لبنان وإدارة ثروته النفطية؟

بدأ الكلام عن وجود كميات تجارية من النفط أمام السواحل اللبنانية منذ العام 1947، وعملت إحدى الشركات العراقية حينها على حفر بئر على اليابسة وأهملت بعد أن أصدرت الشركة بيانا تقول فيه: انه لا توجد كميات كبيرة من النفط على اليابســـة، بينما كانت تقنيات التنقيب في البحر غير متطورة عنــد هــذه الشركـــة.

وفي العـــام 1975 قدم د.زياد بيضون رئيس دائــــرة الجيولوجيا في الجامعـــة الأميركية مذكرة الى رئيس الجمهورية سليمان فرنجية، أشار فيها الى معلومـــات مؤكدة عن وجود كميات كبيـــرة من النفط والغاز أمام السواحل اللبنانية، وقد أصدر فرنجية حينها المرســـوم رقم 10537 ينظم آلية التنقيب، إلا أن انـــدلاع الحــرب الأهلية حال دون بدء العمـــل، وقــد طــوي الأمــر.

في مارس 2010، أصدر المعهد الأميركي للبحوث الجيولوجية تقريرا، أشار فيه الى وجود كميات هائلة من النفط والغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط تقدر بأكثر من 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز و1.7 مليار برميل مــن النفــط.

بينما قدرت الشركة النرويجية «P.J.C» وجود أكثر من 8 مليارات برميل من النفط أمام السواحــل اللبنانيـــة، وأشارت الى قـــدرة لبنـــان على جني عائـــدات سنوية منها لا تقل عن 3 مليـــارات دولار.
تسارع الاهتمام بموضوع استثمار الثروة النفطية في لبنان، بعد الإعلان عن اتفاق إسرائيل وقبرص على التنقيب في مياه المتوسط، وبعد الكلام عن التهديدات التركية لكل منهما فيما لو أقدما على استخراج الثروة بدون الأخذ بعين الاعتبار حصة قبرص التركية من هذه الثروة.

المجلس النيابي اللبناني أقر قانون النفط في شهر أغسطس الماضي، وأصدرت الحكومة مرسوم ترسم الحدود البحرية. علما أن القانون الدولي، وعبر اتفاقية أعالي البحار الموقعة عام 1982، تُعطي الدولة المجاورة للبحر حق 12 ميلا بحريا (20 كلم) مياها إقليمية، ومثلها منطقة استثمار اقتصادي، إذا لم تكن هناك دولة منافسة مجاورة على ذات هذه المساحة. وبحسب ترسيم الحدود البحرية، تم الاعتراف للبنان بالحق باستغلال 22 ألف كيلومتر مربع في البحر يوجد في معظمها ثروات من الغاز والنفط.

مجموعة من الشكوك تدور حول قدرة لبنان على إدارة هذه الثروة، وكيفية استغلالها، وهناك تخوف كبير من أن تمنع ـ الخلافات الداخلية، والاختلاف على مرجعية إدارة القطاع، وكيفية استخدام عائداته ـ الاستثمار المثالي لهذه الثروة، خاصة أن وزير الطاقة الحالي جبران باسيل كان يعتبر أن الأمر منوط بوزارته، وبالتالي فهو المخول بالإشراف على هذا القطاع وإدارته، وهذا الأمر لا يمكن التسليم به.

أولا: لأن الأمر يتعلق بثروة وطنية تهم كل اللبنانيين، وثانيا: للشكوك التي تدور حول قدرة باسيل على إدارة هذا الملف بخلفية مهنية عالية، وبترفع عن الحسابات الضيقة.

وقد أقر مجلس الوزراء لجنة وزارية مختصة بملف النفط، وتأخرت إحالة المراسيم التطبيقيــــة الى مجلس الوزراء، بسبب الحرب البــــاردة التي دارت في الخفاء بين القـــوى التي تتشكل منها الحكومـــة، حول رئاسة «هيئة الطاقـــة»، التي تم الاتفاق على أنها هـــي التي ستتولى الإشـــراف على الملف وليس الوزارة المعنية. وتم الاتفاق علــــى أن تكون رئاسة هذه الهيئــــة مداورة، ولعل هذا الاتفاق سيكون المحرك الذي سيدفـــع عجلات الملف ليرى النور، وهذا ما بشر به وزير الطاقة اللبنانيين مع بداية العـــام 2012، بعد أن تمـــت إحالـــة المراسيـــم التطبيقيـــة الى أول جلســـة لمجلــس الوزراء.

هل ينجح لبنان في استثمار وإدارة ثروته النفطية، التي تشكل عائداتها ما لا يقل عن 30% من دخله القومي؟ هذا ما تترقبــه الأوســـاط المتابعـــة.

السابق
سلب مواطن بعد ضربه في الدكوانة
التالي
جائزة الحرية والتقدم لوائل غنيم