مسلسل أميركي..فاشل

مع وصول بعثة المراقبين العرب إلى سورية والمباشرة بمهامها التي نص عليها قانون البروتوكول الموقّع من قبل الجامعة العربية وسورية، تدخل الأزمة في سورية مرحلة جديدة بغض النظر عما ستكون نتائج أعمال المراقبين، إذ لا يمكن الحكم عليها إلا في ضوء مضمون التقارير التي ترفعها إلى كل من الجامعة العربية والحكومة السورية، مع الإشارة إلى أن إمكانية التشكيك بعمل المراقبين العرب تبقى قائمة حتى يثبت العكس، لأن المطلوب من البعثة المذكورة أن تكون مهنية وموضوعية ومحايدة وهذا التوجه وحده كفيل بوضع الأمور في نصابها الحقيقي خصوصاً لجهة وجود مجموعات إرهابية في أكثر من محافظة سورية، لا تزال تمارس عمليات الإجرام والقتل والخطف في بعض المناطق حتى مع وجود بعثة المراقبين، وهذه إشارة واضحة وكافية وهي برسم البعثة لكي تبني على الشيء مقتضاه.

وكشفت مصادر سياسية عن أن الولايات المتحدة الأميركية دخلت على الخط مباشرة، بعد أن فشلت كل المحاولات والعمليات الإرهابية من تدمير البنى التحتية والمؤسسات العامة ومنها خطوط وأنابيب الغاز والبترول والمحطات الكهربائية وما إلى هنالك من مؤسسات تعني الشعب السوري في الدرجة الأولى. والدخول الأميركي على الخط يأتي بعد فشل كل هذه المحاولات. وبوادر هذا التدخل تمثلت في التفجيرين الانتحاريين أمام مواقع أمنية داخل العاصمة السورية، كما أنه يتبين من سير الأحداث أن الإدارة الأميركية هي التي تتولى مباشرة إعطاء الأوامر للجهات التكفيرية ولجماعة الإخوان المسلمين، وأنه بعد فشل هذه الجهات ومعها الدول التي تقف وراءها في إسقاط النظام وخرق المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، فهي لجأت إلى هذا الأسلوب الانتحاري اعتقاداً منها أن الشعب السوري يمكن أن يخضع للإرهاب، خصوصاً وأنه شبيه إلى حد بعيد بما كان يفعله الأميركيون في العراق. فالجهات التكفيرية، ومعها قوى أخرى تعمل بموجب الأجندة الخارجية، لم تتصد يوماً للقوات الأميركية التي غزت العراق، بل أن كل عملياتها الإرهابية كانت موجهة إلى الشعب العراقي بكل شرائحه، بهدف تغذية الفتنة الطائفية والمذهبية والقومية، وهذا ما تحاول الإدارة الأميركية مع عملائها أن تنفذه في سورية، وهذا يعني أيضاً محاولة استنزاف عسكري للجيش السوري والقوى الأمنية الأخرى من خلال تنقل العمليات الإرهابية من مكان إلى آخر.

وترى المصادر السياسية، أن المخطط الأميركي بات واضحاً خصوصاً إذا شاهدنا، قبل يوم واحد من حصول التفجيرين الانتحاريين في دمشق حصول عمليات مشابهة في الساحة العراقية، وهذا مؤشر لا يحتاج إلى كثير من التحليل لأن الهدف واضح جداً وهو إضعاف لدور العراق بعد الانسحاب الأميركي منه وبعد أن اتخذت القيادة العراقية مواقف علنية بدعمها لسورية في أزمتها التي تتعرض لها منذ حوالى عشرة أشهر، وهذه المواقف تجلت بما أعلنه رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي من البيت الأبيض وليس من بغداد.

وأوضحت المصادر السياسية بأن المخطط الأميركي ومعه أوروبا وبعض العرب بالإضافة إلى تركيا مستمر، ولكن بأسلحة مختلفة إلى درجة أن بعض الدول العربية ما زالت مصرة على نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي بالتزامن مع الموقف الأميركي والأوروبي الذي يسعى جاهداً إلى أن تكون مبادرة الجامعة العربية من ضمن مشروع القرار الروسي، ولكن روسيا من جانبها تصر على أن العنف لا يأتي من قبل الحكومة السورية فقط ولكن من مجموعات إرهابية مسلحة والمخابرات الروسية تعرف تماماً مصدر السلاح والتمويل لهذه المجموعات، وهي لذلك لا يمكن أن توافق على مشروع لا يكون متوازناً وموضوعياً، ولذلك فإن الموضوع مفتوح على مصراعيه وأن المعركة هي استراتيجية بامتياز والمنطقة كلها على كف عفريت واحتمالات التفجير قائمة، وفي غياب تسوية مع إيران ستبقى المنطقة تعيش حالة اللااستقرار.

السابق
السفير : المراقبون ينتشرون في مناطق ساخنة … ودمشق مرتاحة لعملهم
التالي
يتعاطى بشفافية !!