ماذا سيكون في السنة القريبة…الاكيد أن 2012 ليست نهاية العالم

حتى لو تجاهلنا نبوءات الخراب والدمار التي قضت بأن نهاية العالم ستكون في الواحد والعشرين من كانون الاول 2012، فان السنة التي ستبدأ بعد غداً لن تكون كما يبدو سنة سهلة على مواطني الكرة الارضية بعامة ولا علينا نحن في اسرائيل ايضا.
لن نجلس في 2012 ايضا اذا اعتمدنا على تقديرات الخبراء على الشرفات ونعد الطيور المهاجرة في سكون ودعة. أو كما يصوغ هذا المستشرق البروفيسور شمعون شامير سفيرنا السابق في القاهرة وفي عمان بقوله «الاحداث الحاسمة في 2011 تعمل في مضادة الاستقرار في المنطقة ولها آثار مقلقة».
«صُبت جامات سخرية في الغرب على تقدير ان البديل عن أنظمة الوضع الراهن سيكون الاسلام السياسي لكن هذا أصبح واقعا»، يقول البروفيسور شامير. «ان الليبراليين في الميادين انشأوا وهما وكشف فشلهم المدوي في الانتخابات المصرية عن ضعفهم. لا توجد علمانية حقيقية في العالم العربي.
«ان المنتفضين باسم حب الحرية ناجعون في اسقاط النظام لكنهم لم يُبدوا قدرة على انشاء انظمة حكم بديلة لديمقراطية ليبرالية ووحدة وطنية. وهذا يرفع في تلك البلدان قوى طرد عن المركز قبلية وطائفية ومحلية ودينية وغيرها، وتبرز هذه الظاهرة في ليبيا واليمن والعراق، لكنها قد تنشأ في سوريا».
ان الجيش الذي عمل في دول رئيسة بصفة عامل كبح وتوازن يفقد من قدرته. يقول شامير: «في تركيا تم ابطال الغاية الدستورية للجيش باعتباره حامي العلمانية، وفي مصر يجري قادة الجيش حرب تراجع، وفي سوريا يتلقى الجيش باعتباره المدافع عن نظام البعث ضربات من متظاهرين ومنشقين».
ماذا ستكون آثار صعود قوة الحركات الاسلامية؟ «حتى لو عملت في حذر في المراحل الاولى فان أهدافها الأساسية لا يمكن ان تتغير تغيرا جوهريا: ستتضرر مكانة الأقليات وتتضاءل حقوق النساء وتزيد سلطة الشريعة. وفي الصعيد الخارجي سيسيطر تصور صدام الحضارات»، يقول شامير.
هل يتضرر السلام بين اسرائيل ومصر؟
«يعلن متحدثو الاسلاميين في مصر انه لا نية لابطال معاهدة السلام، لكن يصعب ألا نتنبأ بأن يحل محل السلام البارد والمستقر سلام جامد قابل للاضرار به».
يُذكر زميل شامير المستشرق البروفيسور إيال زيسر، عميد قسم الآداب في جامعة تل ابيب، بأنه «في كانون الثاني 2011 لم يتنبأ أحد منا بما حدث حقا»، لكنه أكثر تفاؤلا بقليل: «سيكون للاسلاميين تمثيل في النظام المصري الجديد لكنني أُقدر ان يستمر الجيش مع كل ذلك في المعادلة بين القوى».
وماذا عن اتفاق السلام؟
«انه محفوظ حتى الآن وهذا هو المهم، لكن الاحداث لم تنته بعد. هناك دول كسوريا، الثورة فيها في ذروتها أو دول لا نعلم بعد هل تبلغها».
ما المتوقع في سوريا؟
«لا أشارك في التقدير العام ان بشار الاسد سيسقط، وبرغم ان من الصعب ان نتنبأ بما سيحدث فانني لا أسارع الى التوقيع على شهادة وفاته».
أحرب؟ لا هذه السنة
متى نعلم ماذا سيحدث؟ لا هذه السنة لكن بعد خمسة عقود اذا اعتمدنا على البروفيسور دافيد بسيغ، باحث في المستقبل ورئيس مختبر واقع متوهم في جامعة بار ايلان. «تنتظر دولا تُعرف بأنها دول فاشلة مثل مصر وسوريا ولبنان والسعودية ايضا مسارات صعبة تشمل انتقاضا، وربما بعد ذلك وحدة. وسيستغرق هذا في تقديري نحوا من خمسين سنة».
وماذا سيحدث لنا في هذا الوقت؟ هل ننتظر في صبر؟
«حينما يوجد انهيار لانظمة حكم وثقافات، يوجد على نحو عام ايضا تسرب سكان الى دول أكثر استقرارا وأكثر أمنا ويوجب هذا على اسرائيل ان تحافظ على الحدود جيدا. قد يبدأ هذا بالدروز في سوريا الذين سيحاولون وصول الجولان، وبالفلسطينيين في لبنان وفي مناطق السلطة ايضا الذين سيحاولون دخول اسرائيل، وعلى حدود مصر ايضا بالطبع.
«الاردن هو الوحيد الذي يستطيع الامتناع عن هذه المسارات فهو دولة تعمل وتفكر لأمد بعيد مع علاج صحيح للقضايا الاقتصادية».

 هل قد يفضي هذا الى حرب؟
«هذا أحد الامكانات وهذا ما يخيف الجميع ايضا. في دول منهارة تكون جميع اجراءات اتخاذ القرارات وحساب الأخطار مشكلة جدا».
وماذا سيكون في السنة القريبة؟
«في السنة القريبة خاصة احتمالات نشوب حرب ضئيلة، لكنها تكبر على مر الزمن».
ان تركيا هي التي ستحل محل مصر باعتبارها قائدة للعالم العربي، كما يقول البروفيسور بسيغ: «وهي الموجودة في الحقيقة في بداية المسار ولا تزال لا تدرك جميع المعاني لكنها ستكون الشقيق الأكبر للمنطقة، وتكون قوة عظمى كما كانت الى الحرب العالمية الاولى».
أقوة عظمى؟ بحسب رأي البروفيسور افرايم عنبار، وهو مختص بعلاقات اسرائيل مع تركيا ورئيس مركز بيغن ? السادات للابحاث الاستراتيجية في جامعة بار ايلان، تحتل تركيا في الحقيقة مكان مصر باعتبارها قائدة العالم العربي، «ومع ذلك توجد معطيات تدل على ان الاقتصاد التركي قد يتضرر. وبرغم أنهم في نمو هائل فان عليهم دينا قوميا كبيرا وهو في بداية تضخم. اذا حدث كل هذا فسيُقرب أنقرة من طهران أكثر وهي مزودتها بالطاقة.
«قد يفضي هذا ايضا الى غزو تركي لجنوب قبرص كي تقترب من مصدر طاقة في البحر المتوسط».

ما معنى هذا بالنسبة لمستقبل العلاقات بين اسرائيل وتركيا؟
«انه لا يمكن توقع تحسن وهذا مؤكد في 2012 ما ظلت تتولى الامور هناك الحكومة الحالية».
«أصبح الشرق الاوسط أكثر تعرضا لزعزعات مقلقة»، يقول البروفيسور شامير، « إنه كان مستقرا في سنين سبقت. ان مركز الأخطار بالطبع هو ايران التي اعتبرت في 2011 بأنها على بعد سنة من القدرة الذرية.
«اذا تمت عملية حربية موجهة على ايران دونما صلة بهوية الدولة أو الدول التي تنفذها، فستدفع اسرائيل ثمنا باهظا بتلقيها مطر صواريخ من ايران ولبنان وغزة ايضا. وفي مقابلة هذا اذا تُركت ايران تنتج سلاحا ذريا فان تأثيرها وقوتها باعتبارها قوة اقليمية سيزيدان، وتستعمل ضغوطا تزداد على جاراتها ولا سيما في الخليج.
«والى هذا فان الانسحاب الأميركي من العراق خلّفها في نزاع وانقسام وتعرض لضرب «الارهاب»، ومن الاسئلة الكبرى هل تنجح في الحفاظ على وحدتها وسيادتها أم تتعرض لتدخل ايراني عميق. ان انهيارا في العراق قد يتسرب الى الاردن الذي هو حاجز اليوم بين اسرائيل وبين التهديدات لها من الشرق».
يُعرف البروفيسور بسيغ ايران بأنها تهديد وجودي يجب علاجه وإن لم يكن موجها علينا بل على العالم الغربي كله. ويقول: «نحن كلام تملق فقط. تجري على ايران مسارات صعبة. قبل خمسين سنة كانت المرأة الايرانية تلد سبعة اولاد وهي اليوم تلد 1.4. وهم يعلمون انهم قد يختفون في غضون 100 سنة».
بالغتَ.
«ليس هذا مبالغة. هذا الى ان الصراع التاريخي للشيعة مع السنيين ينتقل الى مرحلة اخرى اقتصادية وسكانية ايضا. ولهذا يبحثون عن سبيل للحفاظ على أنفسهم.
«مشكلة اسرائيل الكبيرة هي أنه اذا أصبح للايرانيين سلاح ذري فسيكون للعالم العربي كله والخوف الكبير ان يتسرب الى أيد غير صحيحة».
وهل ستكون 2012 سنة الامتحان؟
«أُقدر ان القرارات الصعبة لن تتخذ في 2012».
«قد تكون 2012 سنة حسم اخرى من غير حسم»، يتفق معه البروفيسور زيسر الذي يضيف قائلا ان «اسرائيل ليست هدف الايرانيين المركزي لكنهم يستطيعون جعلها كذلك باستخدام القضية الفلسطينية».
الواقع يغير الزعيم
وماذا سيحدث في هذه السنة مع الفلسطينيين؟ بحسب زعم البروفيسور زيسر «ستُسمع اصوات مصالحة لكن لن يحدث أي شيء. لن يحدث في 2012. سينتظر أبو مازن الانتخابات في الولايات المتحدة، وبعد ذلك الانتخابات في اسرائيل. وتكون سنوات ما قبل الانتخابات دائما سنوات ضائعة».
والجمود؟
البروفيسور شامير: «في الواقع الجديد الذي ينشأ حولنا قد ينتشر اشتعال عنيف بين اسرائيل والفلسطينيين بصورة تتجاوز ما حدث في الماضي، وهذا بسبب جمود الاتصالات السياسية الذي هو أعمق من كل ما كان في عشرين سنة منذ كان مؤتمر مدريد».
هل ننتظر اذا تشرين الثاني 2012 والانتخابات في أميركا؟
«عملت الولايات المتحدة مرارا كثيرة على تعزيز دول كان استقرارها الداخلي في خطر واستعملت اجراءات متنوعة اقتصادية وسياسية وعسكرية. واليوم تضاءلت جدا قدرتها، والسياسة الأميركية مصابة بعدم اتساق وقرارات مخطوءة وقراءة مشوشة للخريطة حتى ان تأثيرها في المنطقة غير موجود تقريبا».
«ستبدأ في الاسبوع المقبل الانتخابات التمهيدية للرئاسة»، يقول البروفيسور ايتان غلبوع، رئيس معهد الاعلام في جامعة بار ايلان ومختص بالولايات المتحدة. «ستُجرى عند الجمهوريين فقط لأنه لا يوجد في الحزب الديمقراطي مرشح يعترض على اوباما.
«وعلى نحو عام الذي سيميز هذه الانتخابات هو أنه لا يوجد مرشحون جيدون. فاوباما لم ينجح في الولاية الاولى، وارتفعت نسب تأييده شيئا ما لكنها ما تزال منخفضة، ومع معطيات اقتصادية كهذه ونسبة تأييد كهذه كان يجب على الجمهوريين ان يفوزوا في الانتخابات بلا عناء.
«غير أنه ليس لهم مرشح أهل، وأصبحت رسالة اوباما في الايام الاخيرة حقا هي: قارنوا بيني وبين المرشح الجمهوري لا بيني وبين مرشح مثالي. وأنا أُقدر أن الذي سيواجه اوباما آخر الامر سيكون ميت روماني».
ما معنى الانتخابات بالنسبة لاسرائيل؟
«هناك اعتقاد ساذج أن اوباما سيهاجم ايران قبل الانتخابات. ولا أراه سيفعل هذا. اذا حدث هذا حقا فسيكون التقدير اعادة بناء مكانة الولايات المتحدة في العالم لا الاهتمام بمصير اسرائيل. ان ايران الذرية تعني خروج الولايات المتحدة من الشرق الاوسط».
هل يُنتخب اوباما لولاية ثانية؟
«يصعب جدا ان نقدر لكنه اذا انتخب هناك واذا انتخب نتنياهو في اسرائيل فانه يتوقع بينهما توتر شديد بسبب عدم الثقة ورواسب الماضي والعداوة الشخصية».
«هناك احتمال كبير لأن ينتخب اوباما»، يزعم البروفيسور بسيغ، «برغم ان ناسا كثيرين هنا لا يريدون ان يحدث هذا».
وما معنى هذا؟
«فيما يتعلق باسرائيل ليس لهذا أي معنى. ان قوى عظيمة تعمل على زعماء وسيتخذ الجميع على التقريب القرارات نفسها. وهذا ما حدث لاوباما ايضا. يعتقد الزعيم انه قادر على تغيير الواقع لكن الواقع يغير الزعيم».
عودة الى الاحتجاج
يقول البروفيسور آفيا سبيبك الذي كان رئيس قسم الاقتصاد في جامعة بن غوريون وعميد قسم الآداب وعمل حتى 2006 نائبا لمحافظ بنك اسرائيل: «كانت 2011 سنة الاحتجاج الاجتماعي. ولما كان الجمهور لم يحصل على ما طلب بل ستقلص توصيات تريختنبرغ المقلصة فسيعود الجمهور ليعبر عن رأيه».
هل سنعود الى الشوارع؟
«لست أعلم هل ستعود المظاهرات الكبيرة، لكن هذا لن يخفت». 

السابق
قوى المعارضة السورية توقع اتفاقا سياسيا في القاهرة
التالي
عدنان منصور: موسكو تستطيع لعب دور فاعل لإخراج سوريا من أزمتها