الباحث هيثم الامين: علاقة بنيوية ربطت آل الامين بالنجف الاشرف

في لقاء حول علاقة جبل عامل  بالنجف الأشرف في العراق، كان لـ(شؤون جنوبية) لقاء مع الباحث الدكتور هيثم الأمين الذي حدثنّا عن والده الراحل الشاعر عبد الرؤوف الامين، وجدّيه المرجعين السيدين علي محمود الأمين ومحسن الأمين، فقال:" يُعدّ عبد الرؤوف الأمين أول متخرّج عامليّ من الجامعة السورية آنذاك. فبعد تخرّجه في العام 1933 حاصلا على الإجازة في الأدب العربي، كان الفرنسيون لا يزالون يحكمون بلاد الشام. فقام بنشرعدد من القصائد تحت اسم (فتى الجبل) في عدد من المجلات السورية. وكان يرغب في العمل في بلده الأم لبنان الا أن ذلك يستوجب عليه أن يكون مؤيدا للفرنسيين. الأمر الذي دفعه لأن يبقى خمس سنوات دون عمل. وفي العام 1938 قصد العراق، وعلّم في كل من النجف والحلّة والناصرية.

دراسته
وكان جدّي لوالدي، أي السيد علي محمود الأمين يُعدّ أول مرجع ديني لبناني قصد العراق للدراسة في الحوزة، وبعد وفاته حلّ جدي لوالدتي أي المرجع السيد محسن الامين محلّه.. علما أن الدراسة لم تكن متيّسرة في جبل عامل، وخصوصا في كل من الصوّانة وشقرا..".
و" بالعودة الى والدي، فقد ذهب الى الشام، ومنها الى العراق ليدرّس الأدب العربي، علما أن جديّ لوالدتي السيد محسن تولاّه مع زوجته وأولاده في الفترة التي كان مقيما فيها بالشام".
"وكانت الجامعة السورية قد استقطبت اضافة الى طلاب جبل عامل طلابا من البقاع بسبب وجود السيد محسن هناك، خاصة آل الحسيني البقاعيين كالسيد علي الحسيني، والسيد حسين الحسيني، اللذان درسا على السيد محسن في الشام".

العلاقة مع الشام
وفيما يخص علاقة المراجع بالفرنسيين يقول الدكتور هيثم:" لقد ناضل أهالي جبل عامل ضد الإنتداب الفرنسي كونهم ضد فصل جبل عامل عن سوريا(الشام) لأن التواصل مع الشام كان بالنسبة إليهم أقرب جغرافياً ووطنياً".

مدارس المراجع
وصل السيد محسن الأمين الى الشام 1901 من النجف، وأول عمل قام به هو فتح مدرستين: الاولى المدرسة العلوية التي سُميت لاحقا بـ(المحسنيّة)، والثانية المدرسة (اليوسفيّة). بينما أسس علماء جبل عامل مدرسة في بيروت تحت اسم المدرسة (العامليّة)، وهي مدرسة مدنيّة غير دينية. وبعد فترة من الزمن، أي في العام 1940، أسسّ السيد عبد الحسين شرف الدين المدرسة (الجعفرية).

مع رياض الصلح
ويتابع:" توفي والدي في العام 1970 الذي كان يقيم في منزلنا الحالي في الشياح، وتولى بُعيد استقلال لبنان على عهد رياض الصلح، الذي كان صديقه الشخصي، تولى إدارة التفتيش التربوي، وكان هناك خمس مفتشين تربويين فقط لكل البقاع. مع الإشارة الى أن مكتبه كان في السرايا الحكومية التي أُعيد بناؤها".

قصائده
يكمل الدكتور هيثم: "قمتُ بعد وفاته بجمع أوراقه في ديوان سميّته (ديوان فتى الجبل). ومما ذكره والدي أن الرئيس رياض الصلح استدعاه في العام 1943 ووعده بتسليمه منصبا مهمّا، لكنه انتظر حتى العام 1945 ليتم له ذلك، حيث اعتبر انه عاد الى موضعه الطبيعيّ، على اعتبار ان رياض الصلح كان من الذين ساهموا في الثورة العربية. في هذه الفترة كان الإنكليز قد بدأوا يمنحون تأشيرة دخول الى العراق ففكّر بالعودة الى العراق إلاّ أن الرئيس الصلح نصحه بعدم الذهاب بسبب (احمرار العين) عليه من قبل الإنكليز بسبب قصائده، مما سرّع في قبوله الوظيفة 1945 في وزارة المعارف آنذاك كمفتش تربوي، حيث أسسّ معظم مدارس البقاع".
يتابع الدكتورهيثم، فيقول:"وبالعودة الى جديّ المرجع السيد علي محمود الأمين فقد رجع الى شقرا بعد أن أنهى دراسته، ليُدّرس. وكانت هذه عادة العلماء بعد أن ينهوا مراحل متقدّمة من العلم في النجف الأشرف".

الإصلاح الشيعي وصابرينا مرفان
وعن سبب اهتمام الباحثة صابرينا ميرفان بموضوع جبل عامل على العكس من توّجه علماء الإجتماع الفرنسيين الذين ركّزوا جلّ اهتمامهم بعد الثورة الإيرانية على إيران؟. قال: "إن مرفان أرادت البحث في تاريخ الشيعة، انطلاقاً من جبل عامل، فعملت على دراسة هذه الحقبة من أواسط القرن التاسع عشر إلى أواسط القرن العشرين. لذا لم تتوفر المعلومات عن جميع الشخصيات العامليّة في مرحلة ما بعد العام 1945. والسبب هو أن جميع البحاثّة توجهوا صوب إيران نتيجة تركيز مراكز البحث الغربية على الجانب السياسي غالبا في معرفة سبب صعود نجم الشيعة في القرن الفائت. وعلى عكسهم جميعنا توجهت صابرينا ميرفان الى البحث التاريخي".
 المرجعية عند آل الأمين
ويعود أصل آل الأمين الى الحلّة بالعراق وهي أسرة دينية، وإستُدعُوا من قبل اهالي كفرا وشقرا. وأبرز أسماء العائلة من آل الأمين (محمد الأمين الأول) الذي توفي 1800، وهو جد آل الأمين، ويُلقب بـ(مفتي البشارتين).
وبتأثير من سلطتهم المعنويّة، هاجر أهالي جبل عامل الى مناطق مختلفة، نتيجة جور الجزار. فلما عجز الجزار عن إعادتهم الى الجبل، استنجد بالسيد محمد الأمين من خلال حجز ابنه الذي كان معلمّا لعبدالله باشا (ابن أخت الجزار).

السيد محسن الأمين
"وقد عُرف عن آل الامين تحرّجهم الشديد من لبس العمامة والجبّة على العكس من علماء عصرنا الحالي. ويختم:" لم يتبّع أي من أولاد السيد محسن الأمين طريقه في العلوم الدينية، الا ان المؤرخ العلامة السيد حسن الأمين من أبرز مؤرخي القرن الماضي".
وكان جدّي درس على الشيخ موسى شرارة في بنت جبيل، وبعد وفاة شرارة حلّ المرجع السيد محسن الحكيم مكانه في العام 1875، حيث يقول السيد محسن عنه انه لم يكن متوّجها للتعليم، بل للوعظ والإرشاد، لذلك اضطر السيد محسن الى التوجه للنجف مع الشيخ حسين مغنيّة، وقد وصف رحلته هذه في كتابه (أعيان الشيعة). وفي فترة من الفترات تأخرت مصاريف العيش عن الوصول إليه من جبل عامل، فقضى أيامه بالدّين وكانت حالة الفقر معروفة عن طلاب العلم في النجف". "كان حينها بالعشرين من عمره، وكان قد هاجر في العام 1891 ميلادي، وبقي في النجف لعشر سنوات، وعاد الى الشام 1901. علم ان ان التنّقل كان صعبا حيث كان يتم عبر المكاريّة، وكان طالب العلم يصل الى الشام بشق النفس بانتظار نقله الى النجف قبلته المنشودة ".
ويحكي السيد محسن عن دراسته بالنجف تفصيلياً في كتابه، فينتقد بعض أوجه العلم حيث كان الطالب متروكا لنفسه. أما رفاقه فكان أبرزهم الشيخ حسين مغنيّة وهو أول رئيس للمحكمة الجعفرية في لبنان.

العصبة الهاشمية
"ورغم أن أول من ذهب الى النجف هو جدي المرجع السيد علي محمود الأمين، الا ان ثمة فئة من الشباب العاملي قصدت النجف للعلوم الدينية لكنها عادت وتخلّت عنها صوب اتجاهات مختلفة أغلبها علمانيّة، لتُشكل عصبة سُميت (العصبة الهاشمية)، وتألفت هذه العصبة من هاشم الأمين(خالي أي ابن السيد محسن الأمين) والمفكر حسين مروّة، وغيرهم وذلك في فترة ما بين 1925-1938.

د: هيثم عبد الرؤوف الامين: الكركي- أول رئيس وزراء في عهد الشاه عباس الصفوي- كان من جبل عامل، إضافة إلى الشيخ البهائي، وقد لعبوا مع عدد كبير من علماء جبل عامل في نقل التشيّع الى إيران التي لنا عليها فضل كبير لن تسدده مهما ساعدت أهل جبل عامل اليوم.

من هو عبد الرؤوف الامين؟
عبدالرؤوف بن علي محمود الأمين الملقب «فتى الجبل». ولد في بلدة شقرا (جنوبي لبنان)، وتوفي في بيروت. قضى حياته في لبنان وسورية والعراق. تلقى علومه الأولى في كتاب بلدته شقرا، ثم درس المرحلة الابتدائية بدمشق عام 1929، ثم التحق بالكلية العلمية الوطنية وحصل على الثانوية القانونية عام 1932، ثم التحق بالجامعة السورية ونال الشهادة العليا مجازًا في الأدب العربي. في عام 1939 سافر إلى العراق ومكث طيلة الحرب العالمية الثانية. بدأ حياته العملية مدرسًا في ثانويات مدينتي الناصرية والنجف بالعراق 1939، كما تولى تحرير جريدة الهاتف البغدادية. في عام 1945 عاد إلى لبنان فعين مفتشًا في وزارة المعارف بمحافظة البقاع، ثم انتقل إلى التفتيش التربوي فيها عام 1952، وفي عام 1953 عمل مفتشًا إداريًا في وزارة الشؤون الاجتماعية، ثم تولى مصلحة القوى العاملة والشؤون الاجتماعية، وعام 1970 أحيل إلى التقاعد.
أسس الرابطة الهاشمية عام 1946. شارك في النشاط الأدبي والسياسي في دمشق إبان الانتداب الفرنسي على سورية، وعمل في خدمة الدولة اللبنانية بعد استقلالها، كما نشط لنشر شعره في صحف ومجلات عصره، وكان يوقعه في مراحله المبكرة باسم عبد الرؤوف محمود.

الإنتاج الشعري:
له عدة دواوين منها: «العواطف الثائرة» – مطبعة العرفان – صيدا – لبنان – 1929،
و«صقور قريش» – مطبعة الراعي – النجف – العراق – 1942،
وله مجموع شعري بعنوان: «ديوان فتى الجبل» – جمعه ولده: هيثم الأمين – دار الحرف العربي للطباعة ودار المناهل – بيروت – 1996، وله قصائد نشرت في بعض صحف ومجلات عصره منها: «يا أمة» – مجلة العرفان – المجلد السادس – صيدا – 1921، وقصائد في مجلات: «المعرض البيروتي، والبرق» – لبنان – القبس، وألف باء – سورية.
نال وسام المعارف من الدرجة الأولى، كما نال وسام الأرز الوطني من رتبة فارس من رئيس الجمهورية اللبنانية، وبعد وفاته أقيم له حفل تكريم برعاية المجلس الثقافي للبنان الجنوبي.
 

السابق
الحريري: حان الوقت ليقول المراقبون العرب حقيقة ما يجري في سوريا
التالي
عبود: الخلاف ليس فقط على الحد الأدنى للأجور ونحاس طرح نظرة مختلفة