جنبلاط: الأزمة السورية لا تُحل إلا بتغيير جذري للنظام

أدلى جنبلاط بالتصريح الآتي: "كم يتشابه القول الشهير والرائع للمثقف الكبير ورئيس تشيكوسلوفاكيا الراحل والكاتب فاكلاف هافل: "قوة الضعفاء" بقول الشهيد كمال جنبلاط: "إن الذين ليس على صدورهم قميص سوف يحررون العالم"، فلقد أثبتت كل التجارب التاريخيّة أن حركة الشعوب تتقدم الى الأمام ولا تتراجع الى الخلف، وأن ما بُني على باطل لا يُكتب له الاستمرار على قاعدة "يمهل ولا يُهمل". قوة الضعفاء التي كتب عنها فاكلاف هافل، ذاك الكاتب المسرحي الذي عايش ربيع براغ في العام 1968 عندما قمع الجيش الأحمر محاولات رئيس وزراء تشيكوسلوفاكيا ألكسندر دوبتشيك تطبيق إصلاحات سياسيّة وعاد في مرحلة لاحقة لقيادة "الثورة المخمليّة" في العام 1989 بعد أن أمضى سنوات في السجون كمعتقل سياسي، كأنه يكتب عن واقع الحال الراهن. فقوة الضعفاء هي التي حركت وتحرك الثورات العربيّة للمطالبة بالحرية والكرامة والعزة. فكما أشعل جان بالاخ النار في جسده في العام 1969 رفضاً للنظام الشمولي، كذلك فعل محمد بوعزيزي في تونس رفضاً للقمع والاذلال. فالتاريخ مسار تراكمي وكتاب مفتوح لمن يريد أن يستخلص العبر.

وحبذا لو تنظر القيادة الروسيّة الى مبدأ "قوة الضعفاء" في مقاربتها للوضع الحالي الذي تمر به حليفتها سوريا وضرورة الاقرار بأن الحلول الأمنيّة لا يمكن أن تشكل حلاً للازمة القائمة التي لن تُحل إلا بتغيير جذري للنظام. فبدل التمسك بنظام لم يستخلص العبر من دروس حماه (1981) التي تذكر بأحداث بوادبست (1956)، قد يكون من الأفضل توجيه النصح له القبول بأن تداول السلطة هو أهم من التمسك بها وسفك الدماء. ألم يسبق أن إنتفضت روسيا على ظلم القياصرة في الماضي؟

وحبذا أيضاً لو تنظر الجمهوريّة الاسلاميّة الى مبدأ "قوة الضعفاء" ويتذكر أحفاد الامام الخميني أنه المبدأ الذي طُبق في مواجهة شاه إيران وأدّى الى إسقاطه في نضال تاريخي كبير ما أكد أن الصدور العارية التي تنادي بالحرية والديموقراطية قادرة على مواجهة أعتى الأنظمة. قد تكون الصواريخ الايرانيّة تملك قوّة عسكرية كبيرة، ولكن يبقى صدى كلمات الشاعر الكبير سعدي الشيرازي أقوى مفعولاً، فليتذكر أبناء الثورة الاسلامية ما كتبه لرفع الظلم عن الشعب السوري، فهو قال: "آدميون نحن ولنفس الأصل ننتمي فكيف نهنأ بالعيش والغير يألمُ ما إستحق الحياة من يرى أخاه يشقى وهو بالملذات والخيرات ينعمُ". أما الى بني معروف في سوريا، فهم أيضاً يعلمون أن حركة الشعوب لا تعود الى الوراء، وأن الذاكرة الشعبيّة لا ترحم، وأن الذين ليس على صدورهم قميص في درعا والصنمين وبصرة الحرير وخربة غزالة وإدلب وحمص وحماه وغيرهم في المدن والقرى السوريّة المختلفة هم الذين يمتلكون المستقبل لأنهم يمثلون "قوة الضعفاء". فآن الآوان للاحجام عن المشاركة مع الشرطة أو الفرق العسكرية التي تقوم بعمليات القمع ضد الشعب السوري، وقد عاد العشرات منهم في نعوش نتيجة قتالهم لأهلهم في المناطق السوريّة الأخرى. كما ناضل الآلاف في تونس ومصر واليمن وفق قاعدة "قوة الضعفاء" وكانوا من الذين ليس على صدورهم قميص وإنتصروا، كذلك سيحدث في البلدان الأخرى، لأن هذا هو منطق التاريخ وحكمه. فعلاً، صدق القول إنه "يمهل ولا يهمل"!  

السابق
سينغ اوضح ما تناقله الاعلام عن جدار بين كفركلا والمطلة
التالي
“التيار- كندا”: “8 آذار” تلطخ سمعة لبنان خدمة للنظام السوري