدداً، بل اكتفى بالحديث عن ملاحظات وثغرات في القرار المذكور.
أصحاب العمل
في موازاة ذلك، صدرت جملة ردود أفعال بين مؤيد ومستغرب للقرار، ودعا رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس إلى العودة إلى الاتفاق الذي عقد بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي، في حين اعتبر رئيس الاتحاد غسان غصن أن رد المرسوم للمرة الثالثة هو أمر معيب.
التعيينات الإدارية والدبلوماسية
وفي الشأن الداخلي أيضاً عاد ملف التعيينات الإدارية إلى واجهة الاهتمامات الحكومية والسياسية، وكان هذا الملف مدار نقاش وبحث بين الرئيس ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور أمس وتحديداً ما يتعلق بالتشكيلات الدبلوماسية على مستوى السفراء والترفيعات في الوزارة من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى. كما بحث رئيس الحكومة موضوع التعيينات الإدارية مع رئيس مجلس الخدمة المدنية الوزير السابق خالد قباني، حيث وضع قباني الرئيس ميقاتي بما لدى مجلس الخدمة من ملفات حول التعيينات في الفئتين الأولى والثانية. الوضع في سورية وعمل المراقبين
أما على صعيد الوضع في سورية، فقد برز أكثر من تطور أمس، تمثل أولاً بإعلان الجامعة العربية عن عقد اجتماع عاجل للجنة الوزارية المعنية بالوضع في سورية يوم السبت المقبل في القاهرة للنظر في التقرير الأول لبعثة المراقبين العرب.
وبالتوازي مع هذا الاجتماع رفعت ما يسمى المعارضة السورية من حملة التشكيك والتحريض ضد لجنة المراقبين في محاولة مكشوفة للتأثير في عملها بما يتوافق مع توجهات هذه المعارضة الساعية إلى أن تكون مهمة المراقبين مدخلاً لرفع الوضع السوري إلى مجلس الأمن، في وقت عاد الغرب خاصة باريس إلى إطلاق المواقف الحاقدة ضد سورية وقيادتها في سعي واضح للتناغم مع توجهات ما يسمى "المجلس الوطني السوري".
اجتماع اللجنة الوزارية العربية السبت
وكان نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي أعلن في حديث له أمس أنه تقرر عقد اجتماع للجنة الوزارية العربية للنظر في التقرير الأولي التمهيدي لرئيس بعثة المراقبين العرب في سورية الفريق أول محمد أحمد الدابي حول أهم ما رصده الفريق على أرض الواقع بعد أكثر من أسبوع على المراقبة.
وأكد مصدر مسؤول في الجامعة العربية، للوكالة عينها، أن "السودان اقترح عقد اجتماع للجنة الوزارية العربية لتدارس الموقف في سورية".
وأضاف أنه "بعد مشاورات بين الأمين العام نبيل العربي ورئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم الثاني وأعضاء اللجنة تم الاتفاق على عقد الاجتماع السبت المقبل".
كما أعرب بن حلي في حديث آخر له عن رفضه لطلب ما يسمى "المعارضة السورية" إرسال قوات عربية إلى سورية وقال: "إننا ملتزمون المبادرة العربية ولا نتكلم عن أي شيء خارجها".
ومن جانبه، أكد رئيس غرفة عمليات بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سورية السفير عدنان الخضير أن "الجامعة العربية حريصة على تطبيق بروتوكول مهام بعثة المراقبين". ودعا في تصريح صحافي كل الأطراف المعنية إلى "عدم العجلة في إصدار الأحكام على نتائج عمل البعثة قبل أن تنتهي من المهام المكلفة بها وفقاً للبروتوكول وخطة العمل اللذين يهدفان في الأساس إلى حماية المدنيين العزل ووقف نزيف الدم".
وأشار الخضير إلى أن "فوجاً كبيراً من المراقبين العرب سيتوجه إلى دمشق للالتحاق ببعثة المراقبين الموجودة في سورية وفقاً للخطة المرسومة لانتشار المراقبين".
وأمس أعلنت وكالة "رويترز" أن 14 مراقباً انضموا أمس إلى المراقبين بينهم 12 عراقياً.
وفي هذا السياق نزل آلاف السوريين إلى ساحة درعا أمس تأييداً للجيش والإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد خلال وجود وفد المراقبين العرب هناك.
و"تحريض" لما يسمى "المعارضة"!
وفي المقابل هاجم ما يسمى رئيس "المجلس الوطني السوري" المدعو برهان غليون الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على خلفية تصريحاته الأخيرة التي أكد فيها أنه تم سحب المظاهر العسكرية من المدن. وزعم غليون "أن الآليات العسكرية سحبت من مراكز المدن إلى أطرافها".
من جهته، ادعى ما يسمى قائد "الجيش السوري الحر" المدعو رياض الأسعد الموجود في تركيا أنه "غير راض عن مدى التقدم الذي يحققه المراقبون العرب". وهدد بأنه "لن ينتظر سوى أيام قليلة فقط قبل أن يصعد العمليات بأسلوب جديد في الهجوم".
تركيا تنشر صواريخ "هوك"
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة "ميلليت" التركية إلى أن "تركيا نشرت صواريخ "هوك"، التي تعتبر بمثابة المظلة الواقية لحماية منطقة الشرق الأوسط، بالقرب من قرية قلعة التابعة لمدينة هطاي الحدودية مع سورية، وذلك رداً على نشر سورية بطاريات صواريخ سكود روسية الصنع في "قامشلي وعين دور"، وهي مناطق حدودية مع تركيا".
حملة أميركية وفرنسية غربية ضد سورية
في المواقف، لوحظ أن واشنطن وباريس عادتا للتصعيد في مواقفهما ضد سورية عشية اجتماع اللجنة الوزارية العربية في محاولة مكشوفة للتأثير فيها. وقالت الخارجية الأميركية "إن سورية لم تف بكل التزاماتها وفقاً لبروتوكول الجامعة العربية"، بينما ادعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن "على الرئيس الأسد أن يغادر السلطة ويترك شعبه يقرر مصيره"، مكرراً دعوته لاتخاذ "أشد العقوبات ضد سورية وضمان منفذ إنساني"؟
وبدوره، طالب وزير خارجيته ألان جوبيه بما وصفه "توضيح شروط عمل مراقبي بعثة الجامعة العربية" مبدياً شكوكاً "بشأن سيرها"!
وفي وقت لاحق زعم متحدث باسم البيت الأبيض أن النظام السوري "لم يحترم شروط الجامعة العربية، وأنه حان الوقت لأن تتدخل الأمم المتحدة فعلا في سورية".
من جهته، زعم المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، مايكل مان، أن "قوات الجيش السوري لم تنسحب بشكل حقيقي من الشوارع والمدن في البلاد"، معبراً عن "قلقه من التقارير الواردة عن استمرار العنف وقتل المتظاهرين المدنيين".
حاملة الطائرات الروسية إلى سورية خلال أيام
إلى ذلك، تصل مجموعة حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنيتسوف إلى المياه الإقليمية السورية خلال الأيام المقبلة، على أن تبقى فيها ستة أيام.
ويوجد على الحاملة طائرات سوخوي 33 وميغ 29 المتطورة إضافة إلى طائرات عمودية من نوع “ka-27”، كذلك منظومات من الصواريخ المختلفة المضادة للطائرات والسفن الحربية والغواصات.
وتضم المجموعة سفينة "الأميرال تشابانينكو" المضادة للغواصات التابعة للأسطول الشمالي وسفينة الحراسة "ياروسلاف الحكيم" التابعة لأسطول البلطيق، ومجموعة من الطائرات البحرية والسفن المساعدة وبينها قاطرة الإنقاذ "نيقولاي تشكير" والناقلات "سيرغي أوسيبوف" و"فيازما" و"كاما".
ونقلت صحيفة "الوطن" السورية عن قائد سلاح البحرية الروسي السابق الأميرال فيكتور كرافتشينكو تأكيده في تصريحات صحافية أن وجود قوات بحرية غير القوات التابعة لحلف الناتو في مياه الشرق الأوسط أمر مفيد، لأنه يمنع حدوث نزاع عسكري في المنطقة، كما أنه إشارة واضحة عن الموقف الروسي إزاء تواجده في هذه المنطقة، خاصة أن روسيا وكذلك الصين تعارضان بشدة اتخاذ أي موقف من قبل مجلس الأمن الدولي ضد سورية، كما تعارضان أي تدخل أجنبي.
انقسامات ما يسمى "المعارضة"
ورغم كل التدخل الأميركي والغربي والخليجي مع ما يسمى أطراف المعارضة السورية لتوحيد مواقفها فإن الانشقاقات والخلافات بين أطرافها تزداد يوماً بعد يوم بما يؤكد أن هذه المعارضة بدءاً مما يسمى "المجلس الوطني السوري" لا يهمها مستقبل سورية ولا الإصلاح بقدر ما تهمها المصالح الفئوية والمنافع الشخصية. وفيما دعا المعارض السوري ميشيل كيلو "إلى إيجاد أرضية مشتركة لأطراف المعارضة" دعا ما يسمى "رئيس هيئة التنسيق الوطني" في المهجر هيثم مناع إلى تطهير المعارضة من "رواسب الدكتاتورية" متهماً البعض بأنه يحمل خطاباً متعالياً واقصائياً، في حين اعترف ما يسمى رئيس لجنة العلاقات الدولية في "المجلس الوطني السوري" المدعو منذر باخوس بأن "هناك مشاكل ونقائص كثيرة في صفوف المعارضة".
تفجير خط للغاز
في الشأن الأمني، عمدت المجموعات الإرهابية المسلحة إلى المزيد من الاعتداءات على المنشآت الحيوية والمواطنين والقوى الأمنية، فقامت أمس بتفجير خط الغاز التابع لشركة الفرات للنفط بعبوة ناسفة بين منطقتي الرستن وتلبيسة في حمص.
وكذلك أقدم مسلحون على إطلاق النار على حاجز للأمن السوري في الرستن أمام وفد المراقبين العرب. كما عمدت مجموعة إرهابية إلى خطف طبيب أسنان في معرة النعمان في إدلب.
في المقابل، ادعت قناة "العربية" في سياق حملة الأكاذيب وبث الأخبار الملفقة أن 21 شخصاً سقطوا أمس، في حين زعم ما يسمى "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن 19 عسكرياً قتلوا في محافظة درعا في هجوم شنه من يطلق عليهم بأنهم "منشقون"!  

السابق
السفير: قصة إبريق الأجور صفعة ثالثة للحكومة محاولة لتعويم اتفاق بعبدا والتيار يرفض الشعوذة
التالي
تساؤل غريب !!